التكامل الحكومي شعار يُردَّد منذ الثمانينيات من القرن الماضي، وما زال يُردد حتى اللحظة، وستظل المطالبة بشعار “التكامل الحكومي” قائمة في قادم الوقت؛ لأنَّ المبدأ والأصل هو التغيير والتطور والتقدم إلى الأمام، وليس الثبات والسكون، وكما يُقال سوف نتراجع إن لم نتقدم.
وبالرغم من الجهود الحكومية للتكامل مع بعضها البعض، إلّا أن هناك مجالًا واسعًا ومساحة شاسعة للانصهار والتكامل والانسجام، وأن تكاملهم الآن لم يعد ترفًا أو خيارًا؛ بل حاجة مُلحة لا يمكنها أن تتأجل أكثر من ذلك.
العالم من حولنا في سرعة هائلة من التطور والتغير والتكامل وإعادة التموضع، وإن بحثنا عن سر الخلطة، فلن تجد سرًا إلّا سر وحيد وهو العمل الحكومي كجسد وقلب ولسان واحد. وإذا نظرنا إلى أوضاعنا في عُمان، فلن نجد ما يمنع ذلك، خاصةً وأن كافة عوامل النجاح متوفرة، بدءًا من الإرادة السياسة لسلطان البلاد المُفدى- نصره الله- وبقية عوامل النجاح الأخرى.
وقبل كل خطة حكومية “تكاملية” لا بُد من رصد الأمثلة الناجحة التي قامت بها الحكومة في السابق، وتحديد المواضيع “الخلافية” التي تتقاطع وتتشابك بين جهة حكومية وأخرى، وإيجاد الحلول الابتكارية والاستباقية لسد الثغرات، فإن تم تغطية هذا الثغرات، فسوف تجد بلادنا مئات الفرص الضائعة من هنا وهناك، ولنكن على يقين أنَّ أي فرصة ضائعة، سوف تضيع منها فرص فرعية أخرى في التوظيف والتدريب والتأهيل وتعزيز دور المؤسسات العمانية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة.
حان الوقت ليس لسد الثغرات أينما وُجِدَت، ولكن الأهم من ذلك رصد كل القرارات والإجراءات والتشريعات التي تتصادم مع بعضها البعض، وإزالتها إزالة شاملة؛ إذ إنَّ كُل تقاطع وتشابك يقود إلى خلق معضلات وتعقيدات تنمو مع الأيام، وتقودنا إلى تراجع شاسع وتشوهات وعشوائية تفقدنا البوصلة، مما يرفع من كلفة إصلاح ما أفسدته هذه التعقيدات والتشوهات.
وبالرغم من مطالبة الكثيرين بمزيد من التكامل الحكومي، فعلى الحكومة أن تتفهم هذه المطالبة اللحوحة لعدة اعتبارات؛ وأهمها: المقارنة البينية، خاصة وأننا محاطون بدول متطورة وفي سباق مع الزمن، والطبيعة البشرية التي تُريد لنفسها ولدولتها أن تكون في المقدمة، وكما ذكر أعلاه أن الأصل في الأمور هو التغير والتطور ومواكبة المتغيرات.
القطاعات الاقتصادية من تجارة وسياحة وصناعة وأي قطاع إنتاجي آخر لا بُد من تجميع عوامل نجاحه، لأنَّ نجاحه يعني نجاح عُمان وأهلها، ونجاح ذلك يعني تحويل شعار “التكامل الحكومي” من شعار جميل وبراق، إلى واقع ملموس يُعايشه الجميع.
وأخيرًا.. لا بُد للبرامج الوطنية مثل “استدامة” و”نزدهر” و”رقمنة” و”تنويع” و”تشغيل” أن تعمل جنبًا إلى جنب، وأن ترفع تقاريرها وتوصياتها الصريحة ربع السنوية إلى المقام السامي ومجلس الوزراء، موضحةً فيها الفرص والتحديات والمعوقات لأي تقدم، فلا بُد لرحلة التكامل الحكومي أن تستمر، ومطالبتنا الآن أن تسير بخطى أسرع من أي وقت مضى.
خلفان الطوقي