رثاء بقلم: خليفة البلوشي
وأنا خارج البلاد، قلت له ونحن نتواصل عبر النقال أخيك في الكويت أي خدمات علينا، تنهد وقال تحفكم عناية الله، أنني على يقين تام أنه يحبها ويعشق ناديها العريق ( القادسية )، تابعنا التواصل المستمر مع فواصل الإبتسامة والمداعبة الصداقة النابعة من صميم علاقتنا الأخوية الطيبة، وفي صباح يوم الثلاثاء الحادي عشر من نوفمبر ٢٠٢٥م صحوت من النوم وعيني على رسالته الصباحية المعتادة والمحملة بأجمل الأدعية، أنا أشاهدها كل يوم وأرد عليها لتطمئن قلوبنا بأننا بخير، ولم أدري بأن هذه الرسالة هي آخر الرسائل والتواصل، فبعد ساعات قليلة وصلنا الخبر ( أحمد العجمي ) من حلة الحصن في ذمة الله، نزل علينا خبر الوفاة كالصاعقة، لم أصدق هذا الخبر المؤسف، لكنه أصبح واقع لتنهار أقدامي وأجهش بالبكاء.
الله .. الله .. ممكن تشغلنا الدنيا أحياننًا بركامها وحطامها، ولكن يبقى القلب للقلب يحن وبالاتصال أو للوصال يسعى مهما طال الوقت أو قصر، لكن حين تصلك رسالة تنبئك أن لا وصال بعد اليوم ولا لقاء في هذه الدنيا لمن كنت له واصلًا ولك متواصلًا، هنا تأخذك مسحة حزن كبيرة وأسى ولوعة فراق وألم فخبر الوفاة دومًا ما يعكر الأسماع فكيف إذا كان لأحد الأحباب وبصورة مفاجئة، وهذا ما حدث معي حين تسمرت في مكاني بخبر وفاة أخ عزيز وصديق وفيٍّ وكريم رحل عنا دون سابق إنذار أو أدنى إخطار، ذلكم الصديق الصادق وصاحب القلب الطاهر أخي (أبو خالد) أحمد بن عبدالله بن درويش العجمي والذي كان قمة في الأخلاق الكريمة والصفات الحميدة والقلب الصافي والصادق، نقي السريرة سليم الصدر، دمث الأخلاق أحسبه كذلك ولا أزكي على الله أحدًا، لم أطلبه في قضاء حاجة أو تلبية إجابة إلا وجدته يرد بكل سرور وبكل حب ووئام (أبشر أخي أبو أحمد) عبارة ملؤها التقدير والاحترام والأدب والمحبة والامتنان، ولذا لا تعجب حين ترى جنازة مهيبة وكبيرة يكتظ المسجد بها وتزدحم المقبرة بأعداد المشيعين والمعزين فالكل يعرف عنه طيب المعدن وسلامة القلب وقضاء الحاجة وتلبية الإجابة، زاملته منذُ الطفولة وجاورته في حلة الحصن بالخابورة سنين العمر، ورافقته بفريق اليرموك العريق حتى اعتزالنا كرة القدم فكنا من ضمن مؤسسي العميد اليرموكي .
رحل أحمد من دنيانا ولم نودعه ولم نشعر بقرب رحيله وهذه حال الدنيا وتقلباتها وحال الموت ومباغتته، ولكن حسبنا من ذلك وتسلية مصابنا فيه ثناء الناس عليه بعد وفاته وتعداد محاسنه ومآثره وكثرة من شهد جنازته في مسجد حلة الحصن كما وصلتنا من أخبار ونحن خارج البلاد، ونحن نشهد الله أنه نال من الثناء أجمله ومن المدح أكمله في حياته وبعد مماته، فاللهم أرحمه وأغفر له وتجاوز عنه وأجمعنا به وبمن نحب في هذه الدنيا وبوالدينا في جنات النعيم، اللهم آمين يارب العالمين.
( إنا لله وإنا إليه راجعون )
