بعدَ مرورِ عامٍ كاملٍ على معركةِ الشَّرف الكُبرى الَّتي تخوضُها المقاوَمةُ العربيَّة والإسلاميَّة في فلسطين وما حَوْلَها من جبهات العزَّة والكرامة في جنوب لبنان واليمن والعراق، الَّتي تقاتل على أرضِها وأمام حواضنها الشَّعبيَّة، وتَذودُ عن قدسِها وأقداسها على طول رقعة الجغرافيا العربيَّة والدَّاعمين لهَا من أبناء هذه الأُمَّة، لا شكَّ أنَّ الموقفَ العامَّ للمقاوَمة، وبعدَ مرورِ عامٍ كاملٍ على انطلاقِ معركةِ الشَّرف والتَّحرير في السَّابع من أكتوبر 2023م، يؤكِّد أنَّ العدوَّ الصهيوني ما زال يغرقُ في مستنقع المقاوَمة الَّتي تَعدَّدتْ جبَهاتها، وما زالتْ أزمتُه الدَّاخليَّة تتفاقمُ سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا ولم يُحقِّقْ أيًّا من أهداف عدوانه على قِطاع غزَّة، بل تشعَّبتْ أزمتُه وأصبحَ موقفُه يزدادُ سوءًا بفتحِ جبهةِ لبنان في معركةِ الحسابِ المفتوح، وهو ما تؤكِّده المقاوَمة الباسلة في لبنان قَبل وبعدَ استشهاد السَّيد حسن نصر الله. واليوم ـ وبقراءةٍ بسيطةٍ للموقفِ العامِّ في لبنان ـ يتبَيَّنُ أنَّ الموقفَ لصالحِ المقاوَمة من عدَّة جوانب أهمُّها: أوَّلًا امتلاك زمام المبادرة. ثانيًا: قدرة حزب الله على تنظيم منظومة القيادة بعد استشهادِ قادته. ثالثًا: أنَّ الحزبَ قادرٌ على إدارة حربٍ طويلة الأمد. رابعًا: إضافة ما سجَّلته المواجهات الأخيرة في كريات شمونة ودان غوش ومُدُن مركز الكيان، ما جعلَه كبَيْتِ العنكبوت، وأنَّه أوهنُ من بَيْتِ العنكبوت لو كانوا يعلمون، وتلك الضَّربة المُوجِعة الَّتي حقَّقها رِجال حزب الله وما زال العدوُّ يتجرَّع فداحتَها، ما يعني استنزافًا كبيرًا للصَّهاينة. خامسًا: هُنَاك دمارٌ شاملٌ لكيانِ الاحتلال، وهبوطٌ كبير في الرُّوح المعنويَّة. سادسًا: خسائرُ هائلةٌ في الاقتصاد، وشلَلٌ تامٌّ في مفاصل الحياة. سابعًا: اشتدادُ الخناقِ على حكومة اليمين الصهيونيَّة المُتطرِّفة. ثامنًا: حالةُ المستوطنِينَ في شمال فلسطين المُحتلَّة، وعدمُ قدرةِ مُجرِمِ الحرب نتنياهو على تنفيذِ وعدِه بإعادتهم إلى مستوطنات الجليل. تاسعًا: نزولُ ما يربو على مليونَي مستوطن إلى الملاجئ. عاشرًا: هُنَاك عددٌ كبيرٌ من مستوطِني الكيان يزدحمُ بِهم مطار بن جوريون للمغادرةِ خارج فلسطين. وهُنَا تتجسَّد أبرزُ معضلةٍ يعيشُها كيانُ الاحتلالِ ومستوطِنوه، وهي غيابُ الأملِ بالأمن، وفقْدُ الأملِ باستعادتِه، ولن يَعُودَ في ظلِّ هذا المشهدِ الصهيوني المأزوم. إذَا نحنُ أمام مشهدٍ كارثي وهزيمةٍ قاسية ومُذلَّة للكيانِ الإرهابي الصهيوني، حيث لا يُمكِن أن يستعيدَ الأمْنَ بعد اليوم، ونحنُ هُنَا نطالبُ المقاوَمة في جنوب لبنان بالمزيدِ من الضَّربات، وهُمْ ـ بلا شك ـ ماضون في طريق الشَّرف والكرامة بدكِّ معاقلِ الصهيونيَّة، ولن يتوقفَ الأبطالُ في حزب الله حتَّى يفصلَ الله بَيْنَ الحقِّ والباطل
