القدوة والمثل وسط الصمت الدولي المخزي تجاه المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني بدم بارد تجاه الأشقاء في فلسطين ولبنان واليمن يصدح الصوت العُماني ليعلن مدويا رفضه لكل الممارسات الإسرائيلية الظالمة ويطالب بضرورة الوقف الفوري للقتال وإطلاق النار في غزة ولبنان والبحر الأحمر ووضع حد لسياسة الإبادة الجماعية التي يقوم بها جيش الاحتلال.
إن كلمة السلطنة في الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت في نيويورك مؤخرا وألقاها معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية أكدت مجددا على السياسة الخارجية العُمانية التي اتخذت منذ بداية بزوغ فجر النهضة المباركة خطا ثابتا وواضحا سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي.. هذا الدرب الذي سارت عليه سياستنا الخارجية ولم تحد عنه قام على عدة مبادئ منها الاحترام المتبادل بين الدول.. حسن الجوار أيا كانت ظروف الجار.. مد يد الصداقة للجميع.. عدم التدخل في الشئون الداخلية للغير واحترام سيادة الدولة وفي المقابل رفض أي تدخل في الشئون الداخلية للسلطنة.. الالتزام بقواعد القانون والشرعية الدولية.. نشر السلام.. الحوار أفضل وسيلة لحل النزاعات.. وغير ذلك من المبادئ التي تؤدي إلى الاستقرار واستتباب الأمن والأمان وتحث على التعايش الإنساني الراقي.
لقد أكد معالي البوسعيدي أن السياسة الخارجية للسلطنة تتبنى منهج الحوار والتسامح لمعالجة أي تحديات أو قضايا إلى جانب الاحترام المتبادل والتعاون الإيجابي بين الدول والسعي لتحقيق السلام.. لذلك لابد من وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ومنطقة البحر الأحمر موضحا الحل لمعالجة هذا الصراع وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية وإقرار حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية.. وهذا بالتأكيد مطلب عادل لأنها قرارات دولية من المفترض أن يتم تنفيذها على أرض الواقع بدلا من تخاذل المجتمع الدولي وفشله في إرغام إسرائيل على الالتزام بها وإنقاذ الشعبين الفلسطيني واللبناني من الكوارث الإنسانية التي يتعرضان لها.
ثم تطرق معالي وزير الخارجية في كلمته البليغة لنقاط غاية في الأهمية على رأسها البرامج التي تتبناها الدولة في مجال الحماية الاجتماعية من خلال منظومة متكاملة داعمة لمختلف فئات المجتمع كالمرأة والطفل وكبار السن وذوي الإعاقة وأيضا برامج الأمان الوظيفي والتأمين الاجتماعي والرعاية التعليمية والصحية وغيرها إلى جانب تمكين الدولة للشباب ومكافحتها لجميع أشكال التمييز العنصري وكل ما يؤدي إلى الكراهية والعنف.. وغير ذلك مما يحقق في النهاية التنمية البشرية التي تؤدي للاستقرار والتطور.. ولم يغفل معاليه قضية التغير المناخي فتطرق لجهود السلطنة في التعامل مع هذا الملف الهام وحرصها على تقليل انبعاثات الكربون ودعم مشروعات الطاقة النظيفة المتجددة وحفاظها على البيئة والموراد الطبيعية حتى تتحقق الاستدامة البيئية.
لاشك أن ما تعيشه أمتنا هذه الأيام من صراعات في عدة مناطق منها أصاب الشعوب العربية بنوع من الاكتئاب والحزن خاصة بعد أن انقلبت الكثير من المفاهيم وصارت تحتاج إلى حكمة ورؤية ثاقبة لقراءة الواقع والمصير واستشراف المستقبل القريب والبعيد.. ومن يتتبع مواقف السلطنة وعلاقتها بالصراعات التي تدور في المنطقة يجد أنها وسيط خير والراعي الرسمي للسلام ولم تتوان في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة بما يؤدي إلى تواصل إيجابي بينها واحتواء للصراع وحل الخلاف.. فقد أثبتت مواقفها المختلفة أنها نموذج عملي مضيء للدولة المسالمة الحكيمة القوية التي تهدف في المقام الأول لنهضة الشعوب وتنميتهم وتحقيق الاستقرار والأمان لهم.
