الحوار / نيوز
أعتبرُ السيد جوزيف بوريل ،منسق السياسة الخارجية الاوربية ، ونائب رئيس المفوضية الأوربية في بروكسل ، ثالث او رابع شخصيّة سياسيّة ودبلوماسية في العالم ،بعد قادة المقاومة والرئيس أوردوغان ،في تبني وعلناً تصريحات استنكار وادانة لإسرائيل ،لما ترتكبه من جرائم و اعتداءات في غزّة و الضفة والمنطقة .
عَزمَ الرجلُ على زيارة مصر و لبنان ، للتداول في ما يجري في غزّة والمنطقة ومحور فلاديلفيا ومعبر رفح وملفات لبنان ،وما اكثرها واعقدها .
نصحه مستشاروه بألا يستثني اسرائيل من الزيارة ،وهي الطرف الآخر المعني بكل ما ذُكرْ ، وطمأنوه إلى أحتمال كبير برفض إسرائيل للزيارة ،لأنهم يعرفون تماماً موقفه من إسرائيل ،وعدم رغبته زيارتها واللقاء بنتنياهو وغيره ، ويعرفون ايضا بأن إسرائيل لا تكن له الود ولا تريد زيارته . وهذا ما حصل فعلاً ،حيث رفض وزير خارجية الكيان المحتل السماح للسيد بوريل بزيارة إسرائيل ، وعلى اثر ذلك ،اعلن مكتب المنسق العام للشؤون الخارجية ، اليوم الخميس 2024/9/12 ، الغاء الزيارة .
ماذا كان تصريح السيد بوريل ،في مؤتمره الصحفي عقب لقائه وزير خارجية جمهورية مصر العربية ،قبل يومين ؟
قال: ” سبب تعذر الوصول إلى اتفاق لوقف الحرب في غزّة هو إفلات منفذيها من العقاب ” .
قال ايضاً : ” اقتربنا من ذلك ( ويقصد وقف إطلاق النار في غزة ) ، لكننا لم نصل بعد ، لماذا؟.زالأمر بسيط للغاية ،لأن من يشنون الحرب ليس لديهم مصلحة بوضع حدٍ لها ،ولأن تعنتهم مصحوب بإفلات تام من العقاب ، و افعالهم لا يترتب عليها عواقب ” . ( انظر رأي اليوم ،جريدة إلكترونية ، تاريخ 2024/8/12 ) .
شارك السيد بوريل في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية ،في القاهرة ، بتاريخ 2024/9/10 ، وقال ” ان حكومة نتنياهو تجعل من حلْ الدولتين امراً مستحيلاً ” .
تجدر الاشارة إلى ان وزير خارجية الكيان المحتل دعا ،في آذار الماضي ،السيد جوزيف بوريل للكف عن انتقاد إسرائيل ، وذلك رداً على تصريح له قال فيه ” ان إسرائيل تستخدم الجوع سلاحاً وتمنع دخول المساعدات إلى غزة ” .
في لقاءاته ،اليوم ،2024/9/12 ، مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي و مع رئيس البرلمان نبيه بري ، ووزير الخارجية عبد الله ابو حبيب ، ادانَ بوريل القتل الوحشي المتعمد للأطفال والنساء في غزّة ، وقال ” ليس هناك امن دون الغاء الاحتلال ” و ان الحرب في غزّة خطر وتهديد لأمن المنطقة ، ويجب اقامة الدولة الفلسطينية.
زيارة بوريل لمصر ولقاؤه الرئيس السيسي ،في هذا الوقت ، تُعّبر عن تفهّم اوروبي ،وحتى تضامن أوروبي مع موقف مصر الرافض لاحتلال اسرائيل لمحور فلاديلفيا ، و نقض إسرائيل لبنود الاتفاقيات مع مصر حول المحور والحدود والمعابر ( اتفاقيات كامب ديفيد 1979 ، و الاتفاق الملحق حول المحور عام 2005 ) .
ما يُزعج نتنياهو و يجعله لا يُرحب بمجيء جوزيف بوريل إلى إسرائيل ،بل لا يطيق رؤيته و مصافحته ،ليس فقط تصريحات السيد بوريل ،و انما جهوده والاتحاد الأوروبي في دعم حلْ الدولتين ،وجهودهم في الاستعجال بإزاحة نتنياهو و دعم شخصية فلسطينية جديدة لتتصدر المشهد، وهو السيد ناصر القدوة ،و اخرى اسرائيلية وهو ايهود أولمرت . وقد اشرنا في مقال سابق نُشرِ في هذه الصحيفة وفي صحف و مواقع اخرى ، إلى جهود عملية اوروبية واجتماعات لطرح مشروع جديد لفلسطين قوامه هاتين الشخصيتين (انظر مقالنا السابق بعنوان ، سيناريو جديد لفلسطين بوجوه جديدة ،بتاريخ 2024/8/30) ، والتخلص ،في اقرب وقت ،من حكومة نتنياهو .
موقف و تصريحات بوريل ، تجاه إسرائيل ، تعبّر ،بكل تأكيد عن موقف الاتحاد الأوروبي ، بالرغم من تردّد بعض الدول الأوروبية في توجيه ادانة او استنكار لما تقوم به إسرائيل .
هل للموقف الأوروبي تأثير على إسرائيل ؟
كلا … لذلك تتمادى إسرائيل في تجاهلها وعدم اعتبارها للتصريحات او المواقف السلبية التي يتبناها بعض الشخصيات الاوروبية او تتخذها بعض الدوائر السياسية الاوروبية . ما يهمُ إسرائيل، امريكا و دعمها اللامحدود في المال و السلاح والمواقف الاممية .
وبعكس موقف اسرائيل تجاه اوروبا ، نجد ايجابية العلاقات العربية الاوروبية ، و ضرورة تعزيزها ،على صعيد العلاقات الثنائية العربية الاوروبية ( دول مع دول ) ، وعلى صعيد الجامعة العربية و الاتحاد الأوروبي . فالجانبان العربي والأوروبي لهما مصلحة كبيرة في استقرار و ازدهار ضفتي البحر الأبيض المتوسط .
د. جواد الهنداوي