يتظاهرُ العدوُّ الصهيوني أمام العالَم بأنَّه حقَّقَ النَّصرَ المُطْلق وإيهام المُجتمع الصهيوني بأنَّه تمكَّن من القضاء على المقاوَمة في قِطاع غزَّة، لكنَّه في الواقع يُخفي الفشل المُطْلق ويتجرَّع حجمَ الآلامِ والخسائر المادِّيَّة والمعنويَّة بفعل معركة طوفان الأقصى منذُ السَّابع من أكتوبر 2023م وحتَّى اليوم.. وليس أدَلّ على ذلك ممَّا تعرَّض له من عمليَّات استهداف لنخبةِ مقاتلِيه في قِطاع غزَّة، وخصوصًا في شمال القِطاع (مُخيَّم جباليا وبيت لاهيا). فالخسائر بَيْنَ صفوفه ما زالتْ مستمرَّةً في الأماكن الَّتي يتشدَّق أنَّه دمَّرها بالكامل، وهذا الصُّمود الأُسطوري الَّذي تجاوز (14) شهرًا يُعبِّر عن إرادةٍ وعزيمة وتضحيات جسام قدَّمها أبناء الشَّعب الفلسطيني ومقاوَمته الباسلة في سبيل تحقيقِ مشروعِ التَّحرير. ولا شَكَّ أنَّ هذا الشَّعب الأبيَّ يُدركُ جليًّا أنَّ مشروعَه لن يتحقَّقَ إلَّا بمِثلِ هذه التَّضحيات والملاحمِ، كما أنَّ حجمَ العدوان وتجاوزَ العدوِّ لكُلِّ المواثيق والأخلاق والقِيَم الإنسانيَّة إنَّما يعلِّق المشروع الصُّهيوني على تابوت الزَّوال. هكذا هي حركة التَّاريخ عِندَما يتجاوز الطُّغيانُ والعدوان الحدودَ الإنسانيَّة في استهدافِ البَشَر والشَّجر والحجر والحياة بِرُمَّتها يقابلُه أصحاب الأرض بملحمةِ كفاحٍ وصمودٍ لهَا ما بعدَها في حركة التَّاريخ وسنَّة التَّبديل والزَّوال الَّتي ـ بعَوْنِ الله ـ تتحقَّق في مِثل هذه الظُّروف، كما أنَّ الأهدافَ الرئيسة للعدوانِ الصُّهيوني منذُ بداية العدوانِ الَّتي كانتْ مُعلنةً حَوْلَ إعادة أسْراه وإنهاء فصائل المقاوَمة في قِطاع غزَّة والأهداف الأخرى الَّتي عمل عَلَيْها لاحقًا مِثل التَّهجير لم يتحقَّقْ مِنْها شيس يُذكَر..
