خطة “تنظيف البيت” من اليهود لم تكن اختراعًا عربيًا، ولم يشارك في تنفيذها فلسطيني واحد، لكن بعض اليهود تعلموا منها كيف ينفذون خطط “إخلاء البيت الفلسطيني” من سكانه الفلسطينيين.
لقد تم وضع هذه الخطة الجهنمية في برلين، خريف عام 1939، بعد نجاح القوات النازية في التهام ثلاث دول أوروبية هي النمسا، تشيكوسلوفاكيا، وبولندا، وأعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا.
وفق الوثائق السرية الألمانية التي استولت عليها قوات الحلفاء بعد هزيمة النازيين واستسلامهم، وكذلك وفق اعترافات قادة النازي في محاكمات نورمبرج.
اشتملت هذه الخطة على القضاء على اليهود البولنديين وطبقة المثقفين ورجال الدين والنبلاء في بولندا، حتى يتسنى السيطرة على الشعب واستغلاله في أعمال السخرة لصالح المحتل.
ولقد ثبت اعتراض بعض الجنرالات الألمان على “تنفيذ” تلك الخطة أثناء وجودهم على رأس قواتهم في بولندا، وطالبوا بتأجيلها لحين تسليم الحكم في الأراضي المحتلة إلى “إدارة مدنية”.
أي أن الجنرالات لم يعترضوا على مبدأ “التصفية”، وإنما على أن يتحمل شرفهم العسكري المسؤولية عن تلك الجرائم البشعة.
وفي يوم 23 سبتمبر 1939، أصدر “هملر” توجيهاته بشأن البدء في عملية “تنظيف البيت”، بحيث تكون على مراحل، تبدأ المرحلة الأولى فيها بتوجيه اليهود للتواجد في مدن محددة (معازل أمنية)، حيث سيسهل ذلك في المراحل التالية عملية تصفيتهم، وإن “الحل النهائي” أي استكمال “تنظيف البيت” سوف يستغرق بضع سنوات، ويجب الاحتفاظ بالسرية المطلقة لهذه الخطة.
أليس ذلك ما يقوم به نتنياهو وجنوده بالضبط؟ حيث يطلبون من أهل غزة الانتقال إلى ما يسمى “مناطق آمنة”، ثم الانقضاض عليهم فيها بكل قسوة في مزارع القتل المجاني؟
إن يهود حركة صهيون يطبقون حرفيًا كل جرائم الحرب التي ارتكبها هتلر ضد المدنيين في الأراضي المحتلة، وإذا كان جنرالات النازي قد واجهوا العدالة الدولية في “نورمبرج”،
فإن الضمير الإنساني يجب أن يقدم نتنياهو وعصابته في أقرب وقت كي يدفعوا ثمن جرائمهم.
معصوم مرزوق