شبابنا العُماني الفتي.. منبع الطاقة الذي يحرك قاطرة التنمية في الحاضر وأمل المستقبل المشرق.. يعيش هذه الأيام نشوة الاحتفال بيومه الميمون الذي خصصته له الدولة احتفاءً بدوره العظيم في بناء الحضارة والمجد وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة.. حيث أقامت وزارة الثقافة والرياضة والشباب تحت رعاية وزيرها الشاب النشيط المبدع صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم حفلا مميزا ورائعا يثبت بما لا يدع مجالا للشك ما توليه الدولة للشباب من اهتمام ورعاية واحتضان لمواهبهم وإبداعاتهم بل وتطلعاتهم.. وعلى إدراكها للدور المحوري الذي يؤديه الشباب للنهوض بالوطن.. لذلك حرص راعي الحفل الكريم على تدشين فروع لمركز الشباب في العديد من المحافظات لتشمل الرعاية كافة الشباب في كل مكان.
لم يقتصر حفل يوم الشباب العُماني على الفقرات التي تؤكد على دور الشباب في بناء الأوطان وكيف أنهم سواعد البلاد الفتية التي تبني وتعلي شأنه بل استعرض أيضا ما قدمه الشباب من أجل وطنهم حيث تم تكريم الفائزين في جائزة الإجادة الشبابية في نسختها الخامسة والتي لا تعبر فقط عما يمتلكه الشباب من مهارات وفكر مبدع وإنما أيضا على مدى الشعور الذي يمتلكه هؤلاء الشباب بالمسئولية تجاه الوطن وضرورة تطويره وتنميته وفق إمكانياتهم.
الجميل في الاحتفال بالشباب هذا العام هو ربطهم بالماضي التليد انطلاقا من مقولة إن من لا ماضي له ليس له حاضر ولا مستقبل من خلال تجربة “إرث” التي تربط الماضي بالمستقبل عن طريق شباب الحاضر الذين بدورهم لم يقصروا واستعرضوا بالفعل العديد من المبادرات التي تستند على خبرات وقصص الآباء والأجداد في الكثير من المجالات لتكتمل الصورة الحضارية الرائعة حيث تجتمع الحداثة والتقدم بالنكهة التراثية الأصيلة لتحتفظ بذلك بلادنا بعراقتها وهويتها المميزة وإرثها الثري الذي يفخر به كل مواطن.. ولعل أبرز أمثلة على ذلك إطلاق الشباب للعديد من المشروعات المتعلقة بالحرف اليدوية والفنون التقليدية التي تسعى لإحياء التراث العماني الأصيل.. وكذلك إعادة تأهيل الحارات القديمة التي تمثل العمق التاريخي لبلدنا المعطاء لكي تكون وجهة سياحية ثقافية تسويقية تنبض بالحياة من خلال إنشاء المقاهي والأسواق الشعبية والمطاعم التي تقدم الأكلات التقليدية والنزل التي تجذب السياح وتعرفهم بتراثنا التليد وفي ذات الوقت تصبح رافدا من روافد الاقتصاد الوطني.
إن الشباب طاقة يجب الاستفادة من قوتها وحيويتها ونشاطها وتوجيهها نحو ما يخدم التنمية فهم حجر الزاوية لأية نهضة بقوتهم تدور عجلة الإنتاج وبإرادتهم المبدعة يرتفع البناء وبيقظة ضميرهم ويقين قلوبهم تتحقق رفعة الوطن ويتقدم المجتمع.. وأية أمة لا تستطيع أن تعلو وترتقي إلا بتعاون مواطنيها بكافة شرائحهم وعلى الأخص فئة الشباب التي بسواعدهم تتقدم الأمم.. لذلك على الشباب الأوفياء أن يثبتوا أنهم على قدر الثقة والمسئولية التي أولاها لهم حضرة صاحب الجلالة حفظه الله ورعاه فيجب عليهم أن يحملوا عبء تحقيق النهضة الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وفي كافة المجالات حتى ترتقي بلادهم وتنال مكانها في مصاف الدول العظمى وتنطلق نحو المستقبل المشرق المنشود.
