ها هم أفواج الشهداء تتزاحم فرادى وجماعات إلى نيل شرف الشهادة والارتقاء إلى أبلغ الدرجات العلية للوصول إلى جنة عرضها السموات والأرض، يبتغون وعد الله الحق الذي وعدهم إياه في قوله عز وجل:
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) صدق الله العلي العظيم [آل عمران:169- 175].
فها هو القائد يحيى السنوار ينظم إلى قائمة الشهداء الأبرار من أمثال عز الدين القسام وعبد العزيز الرنتيسي وأحمد ياسين ومحمد الضيف وإسماعيل هنيه وحسن نصر الله، وقائمة الشهداء القادة التي لا تنتهي ولا تعد ولا تحصى من فلسطين ولبنان واليمن وإيران وأفغانستان والشيشان، ومن سائر أقطار المسلمين الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة، ودمائهم الزاكية نصرة لله وجهاد في سبيله، لإعلاء الحق ودحر الباطل الذي تنفذه الدولة الصهيونية الفاشية، وتتزعمه أمريكا ودول الاستكبار الأشرار، وبدعم قوي وفاضح من عدد من الدول العربية التي باعت مبادئها وقيمها وكرامتها في سبيل بقاء حكامها على عروشهم المهتزة التي ستتساقط عن قريب بإذن الله الواحد القهار ..
وجاء استشهاد القيادي البطل يحيى السنوار قائد حركة المقاومة الإسلامية حماس بعد فترة قصيرة جداً من تعيينه خلفاً للشهيد المناضل اسماعيل هنيه الذي اغتالته يد الإجرام الصهيونية الغادرة ، رحل بعد أن أمضى مراحل خالدة من حياته المليئة بالتضحيات والرجولة ..
فرحل شهيداً مقبلاً غير مدبراً وهو يقاتل ببسالة في الصفوف الأمامية متشبهاً بقادة معركة مؤته (زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة) الذين ذادوا عن راية الإسلام ببسالة حتى الرمق الأخير..
رحل وقد حقق أغلى أمنياته بأن يموت شهيداً، تلكم الشهادة التي كان يعشقها ويتمناها منذ نعومة أظافره بأن تكون نهايته في ساحة الوغى مكراً مفراً كجلمود صخر حطه السيل من علٍ، وترك للمتخاذلين موتة القهر والذل والإهانة، فلا نامت أعين الجبناء..
رحل ببذلته العسكرية المهيبة التي خلت من نجوم وتيجان وأوسمة ونياشين التفشر والمفاخرة التي نراها في بذلات القادة المعاصرين الذين لم يخوضوا معركة أو مواجهة حقيقية واحدة ..
هنيئاً لكم سيدي القائد هذا الرحيل المشرف، وهذا الاستحقاق الرفيع، وهذا الزفاف مع كوكبة الشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وإنه ليؤلمنا رحيلكم يا أبا إبراهيم، وإننا لفرافقكم لمحزونون، إلا أن سلعة الله غالية، وإن ثمن النصر باهضاً ، وأن زوال إسرائيل مرتبط بتضحياتكم العظيمة ، ولقد أثبتم بأنكم أهلاً لهذا التكليف الرباني، والرباط المتين، فطبتم أحياءً وشهداء، ويا أيها الخونة الأذلاء الجبناء موتوا بغيضكم، فنصر الله آتٍ لا محالة، وأنه جهاد نصر أو استشهاد.
مسهريات يكتبها ناصر بن مسهر العلوي