فكيف يدَّعي تحقيقَ النَّصر؟!! فكُلُّ هذه الأهداف لم تتحقَّقْ وحتَّى المفاوضات الَّتي جرتْ خلال الشُّهور الماضية ورغم غياب بعض قيادات المقاوَمة، إلَّا أنَّ الصُّمودَ والتَّمسُّك بالثَّوابت لم يطرأْ عَلَيْها أيُّ تغييرٍ واستمرَّتْ قافلةُ الطوفان والتَّحرير تعمد على أشلاء الشُّهداء، بالمقابل يعيش قطعان المستوطنين في حالة أزمة خانقة وانعدام الأمن وتدهوُر كُلِّ مُجريات الحياة الطَّبيعيَّة وأزمة ثقة داخليَّة يعيشها المُجتمع الصُّهيوني، وانقسام حادٍّ بَيْنَه وحكومته زادَها ما يحدُث على الجبهة الشَّماليَّة وعدم قدرة كيان الاحتلال على إعادة سكَّان مستوطنات الشَّمال كما وعَدَ قادة العدوان المُجرِمون وفي مقدِّمتهم (النتن ياهو) ووزير الحرب (جالانت) لِينتهيَ الأمْرُ بمذكّرة اعتقال لَهُما لارتكابهما جرائم حرب، ما يعني الموت السِّياسي تمامًا ممَّا دفعَ بالتَّسليم على الجبهة اللبنانيَّة بعد تلك النَّكبات الَّتي تعرَّض لهَا جيش الاحتلال في جنوب لبنان وعدم الثِّقة لدَى سكَّان مستوطنات الشَّمال بالعودة! وحتَّى في حال الاتِّفاق ستظلُّ احتماليَّة التَّهديد قائمة في أيِّ وقتٍ، وبالتَّالي بروز حزب الله بصورةِ المنتصِر حيث كسبَ حزب الله الجولة بعدما وجَدَ الاحتلال نَفْسَه عاجزًا أمام مفاجآت وقدرات حزب الله وكان آخرها معركة الـ(300) صاروخ يوم الـ(25) من نوفمبر 2024م الَّتي دكَّت تل أبيب ووضعَتْ أكثر من (3) ملايين مستوطن في الملاجئ، وما زالتْ معركة الحسابِ المفتوح بعنوان «وإن عُدتُم عُدنا». هكذا هي إرادة الأبطال، هنيئًا لحزبِ الله ما تحقَّقَ وما قدَّمه طوال (14) شهرًا من معركة طوفان الأقصى من دعم ومساندة للأشقَّاء على الجبهة الفلسطينيَّة، وما زالتْ وحدة السَّاحات فاعلة، فهناك صواريخ الشَّرف والكرامة الَّتي تنطلق من اليمن الشَّقيق والمقاوَمة في العراق، وهُنَا انتهَى الوَهْم الصُّهيوني بتدميرِ حزب الله.
اليوم بعد (14) شهرًا من معركة طوفان الأقصى ما زالتِ المقاومةُ فاعلةً في قِطاع غزَّة، وما زال أسْرَى الكيان في حوزةِ رجالِ القسَّام، وما زال سكَّان غزَّة في مناطقِهم رغم حجمِ الدَّمار، إلَّا أنَّ هذا الشَّعب العظيم أثبتَ أنَّه على قدرِ أهلِ العزم تأتي العزائم ويتحقَّق النَّصر ويُستكمل مشروع التَّحرير باستنزافِ وإنهاك هذا العدوِّ الباغي المهزوم عسكريًّا المأزوم سياسيًّا المنهار اقتصاديًّا، المعزول دوليًّا، المكشوف أمام العالَم بأسْرِه. اليوم لا بُدَّ من قيامِ انتفاضةٍ ثالثة بالضفَّة الغربيَّة تستكملُ حركة التَّاريخ وتعجِّل وعْدَ الله الَّذي وعَدَ عبادَه المؤمنين الصَّابرين بالنَّصر المؤزَّر والفتْحِ المًبيْنَ وما ذلك على الله بعزيز. ولا شكَّ أنَّ اشتعالَ انتفاضةٍ ثالثة في الضفَّة الغربيَّة تقضي على ما تبقَّى من أحلام الصهيونيَّة، حيث تشتعلُ المقاوَمة في قلبِ كيان الاحتلال بالعمليَّات الفدائيَّة وتنظيم الخلايا المقاتلة، وتنفيذ العمليَّات الفرديَّة ضدَّ العدوِّ الصُّهيوني بعدما تمَّ إنهاك الكيان الصُّهيوني أكثر من (420) يومًا في معركةِ طوفان الأقصى، ما يعني الزَّجَّ بورقةٍ رابحة لهَا ما بعدَها في تحقيقِ مشروعِ التَّحرير العظيم.. الله أكبر ولله العزَّة ولرسولِه وللمؤمنين ولكنَّ المُنافِقِين لا يعلمون.
خميس بن عبيد القطيطي