يشهد القطاع العقاري في سلطنة عمان تحولا كبيرا، مدفوعا بالنمو السكاني والتوسع العمراني المتسارع. ورغم التحديات التي تواجهها شركات التطوير العقاري الوطنية، سواء من حيث الإمكانيات المالية أو الخبرات الفنية، إلا أنها أثبتت قدرتها على المنافسة والمساهمة في المشاريع الكبرى، مستفيدة من الدعم الحكومي والتسهيلات التي تهدف إلى تمكينها وتعزيز دورها في مسيرة العمل التنموي في ربوع هذا الوطن. وبدت الشركات الوطنية في اغلبها شريكا رئيسيا في تنفيذ مشاريع نوعية مثل مدينة السلطان هيثم، المشروع الذي يعكس رؤية طموحة لتطوير بيئة حضرية متكاملة. هذه الفرصة التي تفتح المجال أمام الشركات الوطنية لمنافسة نظيراتها الأجنبية، والاستفادة من حزمة التسهيلات المقدمة لتعزيز حضورها في السوق المحلي والعالمي، وبما في ذلك التسهيلات التمويلية والتشريعية التي تدعم نمو القطاع العقاري ضمن إطار رؤية عمان 2040، لتكون شركات التطوير العقارية جزءا مهما ومكملا من ذلك التوجه الذي يسمح لشركاتنا الوطنية أن تكون حاضرة ومتفاعلة من كل الخطط والبرامج التي تستهدفها الدولة من مشاريع التطوير العقاري في مختلف محافظات سلطنة عمان، ضمن الاستراتيجية العمرانية والسكانية المستهدف تنفيذها خاصة فيما يسمى بالمدن الكبرى. ولضمان نجاحها واستدامتها، تحتاج هذه شركات الوطنية إلى التفكير جديا في موضوع الاندماج عبر تكوين تحالفات قوية، سواء عبر الاندماج المؤسسي أو عقد شراكات دولية مع كيانات متخصصة تمتلك خبرة واسعة في بناء المدن الذكية والمستدامة. فالقطاع العقاري يشهد تغيرات متسارعة على كافة الأصعدة والمستويات، والمنافسة على هذا القطاع الحيوي المربح لم يعد تقتصر على تقديم مشاريع إسكانية تقليدية، بل تمتد إلى تطوير مجتمعات متكاملة تعتمد على أحدث التقنيات، وتراعي المعايير البيئية والمدن الذكية المستدامة، وهذا هو ما تعمل عليها الحكومة ممثلة في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، وهو تبني مشاريع لديها القدرة والإمكانيات في تلبية متطلبات المجتمع، وتلبي حاجة السوق، وتدعم جهود الاستثمار وتعزيز حضوره في مختلف المشاريع المستهدفة في خطط وتوجهات الحكومة القادمة سواء فيما يتعلق بالمدن السكنية الحديثة، أو بالنسبة للمشاريع الاستراتيجية المستهدفة، على سبيل المثال مشروع الداون تاون في منطقة الخوير، أو مشروع الجبل الأخضر. من المهم أيضًا أن توازن هذه الشركات بين الجانب التجاري واحتياجات المجتمع، من خلال توفير مساكن بأسعار تنافسية وجودة عالية، تتناسب مع الخصوصية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع العماني. وهنا، تلعب الحكومة دورا محوريا في دعم الراغبين في امتلاك منازلهم، عبر برامج تمويلية من بنك الإسكان العماني أو المؤسسات المالية الأخرى، مما يسهم في تحفيز الطلب على الوحدات السكنية، ويضمن استقرار السوق العقارية ونموه، ويلبي تطلعات واحتياجات الشباب الباحثين عن السكن المناسب لهم في هذه المدن، وهذه واحدة من الجوانب المهمة التي يجب على المخططين العمل عليها وهو توفير التسهيلات، ووسائل الدعم المختلفة، مع الاستثمار في الوحدات السكنية المناسبة التي تتناسب مع إمكانيات الفرد. إن ما تحقق حتى الآن يشير إلى أن القطاع العقاري العماني يسير في الاتجاه الصحيح، ولكن المرحلة المقبلة تتطلب مزيدًا من التطوير والابتكار. وما حققته العديد من شركاتنا العقارية محليا ودوليا من نجاحات يؤكد أن الدعم الحكومي واستثمار الفرص المتاحة يمكن أن يخلق شركات وطنية قوية قادرة على المنافسة محليًا وإقليميًا. وهذا ما يجب أن تسعى إليه جميع شركات التطوير العقاري، من خلال تعزيز قدراتها، وتبني أساليب بناء حديثة، وتوسيع نطاق مشاريعها بما يتماشى مع خطط التنمية الوطنية.ان المستقبل يحمل فرصا واعدة وكبيرة، لكن استثمارها يتطلب رؤية واضحة، وإرادة قوية، وقدرة على التكيف مع المتغيرات، لضمان أن تبقى الشركات الوطنية في مقدمة اللاعبين الأساسيين في المشهد العقاري العماني، وتساهم في تحقيق نهضة عمرانية مستدامة تخدم الأجيال القادمة، وهذا مع تعمل عليه الحكومة في المرحلة القادمة وهو بناء شركات تمتلك الخبرة، والإدارة المتكاملة لمواكبة متطلبات السوق واحتياجاته.
مصطفى المعمري