بدأت اليوم بمسقط أعمال الدورة الخامسة من منتدى عُمان للقيمة المحلية المضافة، بشعار “الاستثمار في تنمية المحافظات ” ويناقش إيجاد معاملات ربط واقعية بين استثمارات القيمة المحلية المضافة وأولوية ” تنمية المحافظات ” تحت رعاية معالي السيد سعود بن هلال البوسعيدي، محافظ مسقط.
وقال حاتم بن حمد الطائي، الأمين العام رئيس اللجنة العليا لأعمال المنتدى، في كلمة له: إن تنظيم المنتدى يأتي لإيجاد أثرًا واضحًا على مسيرة تعزيز القيمة المحلية المضافة، ورفد الاقتصاد الوطني بمزيد من عوامل النمو والازدهار.
وأضاف أنه على الرغم من الشوط الكبير الذي قطعته جهود تعزيز القيمة المحلية المضافة، إلّا أن هناك فوارق بين مفهوم القيمة المحلية المضافة، ومفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، ويُمكن تعريف القيمة المحلية المضافة على أنها الجهود المبذولة من أجل إبقاء الموارد المحلية داخل المنظومة الاقتصادية، وتشغيلها في نطاقها المحلي، دون خروجها إلى أي منظومة اقتصادية أخرى خارج الدولة.
وأوضح أن المسؤولية الاجتماعية للشركات، تعني الإسهام الاجتماعي الطوعي من أجل دعم المجتمعات المحلية، وتقديم خدمات لهم، مثل بناء المؤسسات الصحية أو التعليمية أو دعم الفئات الأكثر احتياجًا.
وبيّن أن أشكال القيمة المحلية المضافة تركّزت خلال الفترة الماضية في إسناد بعض الأعمال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وشراء جزء من احتياجات المشاريع الكبرى من الأسواق المحلية، وذلك لعدة أسباب؛ من بينها: عدم قدرة الشركات المحلية على توفير جميع المُتطلبات التي ينبغي توفيرها للمشاريع، وخاصة في قطاع الخدمات، فيما بعض المشاريع المرتبطة باستثمارات أجنبية، سعت إلى جلب احتياجاتها من الخارج، للاستفادة من فوارق الأسعار، علاوة على سرعة النقل والتخزين، عبر خطوط الملاحة.
وتابع أن سبب تباطؤ نمو القيمة المحلية المضافة، تمثّل في محدودية القطاع الخاص المحلي، وعزوف الشركات الكبرى على التوسع في السوق، مشيرًا إلى أنَّ القيمة المحلية المضافة تُعد محفزًا اقتصاديًّا، قادر على تعزيز نمو الفرص الوظيفية للمواطنين، من خلال التركيز على إيجاد فرص للباحثين عن عمل في مختلف القطاعات.
وأفاد أن تطوير إسهامات القيمة المحلية المضافة من شأنه أن يدعم النمو الاقتصادي، من خلال دفع قطاع التصنيع، وهو أحد مُستهدفات رؤية “عُمان 2040″، نحو مزيد من الإسهام في الناتج المحلي الإجمالي، وهو يشهد نموًّا خلال السنوات الأخيرة الماضية، بفضل التوجهات الحكومية، وفي مقدمتها الحوافز الاقتصادية الجاذبة، والتوسع في بناء المناطق الصناعية، والمناطق الاقتصادية الخاصة.
وأردف أن تعزيز جهود القيمة المحلية المضافة يدعم نمو اقتصاد المحافظات؛ عبر الاستفادة من الميزات النسبية التنافسية لكل محافظة من خلال إطلاق رؤية إستراتيجية شاملة، تضع مُحددات النمو في كل محافظة، اعتمادًا على الميزة النسبية لهذه المحافظة، مثل التصنيع أو السياحة أو الزراعة أو الصيد السمكي والاستزراع، وحتى على مستوى الخدمات، مثل اللوجستيات، والدعم الفني والتقني، والبحوث، والإنتاج الفكري والثقافي.
عُمان من مقومات واعدة، يُمكن ترسيخ عدة نماذج اقتصادية محلية، قادرة على الإسهام بفاعلية في النمو الاقتصادي؛ ويُمكن أن تتخصص المحافظة الواحدة في أكثر من مجال اقتصادي.
وأكد في ختام كلمته على الدور المُهم لاقتصاد المحافظات في تعزيز النمو الاقتصادي للدولة، من خلال التوسُّع في مشروعات القيمة المحلية المضافة، والعمل المتواصل على اكتشاف الفرص الكامنة بها وبلورة هذه الفرص في صورة مشروعات متكاملة تخدم مسيرة التنمية الشاملة واستدامتها، لافتًا إلى أهمية تفعيل الشراكات وتضافر الجهود، وتبسيط الإجراءات.