الموقفُ العامُّ في قِطاع غزَّة ورغمَ اشتدادِ العدوان على القِطاع، واستمرارِ الانتهاكات الصهيونيَّة، وتشديدِ الحصار على شمال قِطاع غزَّة، واشتدادِ العدوانِ لإزالةِ كُلِّ أثَرٍ للحياةِ في شمال القِطاع وفي جباليا مع استمرارِ القصفِ الهمجي المتعمَّد واستهداف المَدَنيِّين في عموم قِطاع غزَّة بالوسط والجنوب أيضًا، واستهداف احتياط الغذاء من الطَّحين لاستمرارِ سياسة التَّجويع، ومحاولة الضَّغط على تهجير أولئك الأبطال الَّذين يُسجِّلون ملحمةً من ملاحمِ الصُّمود والتَّحدِّي عنوانها النَّصر أو الشَّهادة، ومع تجاوُز قافلة شهداء الشَّرف والكرامة في معركة التَّحرير الـ(40،000) شهيد، وأكثر من (100) ألفِ مُصاب، بالمقابل ما زال العدوُّ الصهيوني يتلقَّى الضَّربات المُوجِعة والصَّواريخ والكَمائن الَّتي يُعلِن عَنْها يوميًّا والَّتي تكتُب عنوانًا واحدًا أنَّ المقاوَمةَ في قِطاع غزَّة ماضيةٌ في طريقِها حتَّى تحقيقِ النَّصر، وهي تطبِّق أوامرَ الله، وتخوضُ معركةً من معاركِ الله الكُبرى تنتظر وعْدَ الله الَّذي لا يُخلِف وعْدَه، وهذا الصُّمود الأسطوري هو في الحقيقة تأييدٌ من الله في مقاوَمة أعْتَى قوى الأرض وأكثرها إرهابًا وشرًّا مع الدَّعم غير المحدود من قِبل قوى الاستعمار وأذناب الصهيونيَّة، ومع ذلك لم تستطع هذه القوى المُدجَّجة تحقيقَ هدفٍ واحد من أهداف العدوان بعدَ مُضي عامٍ كاملٍ على طوفان الأقصى، بل جنَتِ الخَيبات وازدادتِ النَّكبات واستمرَّتِ الأزمات الَّتي يغرقُ فيها كيان بني صهيون. وهُنَا فإنَّ جبهةَ المقاوَمة الفلسطينيَّة في قِطاع غزَّة تتطلب هبَّة مُسانِدة مُتجدِّدة من قِبل الأشقَّاء في يمَنِ الصُّمود والتَّحدِّي بعدَ اشتدادِ الجريمةِ الصهيونيَّة النَّكراء في شمال قِطاع غزَّة، والإخوة في اليمن الشَّقيق يُدركون سياقات المعركة وخطوط التَّأثير، وهُمْ ماضونَ في طريق الشَّرف والكرامة. اللَّهْمَّ نصرك المؤزَّر الَّذي وعدْتَ لأوليائك وعبادك الصَّابرين في فلسطين ولبنان واليمن، اللَّهُمَّ مددَكَ وجُندَكَ الَّذين قاتلوا في بدرٍ والأحزاب وحطِّين، اللَّهُمَّ مكِّن لعبادِكَ الصَّابرين وأيِّدْهم بالنَّصر المُبِين والفتْحِ العظيم. الله أكبر ولله العزَّة ولرسولِه وللمؤمنين، والحمدُ لله ربِّ العالَمين.
خميس بن عبيد القطيطي