ليس من قبيل المبالغة والتهويل الحديث عن ملحمة القرن والكفاح والنضال الفلسطيني، او عن الصمود الفلسطيني الاسطوري، او عن شعب الجبارين في مواجهة اعتى وأشرس عدو وحشي إجرامي على وجه الكرة الارضية، وليس من قبيل المبالغة ان نوثق بان أهلنا في غزة سطروا في مواجهة الحرب الإبادية الصهيونية الممتدة على مسافة زمنية متصلة لم تتوقف دقيقة واحدة عن الفتك والقتل والتدمير والتهجير لمدة خمسة عشر شهرا، من اكتوبر/2023 الى كانون الثاني/2025 ملحمة القرن في فلسطين بكل مضامينها ودلالاتها الكبيرة والتاريخية.
فحرب الإبادة الصهيونية في غزة هي الأشرس والأشد وحشية ودموية في العصر الحديث متجاوزة بذلك أهوال الحربين العالميتين الاولى والثانية، كما ان حجم الدمار الذي خلفته”استراتيجية الضاحية” الصهيونية في غزة تجاوز أهوال الدمار الذي أصاب مدينة درزدن الالمانية خلال الحرب العالمية الثانية، بين 13- 14 شباط 1945 حيث تمّ إلقاء 3900 طنّ من القنابل بواسطة 722 طائرة بريطانيّة أسفرت عن قتل 25 ألف إنسان وتدمير المدينة، ناهيكم عن التهجير الداخلي لأكثر من مليوني فلسطيني بكل ما ترتب وما يزال عليه من معاناة هائلة وخاصة للنساء والاطفال، وناهيكم كذلك عن التدمير الشامل للبنية التحتية الفلسطينية وللمجتتمع المدني الحضاري الفلسطيني والمح الواسع لكل ما هو فوق سطح الأرض في غزة على نحو فاق كل التوقعات والتصورات بل وفاق كل الكوابيس في هذا السياق الإبادي…!
يضاف إلى كل ذلك حالة الحصار والتجويع المرعبة التي فرضها الاحتلال على امتداد مساحة مدن وبلدات ومخيمات قطاع غزة على مدى خمسة عشر شهرا، والتي عانى منها على نحو خاص مئات آلاف الاطفال الفلسطينيين….!
ولكن رغم كل هذه الأهوال الكبيرة التي لم يسبق مثيل في التاريخ، إلا ان شعبنا الفلسطيني سطر صمودا ملحميا في ملحمة البقاء على قيد الحياة ..!
ليسجل الشعب الفلسطيني بذلك فصلا جديدا في ملحمة الصمود والكفاح والنضال الممتدة والطويلة التي تعود الى بدايات ظهور المشروع الاستعماري الصهيوني.
نواف الزرو