في اليوم العالمي للغة العربية، تشرق الكلمات وكأنها تضع تاجها على رأس حضارة عمرها آلاف السنين، لغة الضاد التي تتحدث بها الشفاه بأناقة، وتحمل بين طياتها نغمات التاريخ والأدب. وفي قلب هذه اللغة، تقبع دمشق، الحاضرة العريقة التي شهدت ميلاد أحرفها، وروعة تعبيراتها، وتفتح أفقها على آفاق الوجود.
دمشق، التي إن نطقت باسمها، تفوح منها رائحة الزهور التي نشأت على شفاه الفلاسفة، وعطر الكلمات التي خطها الشعراء والأدباء. إنها مدينة تكمن فيها الحروف كأنها سطور متجددة من كتاب لا ينتهي، وفيها تزدحم الأزقة بالذكريات التي تجسد كيف كانت اللغة العربية أكثر من مجرد وسيلة تواصل، بل كانت نبض الحياة، ومعزوفة تتردد في كل زاوية من زواياها.
اللغة العربية هي أكثر من مجرد نظام حروف وكلمات. إنها هويتنا، معجونها الزمان والمكان، وصوت الروح في هذا العالم الفسيح. وكلما عانقت شوارع دمشق حروفنا، شعرت أن اللغة تحمل في أحضانها كل معاني العظمة والمجد. هي التي تتنقل بين الوجوه، وتمر عبر الأزمنة وتترسخ في الأرض التي طالما شهدت عصوراً من العلم والفن والثقافة.
عظمة اللغة العربية تكمن في مرونتها وعمقها، في قدرتها على تطويع المعاني، وحياكتها بين الأفق الواسع والضمير المتجدد. هي لغة تسعف المحزون وتلهم الحالم، تفتح آفاقاً جديدة لآلام البشر وآمالهم في آنٍ واحد. وإذا أردنا أن نفهم سر سحرها، فما علينا إلا أن نستمع إلى صوتها في دمشق، حيث الكلمات تتناغم مع الزمن، وتتراءى الصورة واضحة كما لو أنها مرسومة بريشة ذهبية.
اليوم، حين نحتفل بلغة الأمة العربية، نحتفل بعراقة تاريخها وثراء ثقافتها، بلغة تحمل في كل حرف قصة، وفي كل كلمة حكاية. وإن كان لنا أن نغني لدمشق، لنجعل من كلماتنا ألحاناً في حب هذه اللغة، التي رغم كل التحديات، تبقى شعلة مضيئة في مسار الحياة.
عبدالعزيز بدر عبدالله القطان.