أصبح اختبار الآيلتس بمثابة بوابة عبور أساسية لتحقيق أحلام كثير من الشباب، سواء للدراسة أو لأجل الالتحاق بوظائف تتطلب مهارات لغوية متقدمة. ومع ذلك، فإن هذا الاختبار، رغم أهميته كمعيار لتقييم، أصبح في نظر البعض حاجزاً يقف بين الإنسان وطموحاته، ليطرح السؤال الأكبر: هل الآيلتس أداة لتحقيق الطموحات أم حاجز يعيق الأحلام ويأجل تحقيقها؟
يواجه الشباب صعوبات حقيقية مع اختبار الآيلتس، حيث أصبحت تكلفته المرتفعة عبئاً على العديد من الأسر، في حين أن الشروط الصارمة تزيد من الضغوط النفسية على المتقدمين، لا يتعلق الأمر بالكفاءة في المهارات اللغوية فقط، بل يتحول الاختبار إلى تجربة مرهقة تجمع بين الإحباط والخوف من الفشل. مع كل محاولة جديدة لتحقيق الدرجة المطلوبة، يزداد القلق، وقد يشعر البعض بأن أحلامهم التي كانت قريبة تبدو بعيدة المنال.
أدى اشتراط الآيلتس في بعض الجامعات والشركات إلى وضع قيود جديدة على الشباب. بعض الطموحات والأهداف تتوقف عند درجة واحدة لم يتم تحقيقها، رغم امتلاك الشخص كافة المهارات المطلوبة . الأمر لا يتعلق فقط بالكفاءة، بل في التحدي النفسي والقدرة على التكيف مع أسلوب امتحان صارم وصعوبته التي تختلف من شخص لآخر.
واحدة من أكبر العقبات التي تواجه الشباب مع اختبار الآيلتس هي تكاليفه الباهظة. رسوم الامتحان مرتفعة جداً مقارنة بقدرات الكثير من المتقدمين وإمكانياتهم المالية، خاصة في الدول ذات الدخل المتوسط أو المنخفض. لا تقتصر المصاريف على رسوم الاختبار فقط، بل تشمل أيضاً دورات التحضير والمواد الدراسية، مما يزيد العبء المالي. هناك فئة من الشباب يملكون الطموح والمهارات، لكنهم يقفون عاجزين أمام التكاليف التي لا يستطيعون تحملها. نتيجة لذلك، تتوقف أحلامهم عند أول عائق، بينما يبقى السؤال: هل يجب أن تكون الكفاءة اللغوية مرهونة بالقدرة المالية؟
يجد الكثير من المتقدمين أنفسهم مضطرين لإعادة اختبار الآيلتس أكثر من مرة، على أمل تحقيق الدرجة المطلوبة. ومع ذلك، تفشل المحاولات أحياناً بسبب اختلاف مستويات الصعوبة من اختبار لآخر، مما يثير تساؤلات حول عدالة التقييم. كيف يمكن اعتبار الاختبار معياراً موحداً بينما تتفاوت صعوبته من جلسة إلى أخرى؟ هذا التفاوت يجعل من الصعب على الطلاب تحقيق النجاح، حتى لو كانوا مؤهلين من الناحية اللغوية.
كما انه لا يقتصر تأثير شروط الآيلتس على الطلاب الراغبين في الدراسة أو العمل في الخارج، بل يمتد ليشمل بعض مؤسسات التعليم العالي داخل عمان أيضاً. ففي بعض المؤسسات التعليمية، تعتمد درجة المستوى الرابع في السنة التأسيسية على تحديد المستوى الدراسي الذي سيلتحق به الطالب، سواء كان دبلوم، دبلوم عالي، أو بكالوريوس. وفي حالة عدم تحقيق الطالب الدرجة المطلوبة، يُطلب منه اجتياز اختبار الآيلتس للحصول على الدرجة اللازمة للانتقال إلى المستوى الدراسي الذي يريد، إذ أن درجة واحدة كفيلة بان تعيد رسم مستقبلك الذي ضللت تحلم فيه.
من المفارقات التي تزيد من تعقيد اختبار الآيلتس اشتراط حد أدنى لكل مهارة فردية (مثل 4.5 في كل مهارة كحد ادنى). فعلا سبيل المثال قد ينجح الطالب في تحقيق المجموع الكلي المطلوب (مثل 5 درجات للبكالوريوس)، لكنه يُستبعد بسبب عدم تحقيق الحد الأدنى المطلوب في إحدى المهارات (مثل أن يكون أقل من 4.5 في مهارة معينة أو عدة مهارات )، ويمنع من الالتحاق بالبرامج الدراسية المختلفة أو إكمال دراسته فيها، حتى لو كان مجموعهم العام في الامتحان الأساسي هو المطلوب. هذا الشرط الإضافي يُعتبر عبئاً آخر يُثقل كاهل الطلاب ويؤخر تحقيق أهدافهم الأكاديمية والمهنية؛ يجعل من الصعب على المتقدمين اجتياز الامتحان، حتى لو أثبتوا كفاءتهم الإجمالية، مما يخلق إحباطاً لدى الكثير من الشباب الطموحين.
يبقى الآيلتس أداة مهمة، لكنه تحول لدى البعض إلى عقبة بدل أن يكون فرصة. يجب على الجهات المعنية إعادة النظر في اشتراطاته وتوفير بدائل مناسبة أو على الأقل تحسين نظام التقييم. الطموحات لا يجب أن تتوقف عند حدود امتحان، بل يجب أن تجد لها ألف طريق لتحقيقها.أفما آن الأون لوضع معايير مرنة تتماشى مع قدرات الطلاب الفعلية بدلا من فرض معايير موحدة تُحدِّد مصير الطلاب الأكاديمي والمهني وتثقل كاهلهم ؟ ربما حان الوقت لتفكير أكثر شمولاً ومرونة ليتمكن الطلاب من تحقيق طموحاتهم دون المزيد من العقبات.
الاسم: بدرية الحومانية