تعد ذكرى تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – الحكم في سلطنة عُمان محطة تاريخية تحمل دلالات عميقة على التغيير والتجديد في مسيرة النهضة العُمانية المتجددة، فمنذ توليه مقاليد الحكم في 11 يناير 2020، قدّمت الحكومة رؤية واضحة ومتجددة تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة والرفاه الاجتماعي، مع الحفاظ على المكتسبات الوطنية وتعزيزها.
ونظراً لأهمية القطاع المصرفي كركيزة أساسية لدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الاستقرار المالي، فقد دعا جلالة السلطان المعظم في إحدى الخطابات السامية إلى تعزيز الشمول المالي، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتنويع مصادر الدخل، بما يسهم في تحقيق التوازن الاقتصادي. كما أكد على أهمية الابتكار والإبداع لتعزيز الكفاءة وتسهيل الخدمات للمواطنين والمقيمين. واستجابة لذلك، لعب القطاع المصرفي دورًا فاعلًا في تحقيق هذه الأهداف، وبرزت جهود البنوك الوطنية، وفي مقدمتها بنك مسقط، المؤسسة المالية الرائدة في السلطنة، كمثال يحتذى به في دعم التوجيهات السامية وتنفيذ الرؤية الوطنية.
وباعتباره أحد أكبر المؤسسات المالية في سلطنة عُمان، كان لبنك مسقط دور محوري في تبني عدد من المبادرات والبرامج والمحاور الرئيسية بهدف المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد ركزت جهود البنك على عدد من المجالات الرئيسية من بينها:
التنمية البشرية الوطنية
يلتزم بنك مسقط بتبني مختلف المبادرات المبتكرة من أجل الاستمرار في توفير فرص التعلم وتطوير مهارات الشباب العماني، حيث يعمل البنك وفق خطة واستراتيجية في مجال تنمية وتطوير الموارد البشرية وتعمل على فتح آفاق جديدة أمام الشباب العُماني لإظهار قدراتهم ومهاراتهم في مجال العمل لذلك يقوم سنويًا بتحديد كافة الاحتياجات بمختلف الدوائر والفروع في البنك والأخذ بعين الاعتبار جميع المستجدات ومتطلبات البنك من القوى البشرية من مختلف التخصصات المصرفية.
حيث يفخر بنك مسقط بأنه قام خلال العام 2024 بتوفير 401 فرصة عمل مع وصول نسبة التعمين إلى حوالي 92% من إجمالي موظفي البنك البالغ عددهم أكثر 4350 موظفًا وموظفة يعملون في مختلف الدوائر والفروع المنتشرة في مختلف محافظات السلطنة. وعلى مدار السنوات الماضية حافظ البنك على تعزيز بيئة العمل النموذجية وذلك من خلال تطوير إمكانيّات الموظّفين وخبراتهم وكفاءاتهم وتزويدهم بالمهارات اللازمة لخلق فرص واسعة لتقدّمهم الوظيفي؛ الأمر الذي ينعكس إيجابًا على مستوى تقديم الخدمات المصرفية المختلفة للزبائن، كما وضع خطّة استراتيجيّة وسياسات مدروسة هادفة إلى تحقيق نجاحات وإنجازات في مجال تنمية الموارد البشرية وفتح آفاق جديدة أمام الشباب العماني من أجل بناء ثقافة تعلّم مستمرّ تُظهر قدراتهم ومهاراتهم في مجال العمل توّجها بالحصول على جائزة أفضل مكان للعمل لعام 2024 من مؤسسة عالمية مرموقة ومتخصصة في مجال العمل والموارد البشرية في المملكة المتحدة.
وتعزيزاً لدوره الريادي في إعطاء الفرصة للشباب العماني لتنمية وتطوير مهاراتهم في ميادين العمل قام بنك مسقط خلال العام الماضي بتوفير أكثر من 637 فرصة تدريبية للطلبة والطالبات، وتأتي هذه المبادرة السنوية لتوفير أفضل الفرص والبرامج التدريبية للطلبة والطالبات بهدف تنمية وتطوير مهاراتهم العملية في مختلف المجالات والتخصصات الوظيفية وخاصة المتعلقة بالقطاع المصرفي والمالي.
