الأمم المتحدة تسمع بأذن أمريكا والدول الاستعمارية: كيف يدعون أنهم حماة حقوق الإنسان؟تعتبر الأمم المتحدة إحدى المنظمات الدولية الأساسية التي تعمل على تعزيز الاستقرار والسلم العالميين، وهي تحمل في طياتها شعارات سامية حول حقوق الإنسان والتنمية المستدامة. ومع ذلك، تثار العديد من الأسئلة حول مدى استقلالية هذه المنظمة وحيادها، خصوصاً فيما يتعلق بتأثير الدول القوية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، والعديد من الدول الاستعمارية السابقة.
الهيمنة الأمريكية وتأثيرها على الأمم المتحدة :
منذ تأسيسها في عام 1945، كانت الولايات المتحدة تشغل دوراً محورياً في توجيه سياسات الأمم المتحدة. تصور البعض أن هذه الهيمنة قد تكون ضرورية للمحافظة على النظام الدولي، لكن في الواقع، غالباً ما تُستخدم تلك الهيمنة لدعم مصالحها الجيوسياسية. الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وشبه الجزيرة الكورية تبين كيف أن التدخلات الأمريكية تُغض الطرف عن القيم الإنسانية التي تتظاهر الدول الكبرى بأنها تدافع عنها.
الدول الاستعمارية السابقة ودورها في تسييس حقوق الإنسان :
تاريخياً، تعود جذور العديد من الدول الاستعمارية إلى عصور الاستعمار. وعلى الرغم من أنه تم إنهاء الاستعمار بشكل رسمي في معظم الدول، لا تزال تأثيراته قائمة. هذه الدول تحافظ على نفوذها السياسي والاقتصادي عبر بوابة حقوق الإنسان، مستغلة مبدأ التدخل الإنساني لدعم سياستها الخارجية. تُظهر الكثير من المواقف اتخاذها إجراءات ضد دول معينة بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان، في حين أنها تتجاهل انتهاكات مماثلة تحدث في دول حليفة.
ازدواجية المعايير :
أصبح الحديث عن حقوق الإنسان مُراقَبا بشكل مُختلِفٍ من قِبَل القادة في هذه الدول. فعندما يتعلق الأمر بدول لديها علاقات استراتيجية، يُنظر إلى انتهاكات حقوق الإنسان بشكل مختلف. يُظهر هذا واضحاً الازدواجية في المعايير التي تتبعها الأمم المتحدة والدول الكبرى، حيث تُختار الأهداف بناءً على المصالح السياسية بدلاً من الالتزام الحقيقي بقضايا حقوق الإنسان.
تداعيات هذه السياسات على العالم :
تظهر التأثيرات السلبية لهذه السياسات في تنامي عدم الثقة في المنظمات الدولية واستفحال الأزمات الإنسانية في بعض الدول. استمرار السياسات الاستعمارية المتخفية تحت غطاء حقوق الإنسان يساهم في تفاقم الصراعات ويعوق جهود السلام والتنمية.
الخاتمة :
إن الحديث عن حقوق الإنسان من قبل الولايات المتحدة والدول الاستعمارية يبقى مستمراً، ولكن يجب أن يكون مصحوباً بنقد داخلي لسياساتهم وفهم عميق لتاريخ الاستعمار وآثاره. يبدو أن الأمم المتحدة، بدلاً من أن تكون جسمًا محايدًا يدافع عن حقوق الجميع، قد تحولت إلى منصة تُستخدم لتحقيق مصالح القوى الكبرى. لذا، فإن التحدي الأكبر هو إعادة بناء الأمم المتحدة كمنظمة حقيقية تمثل جميع الدول وتعمل من أجل تعزيز العدالة والكرامة الإنسانية بشكل فعّال.
د. جملات عبدالرحيم