بقلم: د. صالح بن عبدالله الخمياسي
ارتبط مصطلح العادات السبع في أذهان الكثيرين بكتاب “العادات السبع لأكثر الناس فعالية: دروس فعاله حول التغيير الشخصي لمؤلفه ستيفن أر كوفي.”، الذي حقق نجاحات كبيرة ولا زال منذ صدوره عام ١٩٨٩ فقد بيعت منه الملايين من النسخ وترجم إلى العديد من اللغات وساهم في تمكين الكثير من الناس على إحداث التغيير المنشود على المستويين الشخصي و العملي و الإرتقاء بتجاربهم إلى آفاق أرحب من التميز.
لكنني اليوم سأتطرق إلى سبع عادات ستجعل من الباحثين عن العمل أكثر فعالية وتميز عن أقرانهم الذين لا يمتازون بها لتصبح حظوظهم في الحصول على وظائف أكثر من غيرهم ممن يفتقرون لهذه العادات بإذن الله تعالى ومشيئته، فنحن كمسلمين مطالبين بحسن الظن بالله فهو الرزاق و الله عز وجل يقول في محكم التنزيل” وَفِي السّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ*فَوَرَبّ السّمَآءِ وَالأرْضِ إِنّهُ لَحَقّ مّثْلَ مَآ أَنّكُمْ تَنطِقُونَ» [الذاريات:22-23]. “.
كما أننا في الوقت ذاته مطالبين أن نشمر عن سواعدنا ونحسن التوكل على الله كما ورد في الحديث الشريف ” عن عمر بن الخطاب قال رسول الله ﷺ: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا.”
ترى ما هي هذه العادات السبع التي أقترح على الباحثين عن العمل إكتسابها وإضافتها إلى قائمة النقاط الإيجابية لديهم ليصبحوا أكثر فعالية ونجاحا ولكي تساعدهم للوصول إلى أهدافهم بشكل أسرع وأكثر كفاءة. يقول الفيلسوف اليوناني أرسطو ” نحن نتاج ما نمارسه بإستمرار لذا فالتميز عاده”.
أن العادات التي إخترتها لكم كباحثين عن عمل والتي إن التزمتوا بها و مارستوها دون كلل و لا ملل ستغدو سر تميزكم و ستؤدي إلى الحصول على الوظيفة المنشودة. تشمل هذه العادات التالي:
١. كن مبادرا وضع أهدافا واضحة لمسارك الوظيفي:
لا شك ان وضوح الرؤية وتحديد الأهداف التي تمكنك من تحقيق رؤيتك أمرا في غاية الأهمية وذلك من خلال تحديد نوع الوظيفة المطلوبة والقطاع المناسب لتخصصك وميولك وطموحاتك. ووضع أهداف ذكية (SMART) تتخذها جسرا للوصول لما تطمح إليه من أهداف. من هذه الخطوات التي ستقربك من حلمك تحديد عدد الشركات التي سيتم التواصل معها أسبوعيًا و متابعة مستجداتها عبر وسائل التواصل الإجتماعي و تدوين النقاط المطلوب إنجازها في جدول يومي مخصص للبحث عن عمل و تقديم طلب الإلتحاق بالوظائف المحددة و الإصرار على إنجازها اولا بأول . لابد من متابعة الإعلانات الوظيفية بشكل مستمر فهناك العديد من المنصات التي يمكن للباحث عن عمل متابعتها مثل منصه جداره و توطين و اجاده و عمان كرير (Omancareer)و تطبيق معاك، إضافة الىً جلف تالنت (GulfTalent) و نوكري جلف (Naukrigulf) و بيت.كوم (Bayt.com) و منصة لينكد إن.
