كتبه /
سعادة / ابراهيم بن سعد بن بيشان
سفير خادم الحرمين الشريفين لدى سلطنة عُمان
يسرني بهذه المناسبة أن أتقدم أصالة عن نفسي ونيابة عن كافة أعضاء بعثة المملكة العربية السعودية في سلطنة عُمان أن ارفع لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد سلطان عُمان -حفظه الله ورعاه- وحكومة سلطنة عُمان والشعب العُماني الشقيق بأسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة ذكرى اليوم الوطني لسلطنة عُمان الشقيقة، في هذه الذكرى الغالية على الجميع التي نستحضر فيها عمق العلاقات التاريخية بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان الشقيقة، حيث أضحت هذه العلاقات نموذجاً يحتذى به لشراكة راسخة ورؤية مشتركة نحو مستقبل مُشرق.
إن العلاقة بين البلدين الشقيقين تأسست على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة ووحدة المصير، تجمعها روابط تاريخية وثقافية وجغرافية عميقة بُنيت جذورها على التفاعل والتكامل بين الشعبين الشقيقين، وقد تجلت دبلوماسياً بعد تولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في سلطنة عُمان حيث قام في 11 ديسمبر عام 1971 بأول زيارة خارجية إلى المملكة العربية السعودية تلبية لدعوة تلقاها جلالته من أخيه جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمهما الله-، وفي 11 يوليو عام 2021م كانت المملكة العربية السعودية هي المحطة الخارجية الأولى لصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظّم بعد توليه مقاليد الحكم تلبية لدعوة أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله ورعاهما-لقد شكّلت الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين خلال الأعوام الأخيرة محطة فارقة في مسار العلاقات الثنائية، حيث أسهمت في توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، وأرست أسسًا جديدة للتعاون في مجالات الاستثمار، الطاقة، النقل، السياحة، والثقافة، ضمن رؤية طموحة تعكس تطلعات البلدين نحو مستقبلٍ مزدهر.
وفي وقتنا الحاضر تمضي العلاقات بين البلدين قُدماً في مسارٍٍ من التعاون والبناء المشترك، حيث شهدت تطورًا ملموسًا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظهما الله – إذ اتسمت بمرحلة جديدة من التقارب والتكامل الاستراتيجي في مختلف المجالات، وجاء تأسيس مجلس التنسيق السعودي العُماني ليكون إطارًا مؤسسيًا لتفعيل التعاون المشترك في كافة المجالات والتي منها يتم متابعة المشاريع والمبادرات المنبثقة عن رؤية السعودية 2030 ورؤية عُمان 2040 بما يحقق التكامل الاقتصادي المستدام.
لقد تنامى الجانب الاقتصادي ليصبح محورًا رئيسًا في مسار العلاقات السعودية العُمانية والتعاون بينهما، حيث شكل منفذ الربع الخالي أول منفذ بري مباشر بين البلدين تم افتتاحه في 11 ديسمبر 2021م وتبلغ مسافته 564 كيلومتراً ليكون نقلة نوعية في التبادل التجاري بين البلدين وتعزيز التجارة البينية، بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة ودعم مسيرة النمو الاقتصادي بينهما، لتحقيق مستهدفات رؤيتي البلدين اللتين تحملان في جوهرهما أهدافًا وطموحات مشتركة بتنويع الاقتصاد، وتحفيز الابتكار، وتعزيز الاستثمارات في القطاعات الحيوية، وكان له أهمية متزايدة في تسهيل حركة العبور بين البلدين الشقيقين، لتساهم في مد الجسور الاجتماعية حيث بلغ عدد العابرين من خلال المنفذ من شهر أكتوبر 2021م إلى نهاية شهر أغسطس2025م، 133,559 مواطن سعودي، و 616,377 مواطن عماني، و 685,981 من الأشقاء الخليجيين والعرب، والمقيمين والزائرين، حيث أصبحت سلطنة عُمان من أهم المقاصد السياحية للأسر السعودية إذ بلغ عدد الزوار القادمين حتى نهاية شهر أغسطس 2024م نحو 87 ألفًا و710 زائرين لما تتميز بها هذه البلاد من أصالة شعب وقيم اجتماعية وموروث ثقافي وطبيعة خلابة.
ووفق الاحصاءات الرسمية فأن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ خلال الـ10 سنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً، ومنذ يناير حتى سبتمبر 2025 م وصل حجم التبادل التجاري 1.882.310.265 ريال عُماني، حيث بلغ إجمالي واردات المملكة إلى السلطنة 932.121.862 ريال عُماني، وبلغ اجمالي صادرات السلطنة إلى المملكة 950.188.403 ريال عُماني، في حين بلغ عام 2024م حجم استثمار المملكة المباشر في السلطنة 82,7 مليون ريال عماني، وبلغ حجم استثمارات السلطنة المباشرة في المملكة 115,9 مليون ريال عماني.
وتتجه العلاقات بين البلدين الشقيقين نحو مرحلة جديدة من الشراكة المستقبلية، تشمل التعاون في الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، ومشروعات الربط الكهربائي والربط السككي الخليجي، إضافة إلى المبادرات السياحية المشتركة التي تستهدف تطوير المقاصد السياحية في البلدين عبر برامج تبادل وخطط تسويقية موحدة.
وتمثل العلاقة بين المملكة وسلطنة عُمان ركيزة أساسية في دعم منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتعكس التزام البلدين بتعزيز الاستقرار الإقليمي، وتنسيق المواقف السياسية والاقتصادية بما يخدم مصالح شعوب المنطقة.
إن العلاقات السعودية العُمانية اليوم تقف على أعتاب مرحلة جديدة من الازدهار والتكامل، تستند إلى تاريخٍ مشترك ورؤيةٍ موحدة لمستقبلٍ يقوم على التنمية والاستدامة والرخاء. وبفضل القيادة الحكيمة في البلدين، تتجدد روح التعاون بما يرسّخ مكانتهما كشريكين استراتيجيين يسهمان معًا في رسم ملامح مستقبل المنطقة المشرق.
سائلين الله في هذه الذكرى الغالية أن يديم على سلطنة عُمان بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- نعمة الأمن والتقدم والرخاء، ومزيداً من الازدهار.

