البحث عن وظيفةً هدف أولوي راسخ في أذهان الخريجين وكذلك من هم على مقاعد الدراسة وكافة شرائح الباحثين عن عمل و أولئك الذي يطمحون بالارتقاء في السلم الوظيفي، فما أن يتم الإعلان عن وظيفة ما ، تجدهم يسارعون في تقديم طلباتهم لها وهم يطمحون في أن تمكنهم سيرهم الذاتية من الحصول على مقابلة وظيفية يجسدون من خلالها مهاراتهم وإمكانياتهم سعيا للظفر بتلك الفرصة، لكن الكثير يتفاجؤن حينما لا يتم دعوتهم للحضور الى المقابلة المأمولة.
أن مثل هذه النتائج تحتم علينا وقفة تأمل لمعرفة السبب لكي يبطل العجب. وقفة تقودنا إلى إعادة النظر في كيفية تصميم سيرتك الذاتية لتحقيق الهدف المنشود.
ترى ماهي السيرة الذاتية ؟ وما هي البيانات التي يجب أن تحتويها ؟ وكيف يتم إعدادها ؟ وماهي الهفوات التي يجب تجنبها عند إعداد السيرة الذاتية ؟
السيرة الذاتية:
سيرتك الذاتية هي ببساطة مرآة تعكس واقع حالك و ما أنت عليه الآن من مستوى تعليمي و خبرة عملية و مهارات و فرص تدريب و مشاركات أهلتك لاكتساب ما يميزك عن غيرك من قدرات و مهارات و إستعدادات ذهنية زودتك بالمرونة و القدرة على التكيف و اداء المهام المطلوبة.
هذه المرآة هي التي ينظر من خلالها مسؤولي التوظيف إليك. و هنا تبرز أهمية صياغة محتوى السيرة الذاتية بدقة و دراسة و فهم عميق لطبيعة الوظيفة المعلن عنها و الشركة التي تود استقطابك إليها و طبيعة العمل في القطاع المعني.
إعداد السيرة الذاتية:
إن إعداد السيرة الذاتية هو إجراء يجب ان يخضع الى تحديث مستمر ليتلاءم مع متطلبات المؤسسة و نوعية الوظيفية المعلن عنها وطبيعة الوظيفة وشروط شغلها وفقا لما تم الإعلان عنه. و هي محطة تجعلك تقيم إنجازاتك و تعد لمحطات مسارك المهني القادم إذا ما أعطيت السيرة الذاتية حقها من الإهتمام. إن مسؤولي التوظيف يقولون لك أعطني سيرتك الذاتية أقل لك من أنت.
أخطاء يقع فيها البعض:
من خلال خبرتي العملية في مجال إدارة الموارد البشرية لاحظت أن عدم التخطيط المسبق لتصميم محتوى السيرة الذاتيه و عدم تعهدها بالتمحيص و المراجعة يؤديان إلى وقوع الكثير من الطامحين في الاستفادة من الفرص المعلن عنها في أخطاء هم في غنى عنها و كان بالإمكان تلافيها لو عملوا على إعداد سيرهم الذاتية بتمهل و عناية . من هذه الأخطاء التي يجب تجنبها التالي:
• عدم الحرص على تحديث السيرة الذاتية باستمرار و بالتالي استخدام سيرة ذاتية واحدة ِلكافة الوظائف التي يعلن عنها. أن عدم التخطيط هذا هو بحد ذاته تخطيط للفشل.
• المبالغة في استعراض المهارات فتجد البعض يسطر قائمة مهارات لا تتماشى مع مستواه الحقيقي و لا مرحلته العمرية.
• عدم الحرص على تنقيح محتوى السيرة الذاتية من الناحية اللغوية.
• عدم الحرص على تقديم بيانات سيرته في قالب تصميمي يجذب الانتباه لاسيما وان التطور التقني يوفر خيارات عديدة ومتنوعة يمكن استخدامها بسهولة ويسر و بالتالي في عصر الصورة العين تعشق و تتأثر بصفة مباشرة.
• هناك من يحدثه عقله فيقول هذا ليس بضروري و ذلك غير مهم و هذا قد يسلبك التعريف بنفسك و تسويق علامتك الشخصية بفعالية ، فلا تحجمً عن عرض مهاراتك وقدراتك التي تمتلكها بالفعل بحجة التواضع، فمسؤول التوظيف لن يعرف هذه الإمكانيات مالم تعرضها في سيرتك الذاتية . فهي فرصتك لتسويق ذاتك بما تمتلكه بالفعل.