ان المتابعة المستمرة ستساعدك على تلافى التشتت وتركيز الطاقة والجهد لتحقيق رؤيتك وأهدافك. لابد من التركيز أثناء البحث على الوظائف التي تتناسب مع المهارات والخبرات الخاصة بك كباحث عن عمل والتركيز على الشركات التي تتوافق مع ما وضعته من رؤية وأهداف، فالبحث العشوائي يهدر الوقت، بينما البحث المستهدف يزيد من فرص النجاح
٢. كن حريصا على تطوير ذاتك بإستمرار:
تتفاعل مجتمعاتنا مع متطلبات إقتصاد عالمي سريع التغيير و كثير المستجدات لذا فإن مواكبة هذه التغييرات تتطلب ضرورة أن يتحلى الباحث عن عمل بعقلية تؤمن بالتعلم المستمر و لا تقف عند محطة واحدة ترمم من خلالها إلى منطقة الأمان، بل على العكس من ذلك يجب عليه السعي للتطوير و التدريب المتواصل لكسب مهارات و معارف و قدرات جديدة من خلال دورات تدريبية عبر الإنترنت أو المشاركة في ورش عمل تتيحها منصات مثل Coursera، Udemy، وLinkedIn Learning لصقل مهاراتهم في تصميم السيرة الذاتية و كيفية التعامل مع المقابلات الشخصية و مهارات العرض و التقديم و ادارة الوقت و مهارات التعامل مع العملاء و المهارات التقنية المطلوبة في سوق العمل للحصول على ميزة تنافسية.
من ناحية أخرى أن الإلتحاق في التدريب على رأس العمل تمكن الباحثين عن عمل من إكتساب الثقة بالنفس و الحصول على خبرات عملية و فهم سياسات و إجراءات العمل و أسس التفاعل الإنساني داخل المؤسسات و كيفية العمل كفريق لتحقيق نتائج أكبر. وهي فرصة لإثراء السيرة الذاتية (CV) وتحديثها وفقًا لمتطلبات الوظائف التي يتم الإعلان عنها والسعي الىً. العمل على بناء علامة شخصية قوية عبر منصات مثل LinkedIn تجذب الأنظار إليك كموهبة يبحث عنها صاحب العمل.
- كن حارسا أمينا على وقتك:
يقال ان التسويف يعد أفضل اللصوص الذين يسرقون منك وقتك فلا تركن إليه، بل تغلب عليه من خلال إنجاز عمل اليوم في اليوم ذاته. من هنا فإن على الباحث عن العمل تحويل وقت الفراغ إلى برنامج للحصول على وظيفة او الاستفادة من فرص التدريب على رأس العمل بالمؤسسات العامة منها والخاصة او الإلتحاق بفرق العمل التطوعي او تبني عادة القراءه واكتساب المهارات الناعمة والاستفادة من الفرص المتاحة في مجال ريادة الأعمال. إن إدارة الوقت بفعالية تزيد من إنتاجيتك وتشعرك بعائد ما تستثمره من وقتك في تنمية ذاتك لمواجهة متطلبات سوق العمل بكفاءة واقتدار.
٤- صمم سيرتك الذاتية بذكاء:
تطرقت في مقال سابق على ضرورة تعهد سيرتك الذاتية بالعنايه والرعاية والتحديث المستمر. كما يجب مراعاة تكييفها مع شروط شغل كل وظيفة على حدة وتجنب الخطأ الذي يقع فيه العديد من الباحثين الذين يلجأون إلى استخدام نموذج واحد من سيرتهم لكافة الوظائف التي يعلن عنها وتتلائم مع ميولهم وتخصصاتهم. لذا لابد من الحرص كل الحرص على تحديث بيانات السيرة الذاتية والتزام الأمانة فيما يكتب بها من محتوى والإلمام بكافة البيانات التي تحتوي عليها السيرة الذاتية والقدرة على الإجابة على أي سؤال يطرح عنها.
وهكذا ستكون السيرة الذاتيةً أداة تحثك على التطور المستمر. كما يجب عليك صياغة رسالة طلبك للوظيفة بشكل تسويقي يبرز ما لديك من مميزات تجعلك متفردا عن غيرك.