كل الشكر لراعي الشباب الأول حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه على اهتمامه الكريم بالشباب ونبتهل إلى الله سبحانه وتعالى أن يفيض عليه من نعمائه ويلبسه ثوب الصحة القشيب ويحفظه لنا قائدا وأبا كريما.
إسرائيل وإيران .. مهاترات لا تنتهي
لا نعرف إلى متى تستمر المناوشات الإيرانية الإسرائيلية.. ومن المؤكد أن قصف إسرائيل لمواقع عسكرية إيرانية مؤخرا لم يكن قرارا صائبا.. صحيح أن الهجوم كان محدودا ولم يستهدف مثلا المواقع النفطية والنووية ولكن كونه يصل إلى العمق الإيراني فإنه فتح الباب كما أعرب وزير خارجيتها للرد على هذا الهجوم بشكل متناسب على اعتبار أن هذا حق طبيعي لإيران أن تدافع عن نفسها ضد أي أعمال عدوانية.. خاصة أن إسرائيل كانت البادئة عندما قامت بغارة على القنصلية الإيرانية في دمشق قتلت فيها قادة وعناصر فـي الحرس الثوري الإيراني مما دفع طهران لتنفيذ هجوم على الدولة الصهيونية والتي قامت بدورها بقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ومعه قيادي فـي الحرس الثوري فـي الضاحية الجنوبية لبيروت.. فشنت إيران هجوما انتقاميا ثانيا أيضا.
نحن لا ننكر على إيران حقها في الدفاع عن نفسها ولكن الرد هذه المرة سيدخلنا في حلقة مفرغة لن نخرج منها لأن إسرائيل بالطبع ستقوم هي أيضا بالرد على الضربة الإيرانية وهكذا تدور الدوائر حتى يتفاقم الوضع وتتسع دائرة الضربات المحدودة لتصبح مع الوقت حربا ضروسا لا قبل للطرفين بها وللأسف المنطقة بأكملها هي من ستدفع ثمنها وليست إيران وحدها.
لاشك أن الحرية المطلقة التي منحها العالم الدولي لبني صهيون كي يعيثوا في الأرض فسادا أكبر دليل على سياسة الكيل بمكيالين التي ينتهجها.. فحرب الإبادة التي تقوم بها القوات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل لم تتخذ حيالها المنظمات الدولية أي إجراءات جدية لوقفها أو استخدام أساليب الضغط والإذعان.. وهاهي تعتدي على سيادة إيران وتوجه لها الضربات الجوية متحدية كل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية تحت سمع وأعين الجميع.
إن ما تفكر فيه إسرائيل من استفزاز إيران سيجلب الدمار والخراب لها وللمنطقة بأسرها ويبدو أنها لم تستوعب الدرس الذي تلقته في غزة.. فغرورها يصور لها قبل نشوب الحرب الانتصار والغلبة ثم تفاجأ بعد أن تقوم بعملية الغزو أنها رمت نفسها في مستنقع من الوحل يغطيها من رأسها حتى أخمص قدمها.. بدليل اعتراف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن العمليات العسكرية وحدها لم تحقق أهداف الحرب في غزة.. وأنه عليه تقديم تنازلات مؤلمة كي يستعيد الرهائن المحتجزين لدى حماس.. ورغم اعتراف الهزيمة هذا تفتح بلاده جبهات حرب جديدة!!.
لاشك أن مجرد التفكير في حرب جديدة هو تفكير أحمق فإيران دولة قوية الآن وتمتلك قوة دفاعية لا بأس بها لكن الخوف كل الخوف أن يتطور الأمر فتتحول المنطقة إلى بركان ثائر يدمر كل ما في طريقه وفي هذا الوقت فإن شعوب المنطقة الذين لا ناقة لهم ولا جمل سوف يدفعون ثمن هذه المهاترات.
إن العالم بحاجة لأن يشعر بالأمان والسلام والاستقرار لا الحرب والدمار.. والأموال التي سوف تنفق في الحرب يجب أن نحاول أن نعيد بها إعمار ما تم تخريبه بفعل الحروب السابقة فعلينا أن نبني لا ندمر ونعمر لا نخرب ونمد أيدينا للسلام الذي يفتح أبواب الخير والأمل للجميع.
ناصر بن سالم اليحمدي