“رنين” مبادرة ثقافية وباتت حديث الناس، وقد أقيمت في مطرح في بعض المواقع في حلة العرين وفي بعض المعالم والمنازل والأزقة التاريخية مثل قلعة مطرح وبيت الخنجي وبيت الحوري وغيرها من تاريخ 21 إلى 30 نوفمبر 2024، وأرى أنه من الواجب وضعها في خانة الاستثمار الثقافي ومن أنجح المبادرات على الإطلاق، ولا يعني أنه لم تكن هناك مبادرات وقصص نجاح سابقة، وبكل تأكيد وبدون أي شك ستكون هناك مبادرات مستقبلية ناجحة ومميزة.
لكن السؤال: لماذا يجب وضع فعالية “رنين” في خانة الاستثمار الثقافي؟ الإجابة عن هذا السؤال تتلخص في أن معظم الفعاليات الثقافية لا تلقى التفاعل الكبير إلّا من المهتمين والمتخصصين، غير أنَّ هذه المبادرة النوعية أثبتت عكس ذلك، وكان قيمة مضافة من جميع النواحي، وأهم ما حقق ما يلي:
- الأثر الاقتصادي المباشر: الأعداد التي توافدت إلى هذه الفعالية، وما صرفته من مأكل ومشرب ومواصلات ومشتريات، خاصة وأن هذه الفعالية ملاصقة لسوق مطرح الشهير، والذي يرتبط به معظم العُمانيين والمقيمين والزوار بذكريات غنية وجميلة.
- الأثر الثقافي: اجتماع أكثر من 20 فنانًا من داخل عُمان وغير عُماني، تقليديين ومعاصرين، ومشاركة الكثير من المصورين والموسيقيين والكتاب والشعراء وكل ما له علاقة بالفن تحت مُحيط واحد لتبادل الأفكار ووجهات النظر، وسقف مليء بالإلهام والتحفيز لمزيد من العطاء والابتكار والتنافس الإبداعي الخلاق.
- الأثر التراثي: تم اختيار المكان بعناية فائقة، بوجوده في حارة قديمة لكنها تضم معالم وبيوت معروفة، وهذه الفعالية أثبتت أنه يمكن إحياء الحارات التراثية القديمة بوضع لمسات شبابية فنية عصرية.
- متنفس مجتمعي: هذه الفعالية أثبتت بأن عُمان متعطشة للمناسبات النوعية المميزة والعصرية والشبابية.
- السياحة الداخلية: بسبب احتواء فعالية “رنين” على مزج عدد من عناصر النجاح التي تم ذكرها في المقالة، تمكنت هذه المناسبة من خلق سياحة داخلية لكل المواطنين والمقيمين والزوار.
- تنشيط المجتمع المحلي: من خلال إشراكهم في الفعاليات بشكل أو بآخر، وبذلك تحقق مبدأ المحتوى المحلي، أضف إلى ذلك ما سوف تتركة الفعالية في المجتمع المحلي من أثر إيجابي وذكريات وانطباعات جميلة، وستظل باقية في أذهانهم لأمد طويل.
- المؤسسات الصغيرة والمتوسطة: وخاصة العُمانية منها والمشاركة في اللوجستيات قبل وأثناء الفعالية، الظاهر منها أو من خلف الكواليس.
- الوظائف المؤقتة: والتي تحققت قبل الفعالية منذ بداية الفكرة إلى التنفيذ الفعلي، وفي باقي أيام الفعالية الممتدة لأيام، والتي ستتيح لهم المشاركة في فعاليات مستقبلية قادمة.
- مثال للتكامل: هذه الفعالية ليست بالسهلة بل السهل الممتنع وذلك بحكم ضرورة تكامل كثير من الجهات الحكومية والقطاع الخاص والقطاع المدني والمجتمع المحلي، فبالرغم من التحديات التي واجهت القائمين بالتنظيم، إلا أن هذه الفعالية كانت خير مثال للانسجام والتكامل التعاون، وأثبتت أنه مهما كان الحمل ثقيلا، يبقى خفيفاً إن تكاملت الجهود، وصدقت النوايا، وتوافقت الشعارات الجميلة مع الأفعال المخلصة.
- بيئة إبداعية: وهذا أثر معنوي يحتاجه المجتمع للإثبات للمواهب أنَّ هناك حضانات للمجتهدين، فكانت “رنين” حاضرة لهم، وإلهام غيرهم من أصحاب المبادرات الإبداعية والهمم العالية.
- أثر تشجيعي: وخاصة للمجتمع المحلي من أهالي الحارات القديمة في عُمان بأن بإمكان استثمارها وتعظيم العائد بتجديد بيوتهم التاريخية والتراثية سواء ببناء النزل التراثية أو إقامة مقاهٍ ذات قيمة مضافة أو معارض وفعاليات نوعية، وما فعالية رنين إلا مثالا وقصة نجاح يمكن أن تتكرر في بعض الأحياء التراثية بجهود وأفكار نوعية وابتكارية شبابية جذابة ومقنعة.
وختامًا.. إنَّ فعالية رنين قصة نجاح وقاعدة يمكن البناء عليها خاصة وأننا مقبلون على فعاليات ليالي مسقط ومعرض مسقط للكتاب وغيرها من الفعاليات، والتي لا أشك للحظة أنه يمكن للمختصين في الحكومة توفير خلطة التميز وجمع عوامل النجاح تحت سقف واحد لتتميز عُمان في مشاريعها وفعاليتها وقوانينها، ولا يوجد ما يمنع ذلك، ورنين خير دليل على ذلك.
خلفان الطوقي