لقد تطرقت في مقال سابق الى ضرورة قيام الباحث عن عمل بتصميم سيرته الذاتية بذكاء, و سأتطرق هنا للحديث عن ضرورةُ الإستعداد الجيد للمقابلة الوظيفية فهو يخضع لعملية تنافسية لإختيار الأفضل و فرصة يتاح له من خلالها ترويج نفسه و عرض ما لديه من معرفة و مهارة و قدرة على التواصل و إقناع أعضاء لجنةً التوظيف و التأثير عليهم بأنه الخيار الأفضل و الموهبة التي تبحث مؤسستهم عنها.
ما أن تعلن الشركات عن وظيفة ما ، ألا و تنهال على دوائر التوظيف بها عدد كبير من السير الذاتية للمتقدمين لشغلها ، و فور إغلاق باب التسجيل يبدأ موظفي دائرة التوظيف بفرز المتقدمين لتلك الوظيفة لمعرفة مدى مطابقة بياناتهم المذكورة في السيرة الذاتية لشروط شغلها و هي مرحلة تقتضي الدقة و النزاهة و الحيادية.
إن هذه المرحلة من مراحل التوظيف تمكن المختصين بالتوظيف من التوصل إلى قائمة المتقدمين الذين اجتازوا مرحلة الفرز و بالتالي يتم التواصل معهم و دعوتهم لحضور المقابلات الشخصية في اليوم و المكان و الوقت المحدد لذلك سواء كان ذلك عبر الهاتف او البريد الإلكتروني او الأثنين معا. فالمقابلة وسيلة لإستكمال إجراءات التوظيف المعمول بها يتم من خلالها تقييم المتقدمين لإختيار الأفضل منهم .
أن الدعوة لحضور المقابله أمر يبعث الأمل لدى الباحثين عن عمل سواء كانوا مبتدئين لم يسبق لهم التعرف على آلية و ديناميكية التفاعل الإنساني داخل هذه المؤسسات الإقتصادية او أولئك الذين ينشدون فرص الارتقاء في السلم الوظيفي و هم يشقون طريقهم في مساراتهم المهنية للظفر بوظائف قيادية ترضي طموحاتهم و تمنحهم فرصةً للنمو و التطور و تحقيق الذات.
فور إجراء التواصل الهاتفي او عبر البريد الإلكتروني مع المدعوين للحضور للمقابلة تتم عملية تقييم المدعويين لحضور المقابلة بشكل غير مباشر منذ الوهلة الأولى للرد على المكالمة الهاتفية بشأن دعوتهم لحضور المقابلة.
من خلال هذا التواصل القصير يتم تكوين إنطباعات مبدئية عن الشخص من حيث كونه مستمع جيد ام لا ، و كذلك التعرف على مدى حماسه و شغفه لهذه الفرصة ، هل هو من الذين يهتمون بالتفاصيل ام لا؟ و هكذا فإن من الذكاء أن يبدأ المتقدم للوظيفة بخلق إنطباع جيد عن ذاته من أول مراحل التواصل مع المؤسسة.
الاستعداد للمقابلات الوظيفية:
ما ان تنتهي المكالمة الخاصة بدعوتك لحضور المقابلة الوظيفية يجب عليك الاستعداد الجيد لها، فهي فرصة جاءت تطرق بابك و بالتالي فإن توجهك الذهني يلعب دورا محوريا في الاستعداد. و يجسد مدى احتفاءك بهذه الفرصة و ثقتك
بإمكانياتك و شغفك و حماسك للظفر بها. لذا لابد من التحلي بالإيجابية و العمل على التحضير الجيد للأداء في المقابله.
لابد من الشروع في البحث عن معلومات عن الشركة والوظيفة للتعرّف على رؤيتها وًرسالتها، ومنتجاتها أو خدماتها و نطاق عملها و منهم عملاءها و ماهي آخر الأخبار الصحفية المنشورة عنها.
كما يجب على المتقدم فهم متطلبات الوظيفة وربطها بخبراته ومهاراته للتحدث عن إمكانياته خلال المقابلة بشكل مقنع و ملائم لطبيعة الوظيفة ليجذب من خلاله إنتباه أعضاء اللجنة.
يجب التنويه أن البعض ينسى ضرورة الإلمام بمحتوى السيرة الذاتية و هنا لابد ان تحرص على ان تكون مستعدا للرد على أي سؤال متعلق بالبيانات المضمنةً بسيرتك الذاتية. إذ ان عدم القدرة على الرد يعطئ إنطباعا سيئا عنك. أيعقل أن لا تعرف التعبير عن ذاتك و إنجازاتك.