دعم قطاع المؤسسات والشركات
يولي بنك مسقط أهمية كبيرة للمؤسسات الحكومية والخاصة وتطوير الخدمات المقدمة لهم، كما يعمل باستمرار على تعزيز منتجاته لتتوافق مع المتطلبات المتزايدة والمختلفة لهذه المؤسسات، باعتباره شريكاً في نجاح أعمالها، ولذلك يحرص البنك على مواكبة التقنيات الحديثة في القطاع، حيث قام بتصميم عدد من الخدمات المبتكرة لمساعدة الزبائن من المؤسسات على إنجاز معاملاتهم بسرعة وكفاءة، بهدف توفير تجربة مميزة قدر الإمكان عبر تعزيز الراحة والأمان المصرفي في الوقت نفسه.
هذا ويعمل التحول الاستراتيجي الذي يحرص بنك مسقط على تنفيذه نحو توسيع الخدمات الإلكترونية وتعزيز الكفاءة كما يقلل التكاليف ويساهم في سرعة وكفاءة إنجاز المعاملات، حيث أصبح التحول الرقمي اليوم أمراً ضرورياً لجميع المؤسسات، خاصة مع التطورات المصرفية والتكنولوجية المبتكرة في عالم الخدمات الرقمية، حيث يفتخر البنك بأنه ساهم في إنجاح تطوير العديد من المؤسسات والشركات في مختلف المجالات والقطاعات وتقديم التسهيلات المصرفية المختلفة التي تلبي احتياجات هذا القطاع الهام. إضافة إلى ذلك، وضع البنك في أولوياته برامج تمويل مخصصة لدعم رواد الأعمال وتطوير مشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فهو يقدم لهم خدمات استشارية وتقنية تسهم في تعزيز استدامة هذه المشاريع وزيادة تنافسيتها، كونها تمثّل العمود الفقري للاقتصاد الوطني. وتعد هذه المبادرات جزءًا من التزام البنك في تحقيق النمو المستدام للاقتصاد العماني وتوفير الفرص للمشروعات الصغيرة للتوسع والنمو.
برامج مستدامة لخدمة المجتمع
تتوافق برامج المسؤولية الاجتماعية لبنك مسقط تمامًا مع رؤية عُمان 2040 التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز رفاهية المجتمع العماني من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتركيز على دعم مجالات التعليم والصحة والبيئة، حيث يسهم البنك في تحقيق الأهداف الوطنية التي وضعتها القيادة الحكيمة، والتي تسعى إلى بناء مجتمع قوي ومتوازن، وتضم برامج ومبادرات بنك مسقط في مجال المسؤولية الاجتماعية وخدمة المجتمع على عدد من البرامج المستدامة من بينها برنامج “تضامن” والذي استفادت منه أكثر من 2200 أسرة من أسر الضمان الاجتماعي، وبرنامج “الملاعب الخضراء” الذي يقدم الدعم للفرق الأهلية وللشباب العماني المنتسب لهذه الفرق المنتشرة في مختلف محافظات السلطنة حيث وصل عدد الفرق المستفيدة منذ تدشينه وحتى اليوم إلى 203 فريقًا، تضم حوالي 70 ألفًا من منتسبي الفرق الأهلية، بالإضافة إلى مبادرة أكاديمية ماليات والتي تهدف إلى تعزيز الوعي المالي وغرس الثقافة المالية لدى طلبة المدارس من سن مبكّر، والتي استهدفت حتى الآن أكثر من 23 ألف مستفيد، وأكاديمية ” الوثبة ” التي تقدم برامج ومبادرات تدعم رواد الأعمال في مختلف المجالات وتقدم لهم الاستشارات الإدارية والمالية بهدف تنمية أعمالهم ومشاريعهم المختلفة وغيرها من المبادرات المجتمعية المختلفة التي ينفذها البنك باستمرار وتحظى بإعجاب أفراد المجتمع.
بالإضافة إلى ذلك، يقدّم بنك مسقط عدد من البعثات الدراسية لخريجي شهادة دبلوم التعليم العام ضمن مبادرات برنامج “جسر المستقبل” للشباب العماني وذلك بالتعاون مع وزارة التعليم العالي. وفيما يتعلق بالمبادرات البيئية ، فقد دشن البنك مبادرة زراعة 300 شجرة زيتون في الجبل الأخضر ، والتي تهدف إلى خدمة المجتمع وتعزيز النمو الاقتصادي للسلطنة من خلال إطلاق مشاريع ذات تأثير بيئي واجتماعي واقتصادي طويل الأجل، أما في مجال تعزيز الوعي ضد الاحتيال الإلكتروني فقد أطلق البنك – بالتعاون مع شرطة عمان السلطانية – مبادرة توعوية حول أساليب الاحتيال المختلفة من أجل الحد من العواقب المالية والنفسية التي تسببها.