وقدَّم الدكتور يوسف بن حمد البلوشي، مؤسس البوابة الذكية للاستثمار، ورقة العمل تناولت مسيرة البناء والتنمية وإطار الاقتصاد الكلي والقطاع الخاص وأهمية تحقيق النقلات النوعية في إستراتيجيات الأعمال؛ بما يتوافق مع رؤية “عُمان 2040″، والتوجهات العالمية، وكذلك الاستثمار في تنمية المحافظات والقيمة المضافة المحلية وفقًا للرؤية المستقبلية.
وتناول العلاقة بين أسعار النفط والنمو في الناتج الإجمالي المحلي بالأسعار الثابتة، والاقتصاد العُماني والأنشطة النفطية وإستراتيجية الحكومة في الاعتماد على عائدات القطاع الهيدروكربوني لتنويع اقتصادها، وتحديات النفط، التي تنقسم إلى العرض والمتمثل في تحسُّن التقنية المرتبطة بإنتاج النفط الصخري وإنتاج الطاقة من مصادر متجددة كالشمس والرياح، والطلب الذي يشهد تغيُّر أنماط الاستهلاك وخاصة في قطاع النقل كأكبر مستهلك للنفط، وتزايد وتيرة السيارات الكهربائية والمحركات التي تعتمد على مصادر طاقة متجددة.
وتطرق إلى أهمية تغيير النموذج الاقتصادي وأسباب خسائر الشركات بسبب غياب الرؤية الواضحة وعدم القدرة على التأقلم والابتكار وعدم إيجاد حلول جديدة، والخوف والتردد من اتخاد القرار.
كما تطرق إلى ” اللامركزية ” باعتبارها النهج التنموي الحديث في الإدارة الاقتصادية، التي تناولتها أهداف وأولويات رؤية “عُمان 2040″، التي تتضمنُ تمكين الجميع من المشاركة الفاعلة في صناعة واتخاذ القرار وإنتاج الفرص وتفعيل المشاركة المجتمعية في التنمية الوطنية الشاملة، مشيرا إلى أن مفهوم “تنمية المحافظات” يمنح مجالًا أوسع أمام المحافظات لتقديم نفسها كوحدات تنموية أساسية قائمة بذاتها فيما يتعلق بتنظيم شؤونها، وإدارة مواردها، وإعادة تصحيح أوضاعها.
وتناول مفهوم “التجمعات الاقتصادية المتكاملة” التي تمثل إحدى الأدوات الاقتصادية الحديثة والفعالة لتسريع النمو وتحقيق التنويع الاقتصادي؛ كونها تعمل على إيجاد إطارًا تنظيميًّا للجميع يسمح بتركيز الموارد والتمويل للشركات والموردين ومقدمي الخدمات المختلفة وتطوير فهم مشترك وتنسيق بينهم في مناطق مستهدفة ذات إمكانات نمو عالية وتعمل على ربطهم بعلاقات تكاملية وتنافسية وتوجد إطار من العلاقات والمنافع والاعتماد المتبادل والحوار؛ بغرض توليد قيمة مضافة ومكاسب إنتاجية للمجموعة بما ينعكس في زيادة التنافسية والقدرات على الابتكار والتطوير وزيادة الكفاءة والوصول إلى العالمية.
وفي سياق متصل أكد المهندس حامد بن عبدالله العبدلي، مدير عام سلاسل التوريد بالشركة العُمانية للنطاق العريض، في كلمة له على دور الشركة في تعزيز نمو القيمة المحلية المضافة، والمبادرات التي تدعم القيمة المحلية المضافة؛ منها: دعم وتأهيل الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتابعتها للحصول على شهادات الجودة والمعايير الدولية والشركات المحلية، وإيجاد فرص وظيفية للعمانيين سواء بشكل مباشر في النطاق العريض أو غير مباشر.
وذكر أن دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة من 2022 وحتى 2024، بلغ إجمالي إنفاق سلسلة التوريد 81 مليونًا و836 ألفًا و689 ريالًا عُمانيًّا، فيما بلغ إجمالي المبالغ المسندة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة 26 مليونًا و832 ألفًا و720 ريالًا عُمانيًّا، وسجّلت نسبة مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 33 بالمائة.
