تعتبر الأساطير والحكايات الشعبية جزءاً أساسياً من التراث الثقافي للشعوب، إذ تحمل في طياتها القيم والأخلاقيات والمعتقدات التي تشكلت عبر العصور. تلعب الأساطير والحكايات الشعبية دوراً مهماً في تشكيل عقول الأجيال، إذ تمنحهم إطاراً لفهم العالم من حولهم وتساهم في تشكيل هويتهم الثقافية. لهذا، تأتي هذه المقالة لاستكشاف كيفية تأثير هذه الأساطير والحكايات في أذهان الأجيال المختلفة. إن الأساطير هي قصص خيالية تروى عادة لتفسير الظواهر الطبيعية أو المعتقدات الروحية. معظم الحضارات القديمة، من اليونانية إلى المصرية، استخدمت الأساطير لشرح الظواهر التي عجزت عن فهمها. هذا النمط من السرد يعلم الأجيال العودة إلى الجذور، ويحفزهم على البحث عن المعنى في التجارب اليومية. على سبيل المثال، أسطورة مثل أسطورة هرقل علمت الأجيال عن الشجاعة والتحمل، مما يجعلها نموذجاً يحتذى به. من ناحية أخرى، تقدم الحكايات الشعبية دروساً حياتية تمارس على شكل نصائح أو تحذيرات. تُعرف الحكايات الشعبية بلغة بسيطة وسهلة تجمع بين الواقعية والخيال، مما يسهل على الشباب استيعاب الرسائل الأساسية. تتناول مواضيع مثل الصداقة، الإيثار، والعدل، وهي قيم مهمة تُسهم في تكوين أخلاق الأفراد. يمثل الحكاية الشعبية «حنظلة» مثلاً نموذجاً يجسد أهمية الصبر والإصرار في مواجهة التحديات التي قد يواجهها الإنسان في حياته. وتعتبر أيضاً وسائل فعالة لنقل الثقافة من جيل إلى آخر. تعتمد الكثير من الشعوب على السرد الشفوي كوسيلة لنقل المعرفة والتاريخ. من خلال هذه الحكايات، يتم توثيق الأحداث التاريخية والتراث الثقافي، مما يساعد الأجيال الشابة على فهم تاريخهم وجذورهم. هذا التفاعل بين الأجيال يعزز العلاقة بين الماضي والحاضر، مما يخلق شعورًا بالانتماء والهوية. علاوة على ذلك، يمكن أن تشكل أدوات للتأمل النقدي والتفكير. تدعو العديد من الأساطير إلى التساؤل عن القيم والمبادئ، وتحفيز الأجيال على تحليل الأحداث بشكل أعمق. فعلى سبيل المثال، الأساطير الشرقية قد تظهر تضارب المصالح بين الخير والشر، مما يجعل الأجيال تقف عند تقاطع القيم الأخلاقية وتطوير رؤى شخصية حول الحق والباطل. إن الأساطير والحكايات الشعبية لها تأثير عميق على تشكيل عقول الأجيال. فهي لا تقتصر فقط على كونها قصصاً تُروى، بل هي أدوات تعليمية ونفسية وثقافية تساهم في نقل القيم والمعتقدات عبر الزمن. لذا، فإن الحفاظ على هذا التراث يعد من الأمور الضرورية لضمان استمرار تدفق المعرفة والقيم الإنسانية من جيل إلى جيل.
د. لولوة البورشيد