يشهد سوق العمل في عُمان تحديات كبيرة تتطلب اتخاذ خطوات جادة نحو إصلاح سياسات التوظيف في القطاع الخاص، وخاصة فيما يتعلق بالمناصب القيادية. فمع استمرار تزايد عدد الباحثين عن عمل، الذي يتجاوز 100 ألف مواطن، حسب الاحصاءات الرسمية تبرز ضرورة وضع إطار واضح لحوكمة التوظيف في تلك المناصب، بما يضمن تحقيق العدالة في توزيع الفرص وتوجيهها للكفاءات الوطنية المؤهلة.
من خلال متابعتنا الدقيقة لهذا الملف، يتبين أن بعض المؤسسات الكبرى في قطاعات مختلفة مثل المصارف، النفط، النقل، والطيران، وقطاع الاتصالات واللوجستي تلجأ إلى توظيف الوافدين برواتب فلكية لشغل مناصب قيادية، في حين أن هناك كفاءات عمانية قادرة على ملء هذه الأدوار بكفاءة. خاصة ونحن نتحدث على مضي ٥٥ سنة على النهضة المباركة ، هذا التصرف الذي اعتبره شخصيا بقرار غير مدروس لاعطاء الوافد فرصة عمل بمنصب قيادي في اعتقادي لا يسهم فقط في زيادة الفجوة بين الباحثين عن عمل والفرص المتاحة، بل يعرقل أيضًا الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز دور الكوادر العمانية في قيادة الاقتصاد الوطني.
وكوننا صحفيين نراقب عن كثب هذا الملف المهم، فقد نما إلينا معلومات موثوقة تشير إلى أن بعض هذه المؤسسات تعتمد على التوظيف المباشر لغاية في نفس يعقوب دون اللجوء إلى الدوائر المعنية أو احترام قواعد الشفافية والمنافسة العادلة. وكأن هذه المؤسسات تُدار كممتلكات خاصة، حيث تُعيَّن الشخصيات القيادية بناءً على العلاقات الشخصية وليس الكفاءة. هذا النهج يثير التساؤلات حول مدى التزام هذه الشركات بمسؤولياتها الاجتماعية والوطنية.
ما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو أنني وقفت على حالات عديدة من الوافدين الذين تم توظيفهم برواتب عالية ومنحهم مميزات استثنائية، تفوق حتى ما قد يحصلون عليه في بلدانهم. في الوقت نفسه، لا يمكننا أن نظل صامتين ونتفرج بينما أبناء الوطن يقفون في طوابير طويلة بحثًا وانتظارا للوظيفة التي تذهب للوافد رغم أنهم درسوا وتخرجوا من أعرق الجامعات العالمية.
هنا احب ان اشير الا اننا لسنا ضد تعيين الوافدين وان الامر لا يتعلق برفض توظيف الوافدين، فنحن ندرك تمامًا أننا لا نزال بحاجة إلى خبرات وكفاءات في بعض المجالات التي لا تتوفر محليًا. ولكن يجب أن تكون هذه التعيينات مستندة إلى الحاجة الفعلية والجدارة، وليس المحاباة أو المصالح الشخصية.
في هذا السياق، نوجه رسالة إلى صناع القرار في كافة القطاعات بضرورة تبني سياسات حوكمة صارمة تضمن الشفافية في التوظيف، وخاصة في المناصب القيادية. ونرى انه يجب أن يُعطى الأولوية للكفاءات العُمانية التي تمتلك القدرات والخبرات اللازمة لإدارة هذه المؤسسات، مع وضع آليات رقابة تضمن التزام الشركات بمعايير الشفافية والعدالة.
في الختام اقول إننا بحاجة إلى مبادرة وطنية جادة تهدف إلى تصحيح هذا المسار، وهنا اضع هذا الاقتراح على المعنيين بوضع خطة وطنية للقضاء على مشاكل الباحثين على أن يكون العام المقبل 2025 هو نقطة تحول حقيقية في تعزيز دور العمانيين في قيادة القطاع الخاص. كما يجب أن تركز الجهود على استقطاب الاستثمارات التي تساهم في خلق فرص عمل جديدة وتدريب الشباب العماني، بما يعزز من مشاركتهم الفاعلة في الاقتصاد الوطني.
حمود بن علي الطوقي