التحول الرقمي والشمول المالي
في ظل توجّه الحكومة نحو التحول الرقمي الشامل، يبذل بنك مسقط جهودا حثيثة في الاستثمار في تقنية المعلومات والبنية التحتية لهذا القطاع ووضع الخطط اللازمة لتعزيز هذا التحول من خلال تطوير القنوات الإلكترونية. وفي الوقت ذاته يواصل البنك التوسع في شبكة الفروع عبر مختلف المحافظات لتصل إلى أكثر من 185 فرعًا ومركزاً للخدمات تشمل فروع ميثاق للصيرفة الاسلامية متوزعة في كافة المحافظات كما بلغ إجمالي عدد أجهزة الخدمة الإلكترونية الذاتية أكثر من 890 جهازًا منتشراً في كافة المحافظات بما في ذلك أجهزة الصراف الآلي والإيداع النقدي وأجهزة متعددة الوظائف إضافة إلى أجهزة طباعة كشوفات الحسابات وغيرها من الخدمات المصرفية ، علماً أن بنك مسقط يقوم حالياً بتحديث مجموعة من الفروع والتي تتضمن خدمات ومرافق مخصصة لذوى الأعاقة حتى يتمكنوا من انجاز معاملاتهم المصرفية بكل سهولة وبجودة عالية ، كذلك فقد قام البنك بتدريب مجموعة من موظفي الفروع لتعلم لغة الاشارة وذلك بالتعاون مع الجمعية العمانية لذوي الإعاقة السمعية لتقديم أفضل الخدمات لهذه الفئة المهمة من المجتمع .
وعلى مدار السنوات الماضية، أطلق البنك عددا من المنتجات والخدمات التي تستهدف مختلف شرائح المجتمع، منها تدشين أول جهاز صراف آلي في سلطنة عمان المخصص لذوي الأعاقة البصرية وذلك في مقر جمعية النور للمكفوفين ، حيث يستمر البنك في تنفيذ خطط الشمول المالي لضمان سهولة وصول هذه الفئة المهمة إلى الخدمات مع توفير التدريب للموظفين لخدمة الزبائن بشكل أفضل.
الخدمات المصرفية الإسلامية
ومنذ انطلاقه في عام 2012، يبذل ميثاق للصيرفة الإسلامية من بنك مسقط جهوداً حثيثة لتقديم أفضل الخدمات المصرفية الإسلامية كونه أكبر مزوّد للخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في السلطنة، ولتعزيز حضوره في مختلف المحافظات واصل ميثاق توسيع شبكة فروعه خلال العام، وقد تجلى ذلك من خلال زيادة عدد الفروع لتصل إلى 31 فرعا و20 مركزاً للخدمات المصرفية المميزة (حفاوة) متوزعةً في جميع أنحاء السلطنة. كما يلتزم ميثاق بالاستثمار في أحدث التقنيات لتعزيز الكفاءة وخدمة الزبائن مع التركيز على التنافسية وتبنّي أفضل الممارسات والمنتجات لتلبية احتياجات مختلف الشرائح، لضمان الريادة في تقديم منتجات وخدمات عالية الجودة.
مواصلة الريادة والتميز
يتمتع بنك مسقط بسمعة راسخة في تقديم خدمات مصرفية مبتكرة وموثوقة، ويسعى لمواصلة هذه الريادة وهذا التميز خلال الفترة المقبلة عبر التركيز على تعزيز الاستراتيجيات التي تلبي تطلعات مختلف الزبائن وتقديم حلول مصرفية متكاملة تلبي احتياجات السوق دائمة التغيير، حيث يواصل الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة وتطوير الكوادر البشرية، والتركيز على تحسين تجربة الزبائن. كما يعكف البنك على توسيع شبكة فروعه وخدماته الرقمية لتصل إلى مختلف الولايات والمحافظات، مما يتيح له الوصول إلى شريحة أوسع من الزبائن تحقيقاً لمبدأ الشمول المالي وانعكاساً لرؤيته الطموحة لتحقيق النمو المستدام وتعزيز مكانته كأحد أبرز المؤسسات المالية في السلطنة.