كما يفترض من المتقدم ضرورة اعداد قائمة بالاسئلة الشائعة و المتوقعه من قبل لجنة التوظيف و البدء في التدرب على الإجابة عليها من خلال محاكاة ما سيحدث في المقابلة الفعلية من خلال تكليف أحد زملاءه او افراد أسرته لطرح الاسئله عليه و يتولى الرد عليها جهرا و كأنه في قاعة المقابلة ، وان ينصت إلى التحسينات المقترحة ووضعها في عين الإعتبار. كما يمكنك التدرب أمام المرآة او تسجيل أداءك عبر الفيديو للتعرف على مواطن التحسين.
في يوم المقابلة:
في اليوم المحدد للمقابلة إحرص على الذهاب إلى مقر الشركة قبل موعد المقابله لتلافي زحمة الطريق و الوصول مسبقا لخلق انطباع جيد و استغلال الوقت المتاح للتهيئة النفسية قبل الدخول للقاعةً في الوقت المحدد لك. خلال فترة إنتظارك حفز نفسك و راقب المفردات التي ترسلها إلى عقلك و إحرص على ان تكون تلك المفردات إيجابية . تنفس بعمق لتبدد القلق و تهدأ ثم توكل على الله محفزا نفسك بأنك قادر على إجتياز المقابلة بتميز.
أثناء المقابلة:
توفر المقابلة فرصةً للتحاور بين الطرفين من خلال تبادل الأسئلة و الأجوبة التي أعدت لتقييم مستوى الشخص الذي تتم مقابلته و التعرف على مستوى معرفته و مهاراته و قدراته بشأن الوظيفة التي جاء كأحد المترشحين لها.
بادر بالتحية و السلام و دع نبرة صوتك تعكس ثقتك و حماسك للمقابلة ثم إجلس أينما يشار لك بالجلوس.
كن منصتا للأسئلة و لا تقاطع السائل لتفهم السؤال جيدا و راقب لغة جسد أعضاء لجنة أعضاء التوظيف. وزع نظرك عليهم و انت تحدثهم عن الإجابة.
يلجأ البعض إلى المبالغة في الإجابة و ذكر بعض الأمور غير الصحيحه ضنا منه ان ذلك سيحظى على استحسان منهم ينصتون اليه او ادعاء أمور لا يعرفونها عوضا عن التحلي بالمصداقية و هذا يؤدي إلى عدم الثقة.
نظرات العين
تعابير الوجه
إيماءات اليد
في العادة يتم إتاحة الفرصه للمترشح في نهاية المقابله لكي يطرح ما لديه من أسئلة على أعضاء لجنة المقابلة و هي فرصة لخلق إنطباع لديهم بأن لديك الشغف و الحماس و التطلع للعمل بهذه المؤسسة يفسدها البعض بالرد بعدم وجود أسئلة لديهم، في حين يقتنصها البعض الآخر و يطرحون ما لديهم من تساؤلات. و من الأسئلة التي يمكن طرحها لأعضاء اللجنة تلك التي تهدف إلى التعرف عن فرص النمو و التطوير ، و كذلك سبل تقييم الاداء و الحوافز التي يتمتع بها الموظف و كذلك الفترة المتعلقة بمعرفة نتائج المقابلة و غيرها.
و أكد هنا على ضرورة عدم مغادرة المكان الإ بعد شكر أعضاء اللجنة على إتاحتهم الفرصة لحضور المقابله بنبرة تعكس المصداقية و الشغف متمنيا لهم التوفيق و النجاح مما يخلق إنطباعا جيد يميزك عن من لا ينهي الحوار بهذه اللمسة الإنسانية التي تتحدث بصوت عالي عن شخصيتك.
خاتمة:
لا شك أن الاعداد الجيد لاجتياز المقابلات من خلال إتباع هذه التوصيات سيجعلك تقتنص الفرصة فكما يقال أن الفرصة تهوى العقل المستعد الأمر الذي يمكنك من تحويل أداءك في المقابلات الوظيفية إلى أمل يسعدك.
.
لذا فأن قدرتك على خلق الإنطباع الجيد أثناء المقابلة تمثل فارق عند تقييم الذين تمت مقابلتهم.
أن الوهلة الأولى لدخولك تعبر عن حماسك و ثقتك و هي الفرصة الاولى خلق الانطباع الاول. ثم يستهل أعضاء اللجنة بعد الترحيب بالمتقدم الطلب منه في البدء بتعريف نفسه.
من المفارقات أن الكثير يحتارون في كيفية التعريف بأنفسهم حين يطلب منهم ذلك.
لماذا الحيرة و أنت أدرى بنفسك عن غيرك .
في هذا السياق إجعل إجابتك تحتوي على معلومات شخصية ومهنية، كما يجب تسليط الضوء على مدى توافق خبراتك وأهدافك مع متطلبات الوظيفة.
