نظمت غرفة تجارة وصناعة عمان ممثلة باللجنة الاقتصادية ولجنة سوق العمل بالغرفة ندوة “اللامركزية ودورها في تنويع الاقتصاد وتوليد فرص العمل في المحافظات” تحت رعاية معالي قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وبحضور سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة الغرفة، وعدد من أصحاب المعالي والمكرمون أعضاء مجلس الدولة وأصحاب السعادة، وعدد من أصحاب وصاحبات الأعمال.
هدفت الندوة إلى تعزيز دور اللامركزية في تنمية المحافظات، مع استعراض نماذج عملية من التجربة الألمانية، خاصة في مجالات إعداد موازنات المحافظات وآليات صرفها، وجذب الاستثمار المحلي والأجنبي، إلى جانب عرض الفرص الاستثمارية لكل محافظة.
أكد سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان أن الندوة تأتي انطلاقا من الأهمية التي توليها الغرفة للمساهمة في جهود التنويع الاقتصادي، انسجاما مع رؤية عمان 2040، حيث تسعى الغرفة لتنمية اقتصاد المحافظات والمضي نحو تحقيق اللامركزية فيها، مشيرا إلى أن اللامركزية تعزز من التنافسية والتكاملية بين المحافظات، مما يساهم في تحقيق الرؤى التنموية.
وأوضح سعادته أن توسيع الصلاحيات في المحافظات يتطلب توزيعا فعالا للموارد، لتوجيهها نحو جهود تنموية تلبي احتياجات المحافظات وتعظم الاستفادة من مميزاتها.
وأضاف سعادته أن تنظيم هذه الندوة جاء استنادا إلى تقديم نماذج عملية من أنجح التجارب العالمية في تطبيق اللامركزية، مثل التجربة الألمانية التي تتميز بنظام عريق في هذا المجال.
من جانبه استعرض فيليب دينستير مدير البرنامج الإقليمي لدول الخليج من معهد كونراد أديناور في كلمته نشأة اللامركزية في جمهورية ألمانيا الاتحادية، مشيرا إلى أن التجربة الألمانية تعد نموذجا ناجحا يحتذى به عالميا، حيث تعتمد على نظام فيدرالي يوازن بين الحكومة الاتحادية (الفيدرالية) وحكومات الولايات والبلديات، ويتم تقسيم الصلاحيات والمسؤوليات بوضوح، حيث تتولى الحكومة الفيدرالية القضايا الوطنية مثل الدفاع والسياسة الخارجية، بينما تتولى الولايات شؤون التعليم، الشرطة، والتنمية المحلية، وتدير البلديات الخدمات العامة، كما تتمتع الولايات باستقلالية في إعداد موازناتها، وتخصص لها حصص عادلة من الإيرادات الوطنية لضمان تحقيق التنمية المحلية وفقا لأولوياتها، ويشجع النظام اللامركزي الولايات على جذب الاستثمارات من خلال حوافز ضريبية وبرامج تدعم البنية الأساسية، مما يعزز التنافسية الإقليمية. في الوقت ذاته، يضمن التكامل بين الحكومة الفيدرالية والولايات التنسيق لتحقيق الأهداف الوطنية، مع إشراك المجتمعات المحلية في صنع القرار لتعزيز الشفافية وتحقيق التنمية المتوازنة.
بدوره، تحدث صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد رئيس اللجنة الاقتصادية عن رؤية عمان 2040 والتوجه الاستراتيجي لتطبيق اللامركزية، مشيرا إلى أن أولوية تنمية المحافظات والمدن المستدامة التي تضمنتها رؤية عمان 2040تهدف إلى الاستخدام المستدام للأراضي وتأسيس مناطق حضرية وريفية ذات تراث طبيعي وثقافي تتميز بالمرونة والقدرة على التعامل مع المتغيرات المناخية، كما أشار إلى أن هذه الأولوية تهدف إلى تعزيز الميزة النسبية والتنافسية للمحافظات من خلال المدن الذكية المستدامة والريف الحيوي، بما يضمن جودة عالية للحياة والعمل والترفيه، وبنية أساسية عالمية المستوى، ووسائل نقل متنوعة وسهلة الوصول.
وأكد سموه أن رؤية عمان 2040 تهتم بمحور “اللامركزية الإدارية والاقتصادية”، حيث يمثل تفعيل اللامركزية خطوة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المتوازنة والعدالة الاقتصادية بين المحافظات، مع تعزيز المشاركة المجتمعية وتمكين المحافظات في تنمية مواردها بهدف الاستفادة من مقوماتها الاقتصادية، وفي سبيل تحقيق ذلك تقوم الحكومة بتمكين المحافظات بالموارد المادية والقيادية في ذات الوقت لا يمكن إغفال دور القطاع الخاص في تفعيل الفرص المتاحة في مختلف المحافظات لتنمية القيمة المحلية بها.
وقال سعادة محمد بن حسن العنسي رئيس لجنة سوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عمان إن الهدف من هذه الندوة هو الاستفادة من التجربة الألمانية في تطبيق اللامركزية خاصة وان التجربة الألمانية تعد من أعرق التجارب على مستوى العالم واستطاعت تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الشاملة للدولة مع خصوصية العملية التنموية في ألمانيا مع إزكاء البعد التنافسي بين الولايات لتحقيق الحضور القوي في الاقتصاد الألماني.
وبين إن مساعي تطبيق اللامركزية في ألمانيا بسلطنة عمان والتي جاءت بعد التوجيهات السامية من لدن مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ ستعمل على إعطاء المحافظين وأصحاب القرار في المحافظات المزيد من الصلاحيات التي تعود بالنفع على زيادة الاستثمارات التي تناسب الميزة النسبية لكل محافظة وبالتالي إيجاد المزيد من فرص العمل المستدامة.
تضمن المحور الأول من الندوة استعراض اللامركزية من خلال المتطلبات ومنهجية التحول، حيث تم عرض التجربة الألمانية، إلى جانب استعراض التقدم المحرز في تجربة سلطنة عمان، وتقديم ورقة عمل حول خطوات الانتقال نحو اللامركزية.
أما المحور الثاني فتناول الاستثمارات وتنوع الاقتصاد وتوليد الفرص، متضمنًا دور القطاع الخاص في تحقيق نهج اللامركزية وإيجاد منهجية جديدة لصناعة الفرص الاستثمارية، كما شملت الندوة ورقة عمل حول خطوات بناء بيئة مواتية للأعمال في المحافظات، واستعرضت الورقة الأخيرة معايير ومؤشرات القياس والرصد وفق الأهداف المستقبلية.
وتسعى هذه الندوة إلى الاتفاق على بنود استرشادية لتعزيز دور القطاع الخاص في تحقيق نهج اللامركزية، بما يسهم في تحقيق التنمية المتوازنة على مستوى حوكمة الأداء، ومراجعة التشريعات والقوانين والضوابط للانتقال بالمحافظات إلى مرحلة التمكين.