افتتح النادي الثقافي اليوم فعالية “العطر في سلطنة عُمان” تحت رعاية سعادة السّيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة وتستمر يومين بمقر النادي بالقرم.
تتضمن الفعالية مجموعة من البرامج أبرزها ندوة بعنوان “تاريخ العطر في عُمان” بمشاركة نخبة من الباحثين العُمانيين المتخصصين، وحلقات عملية في صناعة البخور والعطور، وأمسيتان شعريتان، ومعرضًا تسويقيًّا تحت عنوان” استثمار العطر في عُمان” ومعرضًا للفنون التشكيلية عنوانه “عطر الألوان”.
ويهدف النادي الثقافي من هذه الفعالية إلى تعزيز التراث الثقافي عبر إبراز تاريخ العطور التقليدية واستخداماتها في الثقافة العُمانية، وتسويق المنتجات المحلية من خلال دعم الحرفيين المحليين والمصنعين، وتعريف الزوار بالمنتجات العطرية العُمانية، وفنون صناعة العطور والبخور والزيوت العطرية وتقاليدها، إضافة إلى التركيز على استخدام المواد الطبيعية والمستدامة في صناعة العطور.
وقدم الدكتور محمد بن علي البلوشي أستاذ علم الآثار ودراسات التراث بجامعة السُّلطان قابوس ورئيس مجلس إدارة النادي الثقافي في ندوة “تاريخ العطر في عمان” ورقة عمل بعنوان “العطر في التراث الأثري العُماني” وركّز على حضور العطر في ثقافات عُمان القديمة وبالتحديد في مراحل ما قبل التاريخ.
واستعرض أيضًا الأدلة الأثرية ذات العلاقة بالعطر التي تم اكتشافها في المواقع الأثرية المنتمية للعصر البرونزي، والأدوار التي يمكن أن تقوم بها الدراسات الأنثربولوجية الأثرية والإثنوجرافية في تعميق فهمنا لثقافة العطر في عُمان قديما.
وأشار الدكتور محمد بن علي البلوشي إلى أن أقدم الأدلة على استخدام العطر في العصر البرونزي في عُمان وعاء عثر عليه في موقع (الميسر -6) في وادي سمد (2200 ق م)، ومبخرة مكتملة وكسر من مبخرتين اكتشفت في (رأس الجنز ( RJ2 ( 2270 – 2143 ق م) ، ومبخرة مكتملة اكتشفت في دهوى (DH1) بولاية صحم (2400 ق م)، ومبخرة مكتملة اكتشفت في قميرة بضنك ولا تزال قيد الدراسة.
من جانبه قال الدكتور حسين بن علي المشهور باحث في التاريخ العُماني في ورقة عمله بعنوان “تجارة اللبان وتأثيرها في حضارة عُمان” إن المتتبع للأقطار والأمصار يلحظ مزايا كل بلاد، سواءً الجغرافية أو الاقتصادية أو الطبيعية أو المناخية، وتتشكل من هذه الميّزات الملامح الحضارية والأبعاد الثقافية لكل جهة، وتُسهم بشكل وآخر في بناء المكانة الاقتصادية والحضارية لكل إقليم وبلد.
أضاف أنه في ظفار على سبيل المثال لا الحصر ارتبط اللبان بتجارة الإنسان، وحضارة المكان، عبر الزمان، وتكاد تجمع أغلب المصادر التي أشارت إلى المنطقة على ربط هذا الإقليم باللبان والعطور والبخور عندما يتم التعريف به في معاجم الألسن وفهارس التاريخ وروزنامات البحّارة وتقييدات الرحّالة.
ووضح أن للعطر دورًا بارزًا للتواصل الحضاري مع العالم القديم، وكانت المواد التي تدخل في صناعة العطر والطيب أبرز الصادرات لتوافرها في هذه البلاد، وندرتها وقلتها في البلاد الأخرى مشيرا إلى أن اللبان كان فيما مضى بخور الحضارات وعطر العالم القديم، وأحد أكثر السلع التجارية رواجا وانتشارا لتعدد استخداماته وقلة المعروض منه قياسا على الطلب.
وتناول الدكتور جمال بن ناصر الصباحي من كلية العلوم الزراعية والبحرية بجامعة السلطان قابوس في ورقة عمل بعنوان “النباتات العطرية في عُمان” دور مختبر الأجهزة المركزي بجامعة السُّلطان قابوس في دعم البحوث العلمية والمشروعات الناشئة، والتعريف بالنباتات العطرية في عُمان، والطرق التقليدية في استخدام هذه النباتات، وطرق استخلاص الزيوت العطرية، والجدوى الاقتصادية للزيوت المستخرجة من النباتات العطرية في عُمان.
وذكر أن عدد النباتات في سلطنة عُمان بلغ 1457 نوعًا منها 440 نباتًا طبيًّا بعضها عطري يحتوي على زيوت مختلفة مركباتها ونسبها وأماكن تواجدها في النباتات بحسب صنفها، مشيرا إلى أن تواجد العديد من هذه النباتات العطرية والطبية في حقول النخيل التي تسقى بطريقة الري التقليدي.
من جانبها تطرقت الدكتورة فاطمة بنت أحمد الراعية رئيسة لجنة صاحبات الأعمال بغرفة التجارة والصناعة بمحافظة ظفار عبر ورقة عملها بعنوان “رحلة صناعة البخور” إلى مسيرتها وبداياتها في مجال صناعة البخور والعطور، والمواد والمكونات الرئيسة والإضافية المستخدمة في صناعة البخور والعطور.
وتختتم الندوة غدا الأربعاء بمشاركة سماء عيسى الذي سيتحدث عن العطر في الأساطير والحكايات الشعبية العُمانية، فيما ستتطرق الدكتورة فاطمة الشيدية عن العطر في الشعر العُماني الحديث، ويتناول محمد الشحري العطر في الرواية العُمانية، وسيعرج يونس البوسعيدي على العطر في الأدب العُماني القديم.
/العُمانية/