إن آراء السلطنة فيما يجري حول العالم لم تنقصها الجرأة والصراحة والوضوح فلم تعمل يوما في الظلام لتحقيق مصالح خفية وفي ذات الوقت لم تهلل وتوجه أبواق الشهرة للترويج لإنجازاتها على كافة المستويات.. بل عملت في هدوء وبدون ضجيج واضعة مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار مع الحرص على تفعيل المصالح المشتركة مع الآخر.. فلم تقاطع أحدا ولم تختلق خلافا مع أحد وعبرت عن رأيها في القضايا المختلفة بكل مصداقية حتى لو تعارض هذا الرأي مع الأغلبية والأمثلة كثيرة يشهد عليها التاريخ.
إن السياسة العمانية يثبت التاريخ دائما صوابها وحكمتها ونجاحها في استشراف المستقبل وتلاقي المصالح وأنها تصب في النهاية بما يخدم مصالح دول وأبناء المنطقة لأن استقرار المنطقة من استقرار العالم.. لذا نتمنى أن يتواجد تعاون دولي يساند هذه التوجهات في إحلال السلم والاستقرار في كل مكان فنحن في زمان أحوج ما نكون فيه للاستماع لصوت العقل وتفادي الانفعال والتصلب في الرأي.
رشيد جابر والتركة الثقيلة
رغم أن تعيينه لم يتجاوز ستة أشهر، أخيرا رحل التشيكي شيلهافي مدرب المنتخب الوطني الأول لكرة القدم غير مأسوف عليه على إثر الإخفاقات التي أصابت المنتخب بالتصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2026 أمام العراق وكوريا.. ليتولى المدرب الوطني رشيد جابر اليافعي قيادة الأحمر في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والنهوض بالفريق الوطني وتحقيق الفوز في المبارتين القادمتين أمام الكويت والأردن لتكون الانطلاقة الحقيقية فيتأهل فريقنا وسط الكبار في المونديال.
لقد شهدت الحصة التدريبية الأولى للمنتخب استقبالا حافلا غير مسبوق من قبل اللاعبين للمدرب الجديد.. نظرا لأن معظم اللاعبين تربطهم علاقة قوية باليافعي كونه قام بتدريب العديد منهم أثناء توليه تدريب المراحل السنية أو ناديي ظفار والسيب وحصد معهم ألقابا عدة وهو ما يدل على أن تولي رشيد جابر قيادة المنتخب رفعت كثيرا من الروح المعنوية للاعبين والتي نتمنى أن تنعكس بصورة إيجابية في المستطيل الأخضر وطريقة أداء اللاعبين وتحقيق الفوز في المباريات القادمة.
نحن نعرف أن رشيد جابر لا يمتلك عصا سحرية وأنه ورث تركة ثقيلة ومهمة صعبة وأن أمامه تحديات كثيرة ولكننا نثق في خبرته وكفاءته وقدرته على رفع أداء المنتخب الوطني لاسيما أنه وضع عدة أهداف سيعمل على تنفيذها مما يبرهن على وعي الرجل بمتطلبات الفريق ورغبته الحقيقية في الارتقاء بأداء اللاعبين.. إلا أن تحقيق هذه الأهداف التي وضعها يتطلب الكثير من الجهد والتعاون بين اللاعبين وبينه فاليد الواحدة لا تستطيع التصفيق ولابد أن تتضافر الجهود ويبقى المنتخب على قلب رجل واحد حتى يستطيع تحقيق الفوز.
نتمنى أن يتحقق على يدي رشيد جابر المزيد من الإنجازات وأن يتمكن من إحداث طفرة إيجابية ونرى نتائج مشرفة للمنتخب الأول وندعو الله أن يعالج السلبيات التي أصابت الكثير منا بالإحباط.
ناصر بن سالم اليحمدي