في تأبين الشهيد القائد يحيى السنوار
تقبله الله في عليين..
يقولون غاب القائد الضيغم الضاري
وفلت شباة القاصم القاطع الفاري
وأمست له ما بين حديه ثلمة
يروم بها الأعداء وثبة غدار
لينتزع النصر المزيف عنوة
فقلت لعمر الله باؤا بأوزار
وباؤا بخسران وباؤا بنكسة
تلاحقهم حتى يصيروا إلى النار
أبى الله إلا خزيهم وزوالهم
أينصر- جل الله- ثلة
كفار
إذا استشهد السنوار ليست هزيمة
سيخلفه من بعده ألف سنوار
على أن باستشهاده وهو مقبل
جلالة خطب في جلالة أقدار
يموت العزيز الحر في حومة الوغى
ومن خلفه ميراث عزم وإصرار
إذا مات يحيى سوف يخلف بعده
رجال تشد العزم في طلب الثار
ويحيى سيبقى في الصفوف محفزا
إلى النصر والباقون خيرة انصار
ويحيى سيبقى للقتال محرضا
وايقونة البأس الشديد لأحرار
ويحيى سيحيى في القلوب مخلدا
كما خلد التاريخ صفحة أخيار
كما بقي الأسياد في كل حقبة
وهم في جوار الله في نزل أخيار
يموت شهيدا مقبلا غير مدبر
كذلك عهد الموت في كل مغوار
كذا دأب أفذاذ الرجال إذا قضوا
وأفضَوا إلى ما قدموا بعد إصرار
على النصر أو نيل الشهادة إنها
طريق رجال الله من هذه الدار
يسير عليها التائقون إلى العلا
وكم نال ما يرجوه من سيره الساري
وإن أظلم المسرى وشاكت دروبه
فلا بد من صبح جلي لإبصار
وإن كثرت قطاع طرق لئيمةٌ
عواثيرها من كل طاغ وجبار
وإن طاش غيض الحاقدين وطوقوا
بمكرهمُ الآفاق هم ثلة العار
فلا بد يوما من دليل ورائد
خبير بأغوار المفازات صبار
يجوز بركب الحق سيرا مثابرا
وغير هيوب من مظنة أخطار
إلى مبتغى الأحرار لا شيء دونه
هو الهدف الأسمى هو المطلب الطاري
فيقلب للأعداء ظهر مجنه
لينقلبوا في سوء حال وأغيار
وقد أفشلت يمناه والفكر خطة
فلم تبلغ التنفيذَ خطة أشرار
يراد بها قلب الموازين والعرى
وتوطين دار المسلمين بكفار
فما أفلحت أفكارهم وعقولهم
أتفلح إذ حلت على جفن إعصار
تبددت الآمال حتى كأنها
نقوش على رمل يطيرها الذاري
فلم يبق منها في الحقيقة قائم
على الأرض يرجى في ورود وإصدار
سوى فعل معتوه تدانى زواله
عيانا بلا أدنى ارتياب وإنكار
فلما رآها أنجحت حمد السرى
وأيقن بالتيسير من بعد إعسار
وألقى العصا من بعد طول رحيله
فما عاد محتاجا إلى طول أسفار
“فألقى عصاه واستقر به النوي”
بدار بها يلقى مرابحه الشاري
رثته جموع المشرقين بأسرها
أليس لهذا الشأن أعظم مقدار
وأبّنه حتى الأعادي برغمهم
بكل لغات العالمين مع الجار
ورغم أنوف الشامتين بموته
وكل حسود حاقد مبغض زاري
فبشراه جنات النعيم مخلدا
له الفوز من رب رحيم وغفار
مع الأنبياء المرسلين وحزبهم
وكل شهيد نال أشرف أوطار
عليهم صلاة الله ثم سلامه
مدى الدهر والأزمان أعظم أبرار
يحيى بن حمود الحسيني .