تعتبر الطعون بالنقض من الآليات القانونية الحيوية التي تضمن تحقيق العدالة وتطبيق القانون بصورة صحيحة، في النظام القانوني الكويتي، تُعنى محكمة التمييز بمراقبة أحكام محاكم الموضوع للتأكد من سلامة تطبيق النصوص القانونية على الوقائع المعروضة، ورغم أن هذه المحكمة تركز على الجوانب القانونية البحتة، فإنها تواجه تحديات تتعلق بالمسائل الموضوعية التي تتطلب تحقيقاً إضافياً.
وتبرز هذه التحديات أهمية تحديد الوقائع الصحيحة التي يمكن الإشارة إليها في الطعون، فضلاً عن تمييز ما إذا كانت هذه الوقائع تتطلب تحقيقاً موضوعياً يدخل ضمن اختصاص محكمة الموضوع، سنستعرض في هذا السياق القواعد القانونية المرتبطة بالطعن بالنقض وأبعادها القانونية، مع تسليط الضوء على كيفية تعامل محكمة التمييز مع المسائل الموضوعية والإجراءات اللازمة لتحقيق العدالة.
إن المحكمة العليا في الكويت تُعتبر محكمة قانون تهدف إلى ضمان سلامة تطبيق الأحكام الصادرة عن محاكم الموضوع وفقاً للقانون، ويتجلى ذلك من خلال رقابتها على كيفية تطبيق محاكم الموضوع للنصوص القانونية على الوقائع والقضايا التي تم الحكم فيها، وبناءً عليه، يتعين على الطاعن بالنقض ألا يثير في طعنه أي وقائع أو مسائل موضوعية إلا في حالة استدلاله على مخالفة الحكم المطعون فيه عند تطبيقه للقانون على المسألة الموضوعية أو الواقعية، أو عند وجود خطأ في تطبيق القانون على هذه المسائل.
فالمحكمة العليا في الكويت تُعتبر محكمة قانون تهدف إلى ضمان سلامة تطبيق الأحكام الصادرة عن محاكم الموضوع وفقاً للقانون، ويتجلى ذلك من خلال رقابتها على كيفية تطبيق محاكم الموضوع للنصوص القانونية على الوقائع والقضايا التي تم الحكم فيها، وبناءً عليه، يتعين على الطاعن بالنقض ألا يثير في طعنه أي وقائع أو مسائل موضوعية إلا في حالة استدلاله على مخالفة الحكم المطعون فيه عند تطبيقه للقانون على المسألة الموضوعية أو الواقعية، أو عند وجود خطأ في تطبيق القانون على هذه المسائل.
وعليه، فإن أي تعليقات أو ملاحظات على هذا الحكم يجب أن تُبنى على الأسس القانونية المذكورة أعلاه، مع مراعاة الاختصاصات المحددة لكل من محاكم الموضوع والمحكمة العليا في معالجة القضايا المطروحة.
بالتالي، إن الطبيعة القانونية للطعن بالنقض أمام محكمة التمييز في الكويت تستند إلى أحكام قانون المرافعات، عند التأمل في حالات الطعن بالنقض المحددة في المادة (292) من قانون المرافعات الكويتي، نجد أن جميعها تتسم بطابع قانوني واضح. تنص المادة (292) على أن “يجوز للخصوم الطعن أمام محكمة التمييز في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية التي لا تقبل الطعن بالاستئناف في الحالات الآتية:
1- إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله، أو إذا لم يُبين الأساس الذي بُني عليه الحكم.
2- إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم، أو إذا كان منطوق الحكم مناقضًا بعضه لبعض.
3- إذا تم الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه.
4- إذا تعارض حكمان نهائيان في دعويين اتحد فيهما الخصوم والموضوع والسبب.
ومن خلال تحليل هذه الحالات، يتضح أن جميعها مسائل قانونية بحتة. فمخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله هي بطبيعتها مسائل قانونية تتعلق بطريقة تطبيق النصوص القانونية على الوقائع. كما أن بطلان الإجراءات هو أيضاً مسألة قانونية، لأن الإجراءات الباطلة هي تلك التي نص القانون على اعتبارها كذلك، أو التي تمت بما يخالف النصوص القانونية ذات الصلة، كذلك، يعتبر تناقض الحكم أو عدم ذكر الأساس القانوني أو الحكم بما لم يُطلب من الخصوم، وأيضاً التعارض بين الأحكام النهائية في دعاوى متحدة الخصوم والموضوع والسبب، كلها أمور تتعلق بأخطاء قانونية واضحة.
وبناءً على ذلك، يمكن القول إن حالات الطعن بالنقض، كما وردت في المادة (292) من قانون المرافعات الكويتي، هي في مجملها مسائل قانونية تهدف إلى ضمان تطبيق صحيح وسليم للقانون.
بالتالي، إن الهدف من الطعن بالنقض أمام محكمة التمييز في الكويت يتمثل في مراجعة الأحكام الصادرة من محاكم الموضوع من خلال فحصها والتأكد من سلامة تطبيق القانون، ووفقاً لأحكام المادة (292) من قانون المرافعات الكويتي، تم تحديد حالات الطعن بالنقض على سبيل الحصر، وهي مسائل قانونية بطبيعتها، وعلى الرغم من أن الغاية المباشرة للطاعن بالنقض هي إلغاء الحكم الذي لا يصب في مصلحته، إلا أن الطعن بالنقض يمثل أداة قانونية مهمة لضمان اتصال محكمة التمييز بالمخالفات القانونية أو الأخطاء التي قد تطرأ على الأحكام المطلوب نقضها.