إن التحلي بالإنصات الفعال خلال المقابلة و عدم المقاطعة أثناء طرح أعضاء اللجنة السؤال عليك مهارة تميزك عمن يهوى مقاطعة السائل قبل الإنتهاء من طرح سؤاله، و تجعلك قادرا على فهم. السؤال جيدا و الرد عليه بشكل مناسب و مقنع.
هناك من لا يفهم بعض الأسئلة المطروحة عليه ، إلا أنه يخجل من الاستيضاح عنها و هو أمر غير مبرر . أحرص على فهم السؤال جيدا قبل الرد عليه و لا ضير من الاستفسار إذا كان السؤال غير واضح . كما يلجأ البعض إلى المبالغة في تضخيم إنجازاتهم و رسم صورة غير صادقة عن مستوياتهم و هو أمر يمكن لأعضاء اللجنه التأكد منه من خلال الأسئلة اللاحقة، لذا فإن الصدق و الأمانة سمات تعكس الجانب الأخلاقي لشخصيتك و تعزز الثقة في التعامل معك.
حين يطلب من المتقدمين ذكر سلبياتهم يدب القلق و الإضطراب في أوصالهم . لا داعي لذلك عليك أن تتقبل السؤال بإعتبار أننا في تحسن مستمر و بالتالي أجب بأريحية و دون تشنج.
إن الرد على هذا السؤال يعكس صدقك في الرد ، ووعيك الذاتي، وقدرتك على تحويل المواقف السلبية إلى فرص للنمو و التطور. تطرق إلى نقاط ليست ذات أثر كبير على أداءك في الوظيفة، على سبيل المثال انك تهتم بالتفاصيل الأمر الذي يستغرق وقتًا إضافيًا لإنجاز بعض المهام .
إن ردودك عبر التواصل اللفظي من خلال إنتقاء المفردات المناسبة و إختيار الكلمات الدقيقة لابد أن ترافقه مهارة في التواصل غير اللفظي فالانطباع الذي يولده صوتك و لغة جسدك يعبران بجلاء عن حالتك النفسية و مدى ارتياحك و انسجامك و ثقتك. إحرص على التوقف بين جملة وأخرى عوضا عن السرعة التي تجعل كلامك غير مفهوم. كما يمكنك التركيز على بعض المفردات التي تود ان ينتبه لها المستمع من خلال تفخيم الصوت. كما يجب أن يكون صوتك واضحا مسموعا لذا تجنب التحدث بصوت خافت.
اما لغة الجسد فهي تتحدث عن ثقتك و مصداقيتك و مزاجك إيضا. فأعمل على الجلوس في وضعية تجعلك في إرتياح، و وزع نظرات العين على الجميع بتلقائية و هدوء. دع إيجابيتك و ثقتك تنعكس عبر تعابير وجهك و أطلق إيماءات اليد لتصف ما تقول بثقة.
عند الانتهاء من المقابلة يتيح أعضاء اللجنة للمتقدم الفرصة لطرح أسئلته عليهم و هي فرصة سانحة لخلق إنطباع عن شغفه و حماسه للعمل بهذه المؤسسة ، إلا أن البعض يفسدها بالرد قائلا شكرا لا توجد لدي أسئلة، بينما يقتنصها المستعدون فيطرحوا أسئلتهم. و من الأسئلة التي يمكن طرحها في هذا السياق تلك الخاصة بفرص التطور و النمو و الاستفسار عن نظام تقييم الاداء و الحوافز المتاحة للموظفين و التعرف على تفاصيل أكثر عن الوظيفة.
قبل مغادرة المكان فور الإنتهاء من المقابلة يمكنك خلق إنطباع جيد يميزك عن غيرك فقم بتوجيه الشكر لأعضاء اللجنة على إتاحتهم الفرصة لك لحضور المقابله متمنيا لهم و للمؤسسة المزيد من التقدم ثم ودعهم ببشاشة تبقى راسخة في أذهانهم.
لاشك أن الإعلان عن الوظيفة يعد فرصة متاحة لجميع من تنطبق عليه الشروط أن يتقدم لها ، اما المقابلةً فهي إجراء يتم من خلاله إنتقاء الصفوةً لتلبية إحتياج المؤسسة من القوى العاملة المطلوبة وفقا لخطتها المعتمدة لذا فإن إتباع هذه التوصيات سيجعلك مستعدا للإستفادة من الفرصة فكما يقال ان الفرصة تهوى العقل المستعد و بالتالي من خلال الإستعداد الجيد يمكنك تحويل فرصة المقابلة إلى أمل يسعدك.
د. صالح بن عبدالله الخمياسي