كان معرض التمور في السنة الماضية باهتاً وضعيفاً بشهادة العارضين أنفسهم والزوار، ولذلك لم أكن عاقد العزم والنية لزيارته في نسخته لهذه السنة ٢٠٢٤ م..
إلا أن الأخ العزيز عبدالله بن سعيد الجعفري حفزني لمرافقته على سيارته (السينا) التي أوقفها مشكوراً لرحلاتنا في الأماكن غير الوعرة، وكانت خير ناقل لنا في رحلاتنا إلى محافظات صلالة ومسندم ومسقط، وذلك بسبب رحابتها وقوة محركها وزهادة استهلاكها للوقود وتشابهها مع الضبع في واجهتها الأمامية..
وعبدالله الجعفري هو الأب الروحي والمؤسس الفعلي لشركة الشرع منذ ميلادها ومهدها الأول، ورغم أن أبناءه تحملوا المسؤولية بكل كفاءة وعزيمة، إلا أنه لا يزال المرجعية الرئيسة ..
وجدتها فرصة سانحة فهي رحلة مجانية مكفولة (محمول مذمول) كما يقول المثل العماني، مع أمل بالحصول على مجموعة من هدايا الشرع التي يوزعها بسخاء في مثل هذه المهرجانات الموسمية، (وكل شي ببلاش كتر منه) على رأي أحد إخواننا العرب..
وفي عصيرة يوم الثلاثاء الموافق ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٤ وصلنا مركز عمان للمعارض الكائن في مرتفعات المطار بولاية السيب، وهو معلم اقتصادي وتسويقي رفيع المستوى، وصمم كتحفة معمارية تجمع العديد من الموروثات العمانية الأصيلة الدالة على عظمة التاريخ العماني الضارب في أعماق الزمان..
بعد تجوال متأني في أورقة معرض التمور والعسل والحلوى العمانية تلمسنا فرقاً كبيراً بينه ونسخته السابقة من حيث عدد الشركات العارضة وتنوع المعروض والحضور الجماهيري، مع وجود عارضين من خارج السلطنة، خاصة في مجال التمور والعسل والحلويات الحديثة، كما أفرز المعرض أساليب وطرق جديدة في العرض والدعاية والإعلان بأنماط حديثة مبتكرة، ولذلك فإن المعرض بإطلالته الجديدة يستاهل العنوة، وأن تشد إليه الرحال، وسوف يعود الزائر من هناك محملاً بما لذ وطاب من أنواع التمور والعسل والحلوى العمانية، علماً بأن المعرض افتتح بتاريخ ٢٠ / ١٠ / ٢٠٢٤، ويستمر حتى يوم غد السبت ٢٦ من الشهر الجاري ..
ويقدِّم المعرض صورة مبهرة عن شغف العماني بالنخلة والاستفادة منها وإنتاج العسل بأنواعه المختلفة البري منه والتربية، وحدّث عن صناعة الحلوى العمانية، وما شهدته من تطوير واستحداث أنواع مختلفة منها بإستخدام مكونات طبيعية من البيئة، الأمر الذي دلل على ما تزخر به السلطنة من كوادر بشرية قادرة على العطاء والإبداع، وكذلك ما تمتاز به من موارد طبيعية يؤهلها إلى تحقيق الاكتفاء والاعتماد على الذات إذا ما وجد التخطيط الاستراتيجي والإدارة الحكيمة والتسهيلات اللازمة والدعم السخي، وكل ذلك بحاجة إلى مراجعة وتصحيح في بلادنا ..
أثناء تجوالي في المعرض التقيت بأحد رفاق المهنة في حقبة تسعينيات القرن الماضي، ولم ألتقيه منذ تفرقنا إلى محطات عمل أخرى، فلما التقينا في المعرض عَرَفني بالاسم مباشرة، ولم أستطع أنا تذكر اسمه فقد تغيرت ملامحه كثيراً وأطلق لحيته بعد التقاعد كشأن كثيراً من المتقاعدين خاصة من الأجهزة العسكرية والأمنية الذين يجدون في ذلك راحة إيمانية وأريحية ..
المهم حاولت جاهداً تذكر اسمه، وحاول هو تقريب الأمر من خلال سرد بعض المواقف وذكر عدد من الزملاء الذين عشنا معهم في تلك الحقبة ولكن بدون جدوى فقد اهترأت الذاكرة، وأمسيت لا أتذكر من لم ألتقي بهم خلال خمسة أعوام، فما بالك بحال هذا الشخص الذي لم نلتقي معاً قرابة عشرين سنة وأكثر..
المضحك أنني سألته عن شخص من الرفاق القدامى.. فانفجرنا ضحكاً بعدما اتضح أن الشخص الذي أسأل عنه هو ذلك الشخص الماثل أمامي فيا لها من مصادفة عجيبة، وموقف ساخر ..
بقي أن أُعبر في خلاصة حديتي عن زيارتي لهذا المعرض الرائع عن افتخاري بالمشاركة البهلاوية المميزة في فعاليات المعرض، حيث استطاعت شركة الشرع للإنتاج الغذائي وشركة تمور الداخلية وحلوى الريامي وعارضين آخرين أن يحتلوا مساحة واسعة من أرجاء المعرض، وأن يقدموا عروض ممتازة في مجالات التمور وإنتاج الطحينة وزيت الزيتون والحلوى العمانية بأساليب متنوعة كالحلوى المطبوخة بحليب الإبل وأخرى بزيت الزيتون وثالثة بالعسل وغيرها..
ولا نبخس حق بقية العارضين من مختلف محافظات وولايات السلطنة الذين أبدعوا في تقديم عصارة خبراتهم في الإنتاج والعرض والتسويق والتشويق ،.
فشكراً للجميع منظمين وعارضين، ولكل زوار هذه التظاهرة العمانية الجميلة.
مسهريات يكتبها ناصر بن مسهر العلوي