ومن خلال هذا الإجراء، تتمكن محكمة التمييز من ممارسة سلطتها الرقابية على أحكام محاكم الموضوع للتحقق من مدى التزامها بأحكام القانون، باعتبارها محكمة قانون، تتولى محكمة التمييز النظر في هذه الطعون بغية تصحيح أي أخطاء قانونية قد تكون قد وقعت فيها محاكم الموضوع، سواء في تفسير أو تطبيق القانون.
بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر الطعون بالنقض وسيلة إرشادية لمحكمة التمييز، حيث تسلط الضوء على مواطن الخطأ أو المخالفات القانونية التي قد تكون شابت الأحكام السابقة، وهذا الإجراء يعزز من ترشيد أحكام محاكم الموضوع ويوفر رقابة قانونية فعالة، مما يساهم في تحقيق العدالة وضمان أن تكون جميع الأحكام متماشية مع نصوص القانون.
لذا، فإن الحق في الطعن بالنقض أمام محكمة التمييز يُعتبر من أهم الضمانات الأساسية لتحقيق محاكمة عادلة، حيث يتيح للأطراف المتضررة وسيلة قانونية فعالة لتصحيح الأخطاء وضمان التزام المحاكم الأدنى بتطبيق القانون بصورة صحيحة وعادلة.
وفي الطعن أمام محكمة التمييز الكويتية، يجب أن يقتصر الطاعن على المسائل القانونية دون التطرق إلى الوقائع أو المسائل الموضوعية إلا إذا كانت تلك الوقائع ضرورية للاستدلال على خطأ المحكمة في تطبيق القانون، كما أن ذكر الوقائع في هذا السياق يعد وسيلة لبيان كيف أخطأ الحكم المطعون فيه في تفسير أو تطبيق القانون على تلك الوقائع، هنا محكمة التمييز لا تتدخل في تقدير الوقائع بحد ذاتها، وإنما تتمثل وظيفتها في الرقابة على مدى سلامة تطبيق القانون.
لذلك، لا يمكن لمحكمة التمييز أداء دورها الرقابي إلا إذا أشار الطاعن في طعنه إلى الوقائع المثارة أمام محكمة الموضوع وبيّن كيف أخطأ الحكم في تطبيق النصوص القانونية المتعلقة بها. هنا تبرز أهمية التمييز بين ما هو من اختصاص محكمة الموضوع وما هو من اختصاص محكمة التمييز، حيث تتولى هذه الأخيرة النظر في مدى تطابق تطبيق القانون مع الوقائع التي عُرضت أمام محكمة الموضوع.
وفي هذا السياق، يتعين على الطاعن أن يوضح الواقعة المثارة ويشير إلى النص القانوني الذي يعتقد أن المحكمة أخطأت في تطبيقه، هذا الإجراء يعزز من دور محكمة التمييز في تصحيح الأخطاء القانونية التي قد تقع فيها المحاكم الأدنى، ويضمن تطبيق القانون بشكل صحيح بما يحفظ حقوق الأطراف ويحقق العدالة المنشودة.
وفي الطعن أمام محكمة التمييز الكويتية، لا يجوز للطاعن إثارة المسائل الموضوعية التي تتطلب تحقيقاً موضوعياً، حيث إن هذا النوع من التحقيق يدخل ضمن اختصاص محكمة الموضوع، محكمة التمييز، باعتبارها محكمة قانون، لا تستطيع التحقيق في الوقائع الموضوعية المطروحة أمامها، إذ يقتصر دورها على النظر في مدى صحة تطبيق القانون على تلك الوقائع.
ومع ذلك، قد يحدث أن تتجاهل محاكم الموضوع بعض المسائل الموضوعية التي كان يجب التحقيق فيها وفقاً لأحكام القانون، في هذه الحالة، يمكن للطاعن أن يشير في طعنه إلى هذه المسائل لإبراز مخالفة محكمة الموضوع لواجبها القانوني، وإذا اقتنعت محكمة التمييز بأن محكمة الموضوع لم تقم بتحقيق المسألة بشكل صحيح، فإنها تقضي بنقض الحكم، وتعيد القضية إلى محكمة الموضوع مع توجيهها لإجراء التحقيق المطلوب، والحكم بناءً على نتائجه.
هذا الإجراء يتوافق مع مبدأ أن محكمة التمييز هي محكمة قانون، وليست محكمة وقائع، وبالتالي، فإن دورها الرقابي يهدف إلى ضمان احترام المحاكم الأدنى للنصوص القانونية وتنفيذ الإجراءات اللازمة للتحقيق في المسائل الموضوعية التي تم إغفالها.
في الختام، يظل الطعن بالنقض أداة أساسية لضمان الالتزام الصارم بتطبيق القانون في النظام القضائي الكويتي، من خلال هذه الآلية، تمارس محكمة التمييز دورها الرقابي على أحكام محاكم الموضوع للتأكد من سلامة الحكم وعدم وجود أخطاء قانونية جسيمة، ورغم أن محكمة التمييز لا تتدخل في الوقائع أو المسائل الموضوعية التي تتطلب تحقيقاً، إلا أن الطاعن يمكنه توجيه المحكمة إلى الأخطاء القانونية المرتبطة بتلك الوقائع، مما يساهم في تعزيز العدالة والشفافية في الإجراءات القضائية.
ويبقى الطعن بالنقض ضمانة قوية لأي متقاضٍ يسعى إلى تصحيح الأخطاء القانونية وتحقيق التوازن بين التطبيق السليم للقانون واحترام حقوق الأطراف.
عبد العزيز بدر عبد الله القطان / مستشار قانوني – الكويت.