أما عن مجموع الإسناد المباشر، بين عامي 2017 و2024، فقد بلغ إجمالي المبالغ المُسندة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة 50 مليونًا و142 ألفًا و489 ريالًا عُمانيًّا. في حين بلغ مجموع الإسناد غير المباشر بين عامي 2021 و2024 نحو 50 مليونًا و519 ألفًا و921 ريالًا عُمانيًّا، جرى إسنادها للشركات الصغيرة والمتوسطة من قِبل مقاولي النطاق العريض، وبلغن نسبة مساهمة مقاولي النطاق العريض للشركات الصغيرة والمتوسطة 44 بالمائة.
من جانبه قدم المهندس غالب الهنائي، مدير عام المحتوى المحلي بمجلس المناقصات، عرضًا مرئيًّا تناول تنمية المحتوى المحلي في المحافظات، وإستراتيجية المحتوى المحلي التي تستهدف القوى العاملة الوطنية، والمنتجات الوطنية، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وآلية العمل على تعظيم العائد من الإنفاق المحلي.
وتناول مبادرات الأمانة العامة للمناقصات؛ من خلال إصدار لائحة تنظيم المحتوى المحلي، القائمة على الإلزامية للمنتجات الوطنية، وإضافة متطلبات المحتوى المحلي في نظام “إسناد”، إلى جانب بناء القدرات عبر تدريب موظفي الجهات الحكومية وتنظيم حلقات العمل لتطبيق المحتوى المحلي، بالإضافة إلى إطلاق برنامج “إمكان”.
وذكر أن مؤشرات المبادرات تشير إلى أن عدد المشروعات والعقود بلغت أكثر من 1700 مشروع عقد خلال عام 2023، فيما بلغت العام الجاري حتى الآن أكثر من 1600 مشروع وعقد، وأن القائمة الإلزامية للمنتجات الوطنية تتضمن 2083 سلعة، و127 خدمة، و249 وظيفة.
وتخللت أعمال المنتدى تدشين الطبعة الأولى من كتاب “المحتوى المحلي في سلطنة عُمان.. نحو مستقبل مستدام ومزدهر”.
وتستهدف أعمال الدورة الخامسة من المنتدى، التنمية المُستدامة للمجتمع المحلي العُماني؛ عبر توفير منصة التقاء بين المعنيين والخبراء والمختصين لوضع أطر واضحة تضمن فاعلية أكبر لاستثمارات برامج القيمة المضافة في تنمية المحافظات، وتعزيز الإنفاق على المنتجات الوطنية، وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالمحافظات، وزيادة أعدادها في المجالات التي تخدم إستراتيجية التنويع الاقتصادي.
وتسلط أعمال المنتدى الضوء على “السياسة الوطنية للمحتوى المحلي” لوفير فرص عمل للعُمانيين وتوطين الصناعات وتشجيع رواد الأعمال والشركات الناشئة؛ تحفيزًا للمزايا التنافسية للمحافظات، وتنسيق جهود الجميع لتعزيز مستوى استفادة المجتمع المحلي.
ويسعى المنتدى إلى بلورة مسارات تنفيذ واقعية للسياسة الوطنية للمحتوى المحلي تضمن توفير فرص العمل وتوطين الصناعات، وصولًا لأُطر عملية تعزِّز فاعلية الاستثمار في التنمية المحلية وتحفِّز مؤشرات تنافسية المحافظات؛ وذلك وفق محورين رئيسيين: برامج القيمة المحلية المضافة وتنمية المحافظات، وشركاء التنمية والاستثمارات المستدامة.
واشتملت أعمال المنتدى على تقديم جلسات نقاشية بعنوان “برامج القيمة المضافة وتنمية المحافظات”، وتتناول التقدُّم المحرز على مستوى أولوية “تنمية المحافظات والمدن المستدامة”، والدور التنموي المتطلع إليه من الشركات العاملة في سلطنة عُمان للمساهمة في تسريع وتيرة تنمية المجتمع المحلي عبر استثمارات برامج القيمة المحلية المضافة، وآلية التنسيق والتعاون مع مكاتب المحافظين والولاة لتحقيق مزيد من الإفادات.
أما الجلسة النقاشية الثانية، فهي بعنوان “شركاء التنمية والاستثمارات المستدامة”، وتتطرق إلى تحديد مسارات الشراكة في تنمية المحافظات والتحديات الحالية ومقترحات الحلول، واستعراض الرؤى حول خُطط ضمان توفير فرص العمل والتدريب، وتوطين الصناعات، واستشراف فاعلية الاستثمار في التنمية المحلية وتحفيز مؤشرات تنافسية المحافظات من وجهة نظر استثمارية.
/العُمانية/