• عدم الاستفادة من محاس التقنية و نحن نعيش عصر التحول الرقمي و أدوات الذكاء الاصطناعي التي تضفي قيمة مضافة عند إعداد السيرة الذاتية و قراءتها لاحقا من قبل مسؤولي التوظيف.
•
خطط للنجاح:
ان التخطيط لإعداد سيرتك الذاتية يحتم عليك أن تصممها بذكاء. ترى كيف يمكنك القيام بذلك ؟ لاشك أن هناك أساليب عديدة و هي تعكس ذوق صاحبها ولكن دعوني أشاطرك خارطة طريق يمكنك إتباعها لتحديث سيرتك الذاتية وجعلها تستحوذ على انتباه مسؤولي التوظيف تتمثل ملامحها في التالي:
• تعرف على المؤسسة التي ستتقدم لطلب وظيفة بها. أبحث جيدا عن طبيعة عملها وماهي الدائرة التي تتعلق بها هذه الوظيفة و الشروط المحددة لشغلها والمهارات التي يجب أن تتمتع بها والمصطلحات المستخدمة من قبل المؤسسة و يمكنك التعرف على ذلك من خلالها موقعها الإلكترونية و ما ينشر عنها في وسائل الإعلام الرقمي الذي يمكنك الحصول عليها من خلال هاتفك النقال بسهولة و يسر.
• قم بجرد كافة المستجدات التي طرأت لديك منذ قيامك بإعداد النسخة السابقة من سيرتك الذاتية واختر ما يتماشى منها مع متطلبات الوظيفة التي تود التقدم لها حاليا و إجعله واضحا و جليا في ما تضمنه في سيرتك الذاتية من محتوى.
• حدث سيرتك الذاتية بشكل يتوائم مع طبيعة عمل المؤسسة والمتطلبات المطلوبة لهذه الوظيفة.
• تجنب المبالغات و أعمل على تنقيح سيرتك الذاتية لغويا لكي تخلق انطباعا جيدا عن صاحبها فهي تذكرة تمكنك من اجتياز مرحلة الفرز و الحصول على دعوة لحضور المقابلة.
• ركز على وقع سيرتك الذاتية على عين قارئها فاختر التصميم الملائم لعرض البيانات من خلالها.
• عش روح عصرك و استفد مما تزفه لك التقنية من أدوات عصرية لتحصد ميزتها المضافة. لقد بات بمقدرتك ابتكار طرقاً جديدة ومميزة في عرض سيرتك الذاتية ، بحيث لا تكون محصورة على الخيار الورقي فقط ، بل بات بإمكانك عرض سيرتك الذاتية من خلال مقطع فيديو قصير لمدة ٣ -٥ دقائق تعرض فيه اهم إنجازاتك ومشاريعك ، حتى لو كنت حديث التخرج يمكنك أبراز ما أنجزته من مشاركات خلال فترة دراستك او مشروعك الخاص وًهوايتك المميزة و الخدمات التطوعيةً التي قدمتها لمجتمعك ووطنك. فهذه فرصة سانحةً تناديك قائلة ” تحدث لكي اراك”.
لاشك ان السيرة الذاتية كمستند يعد ذو أهمية قصوى يجب تعهده بالتحديث وهي مرآة تحثك على الاستمرار في تطوير مهاراتك وقدراتك ومستواك التعليمي. ضع هذا الهدف ماثلا أمام عينك واسعى الى التطور المستمر.
تذكر أن تتعهد سيرتك الذاتية بالرعاية والحرص على تصميمها وتحديثها بذكاء. يقال الفشل في التخطيط هو تخطيط للفشل لذا احرص على اكتساب مهارة التخطيط ووظفها كمنهج للحياة. وظف هذه المهارة في المرة القادمة لكي تصمم سيرتك الذاتية بذكاء يجعلك ضمن اوائل الذين يتم فرز سيرهم الذاتية تمهيدا لدعوتهم للحضور إلى المؤسسة لمقابلتهم و التأكد من مدى ملائمتهم للوظيفة و هي مرحلة تحتم إعدادا من نوع آخر سأسلط الضوء عليه في القادم من الأيام فحتى ذلك الحين كن جميلا ترى الوجود جميلا.
د.صالح بن عبدالله الخمياسي