٥. كن حريصا على بناء شبكة علاقات مهنية (Networking):
لا شك ان حضور الفعاليات المهنية مثل ورش العمل والمعارض الوظيفية و إستمرارية التواصل مع زملاء سابقين أو أصحاب خبرة في المجال. إضافة إلى استخدام المنصات المهنية مثل LinkedIn للتواصل مع أصحاب القرارً سيمنحك فرصة للاستفادة من خبراتهم وإرشاداتهم ويجعلك في المسار الصحيح.
لذا يجب العمل على بناء العلاقات المهنية فهي مهمة جدًا و ستمكنك من التواصل مع محترفين آخرين في مجالك، كما أن المشاركة المناقشات المهنية على الإنترنت مثل تلك التي تقام على منصة لينكدن ستجعلك مطلعا على المستجدات و ستساعدك هذه الشبكات في العثور على فرص عمل من خلال تزكية إسمك كموهبة
٦-. الاستعداد للمقابلات بشكل احترافي:
يقال إن الفرصة تهوى العقل المستعد، لذا يجب على الباحث عن عمل أن يحضر نفسه جيدا للمقابلة والتدرب المسبق لرفع سقف أداءه عاليا. قبل المقابلة عليك القيام بدراسة الشركة وفهم طبيعة عملها والتعرف على مستجداتها من خلال تتبع أخبارها عبر وسائل التواصل الإجتماعي. كذلك فهم مهام عمل الوظيفة التي قدمت طلبك لشغلها واجب لماذا ترى نفسك أفضل مترشح لشغلها. وكن مستعدا للرد على أي سؤال مستوحى من بيانات سيرتك الذاتية.
لا شك أن التدرب على الإجابة على الأسئلة الشائعة والمواقف السلوكية المختلفة و تطوير مهارات التواصل اللفظي و غير اللفظي و الإنصات الجيد للسؤال سيؤدي إلى نتائج إيجابية.كما يفترض من المترشح تحضير أسئلة ذكية تُظهر رغبته في الإنضمام للشركة .
إن مثل هذا الإعداد الجيد سيترك انطباعًا إيجابيًا ويساعدك على التميز عن المنافسين الآخرين.
٧. الحفاظ على الإيجابية والمثابرة:
يقال أن الحياة ليست دربا مفروشا بالورود فهي لا تسير على وتيرة واحدة لذا فإن لم يحالفك الحظ اليوم سيحالفك غدا فكن واثقا بربك و كن إيجابيا و تقبل عدم قبولك في وظيفة ما باعتباره جزءًا طبيعيًا من عملية البحث.كما يجب التركيز على التعلم من الأخطاء وتحسين الأداء.
إن الحفاظ على الحماس والطاقة الإيجابية في كل طلب ومقابلة أمر ضروري فلا تستسلم، مهما طالت مدة البحث عن العمل فقط استمر في البحث وتحلّى بفكر إيجابي، ولا تدع اليأس يتسلل إلى قلبك فلا شك أن الشمس ستشرق في حياتك عما قريب فالإيجابية تمنح الباحث عن عمل القدرة على الاستمرار رغم التحديات والقدرة على التحمل والتعامل مع الضغوطات بشكل إيجابي فكما يقال ما لا يقتلك يزدك قوة ويحضرك لنجاحات قادمة بمشيئة الرحمن الرحيم.
أعزائي الشباب يقول الشاعر:
وأعلم علم اليوم والأمس قبله
ولكنني عن علم ما في غد عمي
مما لا شك فيه أن حرص الباحث عن عمل على ممارسة هذه العادات السبعة واتباعها كإسلوب حياة سيعزز فرصته في العثور على وظيفة ملائمة له، لذا فإن تحقيق النجاح يتطلب مزيجًا من التخطيط، المثابرة، وتطوير المهارات بشكل مستمر لمواكبة مستجدات العصر.
د. صالح الخمياسي: باحث ومدرب و كوتش في مجال القيادة الذاتية.