انتقل إلى رحمة الله الشاعر العُماني الكبير زاهر الغافري، عن عمر يناهز 68 عامًا بعد صراع طويل مع المرض تاركًا خلفه إرثًا شعريًّا غنيًّا ومتنوعًا، وهو من مواليد عام 1956 .
نشأ زاهر وتشرّب حبّ الشعر والأدب منذ صغره في قرية سرور بولاية سمائل بمحافظة الدخلية، وتأثرت شخصيته وشعره ببيئة قريته البسيطة، وحنينه الدائم إلى جذوره العُمانية حيث انتقل الغافري للعيش في العديد من الدول العربية والأوروبية، ما أثرى تجربته الحياتية والفكرية، ووسع آفاقه الثقافية.
درس الفلسفة في جامعة محمد الخامس بالرباط، الأمر الذي ترك بصمة واضحة على تفكيره النقدي وأسلوبه الشعري.
بدأ الغافري مسيرته الشعرية متأثرًا بالشعر الكلاسيكي العربي، ثم انتقل إلى تجريب أشكال شعرية حديثة، خاصة قصيدة النثر التي أبدع فيها.
تميز شعره بالتنوع والغنى اللغوي، واستخدامه للصور الشعرية القوية، والتعبير عن هموم الإنسان المعاصر.
ومن أبرز أعماله “أظلاف بيضاء” و”الصمت يأتي للاعتراف” و”أزهار في بئر” و”في كل أرض بئر تحلم بالحديقة” و”حياة واحدة، سلالم كثيرة”.
ويتسم شعر الغافري بتنوع الإيقاعات الشعرية، حيث استخدم لغة بسيطة وواضحة في الوقت نفسه. كما استخدم صورًا شعرية قوية ومبتكرة، تعكس رؤيته الفنية للحياة.
تناول الغافري في شعره قضايا الإنسان المعاصر، مثل الهوية، والحنين إلى الماضي، والبحث عن المعنى.
وتمكن من التوفيق بين التراث العربي والحداثة في شعره، حيث استخدم عناصر من التراث العربي في قالب شعري حديث.
ترك الغافري بصمة عميقة في المشهد الشعري العربي، فكان أكثر من مجرد شاعر.
كان رحالة، فنانًا، وفيلسوفًا وجسد في شعره تجربة العيش في عالم متعدد الثقافات، متناقض، وجميل في آن واحد. وكان شعره مرآة متأرجحة بين الحنين إلى الماضي والتطلع إلى المستقبل، بين الألم والفرح، وبين الخصوصية والكونية.
رحل الشاعر زاهر الغافري عن دنيانا تاركًا خلفه إرثًا شعريًّا غنيًّا، وسيظل رمزًا حاضرًا في ذاكرة الأدب العُماني والعربي.
/العُمانية/