أولا : تعتبر العباءة رمز اجتماعي وأخلاقي وتراثي وفلكلوري في العراق. واحيان كثيرة لها رمزية مهمة ، وتدخل كمفردة مهمة في الثقافة الاجتماعية وثقافة المجالس القبلية والعشائرية وحتى في اللغة الرمزية “الحسچة” .ناهيك ان لها قدسية فمثلا يقولون ( فلانة لم يصل أحد لطرف عباءتها ) يعني انها مستورة وشريفة .ويقول اللائذين من الخوف ومن الايفاء الكبير وغير القادرين على سداده فيأتون لكبير القوم او لشيخ العشيرة أو إلى الغني فيقولون له ( نحن جئنا نلوذ بعباءتك لتحمينا )؟. ويقال عن التواطؤ والتستر ” خليها تحت العباية” . وهناك مثلا احكام اجتماعية مشددة على اسقاط عباءة المرأة من قبل شخص او جماعة . وبالمختصر فالعباءة هي التي تقوم بتغطية الذي لا يراد له الكشف ،وغطاء للستر والسمعة ناهيك انها استعملت لاكمال الهندام .فحتى رجال الدين استهوتهم العباءة ايضا واصبحت جزء من وقارهم ورمزيتهم ايضا فيقولون ( احنا بعباءة السيد ) اي اللوذ بها من الخوف ومن كثرة الذنوب !
ثانيا : وعندما تثقب العباءة او تُشق يقومون بريافتها ” اي بخياطة المسافة المحروقة او المهترئة أو الممزقة ” لكي تبقى سليمة المنظر . وكلما يحصل التلف او الشق يقومون بريافتها !
ثالثا : واليوم نتكلم بطريقة التشبيه والتوظيف عن العملية السياسية في العراق وعباءة الطبقة السياسية التي كل يوم وكل اسبوع وكل شهر مفتوگة ويصار إلى ريفاتها منذ ٢٠٠٣ وحتى الآن . بحيث اصبحت عباءة كريهة المنظر وبالية ومخجلة .ولكن جماعة الطبقة السياسية متمسكين بها رغم لم يبق بها مكان إلا وتعرض للحرق او التلف او النتل او الشق أو الاهتراء .وفقط بقي سالم منها ( تزيين الرقبة ) يعني اصبحت اسمها عباءة .ولكنها باتت لا تنتمي إلى العباءات اطلاقاً .وليس لها اي سعر يُذكز لانها اصبح منظرها مخجل و( مرگعه) ولم يستنكف مرتديها لانهم ادمنوا وعشقوا هذه العباءة الممزقة والبالية والمرگعة !
رابعا: ولو جئنا للحقيقة فكتف العراق لا تليق به هذه العباءة على الإطلاق. بل تليق به العباءة الراقية والتي تحاك من خيوط ” البرسيم ” لكي يفتخر بها العراق. والنتيجة لابد من رمي هذه العباءة التي شوهت منظر العراق واعطت انطباع بأن الشعب العراقي شعب بلا ذوق وبلا هندام ويكره التجديد والخشخة !
د. سمير عبيد
٦ آيلول ٢٠٢٤