غمرتني سعادة شخصية بعدما أطلقت وزارة التنمية الاجتماعية الحملة الوطنية “قَرِّي عينًا”، بهدف تسليط الضوء على حقوق المرأة التي كفلتها التشريعات والقوانين في وطننا العزيز، والتأكيد على مكانتها كمكونٍ أساسيٍّ في بناء المُجتمع وتنميته، وذلك ضمن الجهود الوطنية الحثيثة الهادفة إلى تعزيز الوعي المُجتمعي، وإبراز دور المرأة العُمانية في شتى قطاعات العمل والحياة.
الجميل في الحملة أنَّها تقتبس شعارها من القرآن الكريم، وتحديدًا من سورة مريم، الآية ستة وعشرين، مصداقًا لقوله تعالى: “فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا”، مُخاطِبًا السيدة مريم العذراء أثناء فترة حملها بنبي الله عيسى بن مريم- عليه السلام.
الحملة تسعى إلى توعية المرأة العُمانية بحقوقها القانونية والاجتماعية التي رسختها القوانين الوطنية، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العمل، والقوانين المُتعلقة بحماية الأسرة. كما تسعى الحملة إلى تعزيز وعي المجتمع بأهمية تمكين المرأة وضمان مشاركتها الفاعلة في شتى الميادين، بما يتماشى مع مُستهدفات الرؤية المستقبلية “عُمان 2040″، والتي كما نعلم جميعًا أنها تضع الإنسان العُماني في قلب العملية التنموية، باعتباره الغاية والهدف لهذه التنمية.
ولقد أكدت وزارة التنمية الاجتماعية أن الحملة تسعى إلى بناء فهم مشترك بين كافة أفراد المجتمع حول حقوق المرأة وواجباتها، إضافة إلى تقديم الإرشاد والتوجيه القانوني للنساء اللواتي قد يواجهن تحديات أو سوء فهم بشأن حقوقهن.
اللافت للنظر أنَّ الحملة لا تكتفي بالشعارات والنشر الإعلامي أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، لكنها كذلك تتضمن جُملة من الأنشطة والفعاليات المُوجَّهة إلى مختلف الفئات العمرية والمناطق الجغرافية، وتشمل هذه الأنشطة ورش عمل قانونية موجهة للنساء، وحلقات نقاشية مفتوحة يشارك فيها خبراء قانونيون وممثلون عن الجهات الحكومية. كما تتضمن الحملة إنتاج محتوى إعلامي مبتكر، مثل مقاطع الفيديو التوعوية، والرسائل القصيرة التي تُنشر عبر وسائل الإعلام التقليدية والرقمية.
الحملة من المقرر لها أن تصل إلى عدد من القرى في الولايات؛ لضمان شمولية الوصول إلى جميع النساء، مع التركيز على الفئات الأكثر حاجة للدعم القانوني والتوعوي.
قد يقول قائل وما الداعي لمثل هذه الحملة، وعُمان تملك منظومة قانونية وتشريعية مُنصفة للمرأة، وسبقت في ذلك دولًا كثيرة، حتى على مستوى دول الخليج، لكن الحق أن هذه القوانين والتي ترتكز على مبادئ النظام الأساسي للدولة، يجب أن تعلم عنها كل امرأة، لا سيما أهالينا في القرى، والذين قد لا يكونون على علم وإلمام كبير بهذه التشريعات التي تكفل حقوقهن.
ومما يبعث على الفخر، أنني كصحفية عُمانية، عندما أُشارك في أي حدث أو محفل دولي أو إقليمي، يسألني الكثير من الأجانب، عن عُمان، وعن حقوقي كامرأة عُمانية في مُجتمعي، ثم يتفاجأون بما أشرحه لهم من عدالة القوانين لدينا، ويكفي أننا في عُمان لا يمكن لأحد أن يظلم امرأة، حتى ولو كان والدها، فلا يجوز قانونًا- وقبل كل ذلك شرعًا- أن يُجبِر أبًا ابنته على الزواج من شخص هي لا تُريد الارتباط به. علاوة على الحقوق الكاملة للمرأة العُمانية في أمور أخرى كثيرة مثل الميراث والحق في السفر للخارج والحق في العمل، ولقد كانت العُمانيات من أوائل النساء العرب والخليجيات اللائي يعملن في وظائف كان يظن البعض أنها حكرًا على الرجل، مثل الوظائف العسكرية، والدبلوماسية، بل إن هناك نساء يعملن في وظيفة سائق مركبة أجرة لا سيما في السيارات التي تستخدم في نقل الطالبات والموظفات، وهذه حرية لا مثيل لها في عالمنا العربي، وتعكس مدى الثقة المجتمعية الكبيرة في النساء، والإيمان الكبير بقدراتهن على العطاء والبذل مهما كانت الظروف وقسوتها.
وأخيرًا.. أستطيع القول إنَّ حملة “قَرِّي عينًا”، تعكس الجهود الحثيثة والصادقة التي تبذلها وزارة التنمية الاجتماعية، بجميع مسؤوليها الأوفياء، وعلى رأسهم معالي الدكتورة ليلى النجار، وإنَّنِي لعلى يقين بأنَّ هذه الحملة وغيرها من الحملات المستقبلية، ستؤتي ثمارها يانعة، وستعم الفائدة جميع أفراد المجتمع.
مدرين المكتومية