الذكري صارت ليومين مميزين سيتذكرهما العرب دائما ، جيلا بعد جيل ، وهما السادس والسابع من اكتوبر ..
ولكن لابد أن يجتهد العقل العربي لإيجاد حل لمعضلة التفوق الجوي الصهيوني ، هجوماً ودفاعاً .
تكتيكيا في الوقت الحالي، يمكن لأفكار جريئة أن تنقل المعارك لأرض العدو ، بما يتيح التداخل مع قواته و / أو تجمعاته البشرية إذا أمكن ذلك لضمان تحييد قواته الجوية.
من خلال إغارات متنوعة تشبه عملية “طوفان الأقصي ” ، وتؤدي إلي اختلال توازن العدو.
وتتبقي معضلة الدعم الأمريكي الأعمي لجرائم الصهاينة ، وهي تتطلب حلولا أخري أكثر تعقيدا ، ولكن قد يكون أبرزها أن تدفع أمريكا أثمانا باهظة لذلك الإنحياز ، علي أساس أنها شريك فعلي في ذبح المواطن العربي في كل مكان ، قبل وبعد مذابح الشعب العراقي عام 2003.
لا ينبغي الإقتصار علي وحدة جهود المقاومة ، بل يجب التحرك الفعلي لتوسيع جبهة المقاومة ( عسكريا ودبلوماسيا وإقتصاديا ) ، لأن الأهداف الصهيونية لا تقتصر علي فلسطين ولبنان ، وإنما تهدف إلي تركيع العالم العربي كله ، بأسلوب متدرج وفق إستراتيجية ” القضمات ” أو “الخرشوفة ” التي يتم الوصول إلي عمقها بعد نزع قشرتها واحدة تلو الأخري ، وفي القلب الهدف الأسمي وهو ” مصر ” بلا أي شك ، وهو ما عاد الصهاينة يبذلون جهدا لإخفائه ، لقد خرجت خرائطهم الحقيقية من أدراج خداعهم ، ويتحدثون صراحة عما كان يطلق عليه هتلر ” ليبنسرايوم ” أو “lebensraum” ، أو المساحة التي يجب الحصول عليها لإتاحة توسع الدولة.
ولعل ذلك ما يفسر ما ذكره المرشح الرئاسي الجمهوري في أمريكا ” دونالد ترامب ” مؤخرا ، بأن ” مساحة إسرائيل الحالية صغيرة جدا ” ، وهو في ذلك لا ينطق عن الهوى ، وإنما بوحي واضح من الحركة الصهيونية العالمية التي تمتلك نفوذا واضحا علي كل رؤساء أمريكا .
” ليبنسرايوم ” الصهيونية تعني أراض عربية تمتد من العراق إلي وادي نيل مصر ، وكل شمال الجزيرة العربية ، علي أن يتحول سكان تلك المناطق إلي عبيد للمشروع الصهيوني ، أو يد عاملة رخيصة كما عبرت عن ذلك افكار شيمون بيريز ونتنياهو صراحة في كتبهم ، وكما سبق لهتلر أن وضعه في كتابه الشهير ” كفاحي” الذي لم يقرأه قادة الغرب في التوقيت المناسب ، أو قرأوه ولم يفهموه أو استهانوا به وهرولوا يطبعون معه في ميونيخ، كي يشتروا سلامه ويأمنوا شره ، ودفعت شعوب أوروبا ( والعالم ) ثمنا دمويا باهظا لذلك .
لن يحترم العالم حقنا في الوجود ، إلا إذا عرفنا كي ندافع عن هذا الحق بكل ما نملك من وسائل وإمكانيات ، وهي كثيرة ومتنوعة .
لقد أذل المخطط الفيتنامي أمريكا ، دبلوماسيا وعسكريا ، وتحقق له النصر ، بعد أن دفع ثمن الحرية ، وهو ما فعله شعب الجزائر مع الفرنسيين ، وما فعله الفرنسيون ضد المحتل النازي ، وما فعله الأمريكيون ضد بريطانيا العظمي …وما فعله الجندي المصري في أكتوبر 73 ، حين تغلب علي معضلة خط بارليف التي أعجزت خيال كل العسكريين في العالم ، ومعضلة التفوق الجوي ، وتفوق سلاح المدرعات الصهيوني ..إلخ .
أن النصر قادم ، شريطة أن نوظف كل الإمكانيات والقدرات العربية كي نحول دون هيمنة الإستعمار الصهيوني علي المصير العربي كله ، وليس في فلسطين ولبنان فحسب .
معصوم مرزوق