ارتفاع مساهمة السياحة ودورها في دعم التنويع الاقتصادي في سلطنة عمان

سلطنة عُمان ترسّخ موقعها كوجهة عالمية مستدامة تجمع بين الأصالة والحداثة

نمو متصاعد في المنشآت الفندقية إلى أكثر من 1300 منشأة و38 ألف غرفة فندقية

السياحة الداخلية تزدهر.. 13.6 مليون زائر محلي حتى نهاية الربع الثالث
موسم خريف صلالة يستقطب أكثر من مليون زائر بزيادة 2% عن العام الماضي

100 مليون ريال استثمارات جديدة في 36 مشروعًا سياحيًا خلال 9 أشهر
ترميم 1328 موقعًا أثريًا وتوسيع الجهود لتسجيل مواقع جديدة في قائمة التراث العالمي

إيرادات المنشآت الفندقية تتجاوز 293 مليون ريال بزيادة 6.1% مع ارتفاع نسب الإشغال وتحسن الخدمات
القطاع السياحي يمضي بخطى واثقة نحو المستقبل.. توازن بين استدامة النمو وصون الهوية الثقافية
11.5 مليار ريال استثمارات المجمعات السياحية المتكاملة تؤكد ثقة المستثمرين بالبيئة الاقتصادية العُمانية

حقق قطاع التراث والسياحة خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2025 أداءً متقدمًا يؤكد دوره المحوري في دعم مسيرة التنويع الاقتصادي، وترسيخ مكانة سلطنة عُمان كوجهة ثقافية وسياحية مستدامة تجمع بين الأصالة والحداثة. ويعكس الأداء نجاح وزارة التراث والسياحة في تنفيذ خططها التطويرية وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص بما يواكب مستهدفات رؤية عُمان 2040.
وبلغت القيمة المضافة المباشرة لقطاع السياحة نحو 873 مليون ريال عُماني، فيما وصل إجمالي الإنتاج السياحي إلى حوالي 1.99 مليار ريال عُماني، لتسهم السياحة بنسبة 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة، وهي نسبة تعزز موقع القطاع كأحد ركائز الاقتصاد غير النفطي.
كما بلغت الإيرادات الحكومية المحصّلة من أنشطة الوزارة حوالي 13.55 مليون ريال عُماني حتى نهاية سبتمبر، ما يعكس كفاءة الإدارة المالية للموارد السياحية وتنامي الإقبال على الأنشطة والخدمات المقدمة. وارتفعت إيرادات المنشآت الفندقية إلى 293.4 مليون ريال عُماني بزيادة نسبتها 6.1% عن العام السابق، نتيجة تحسن نسب الإشغال وتنوع البرامج السياحية.
وسجّل إجمالي عدد الزوار القادمين إلى السلطنة 2.83 مليون زائر حتى نهاية الربع الثالث من العام، بانخفاض طفيف نسبته 2.4% مقارنة بعام 2024، في حين ارتفع عدد الزوار المحليين إلى 13.6 مليون زائر بنسبة نمو بلغت 5.1%، الأمر الذي يعكس تنامي نشاط السياحة الداخلية والموسمية بفضل الفعاليات والمهرجانات المحلية.
كما بلغ عدد نزلاء المنشآت الفندقية 4.6 مليون نزيل، بزيادة قدرها 4.6%، ما يؤكد استمرار ثقة الزوار في الخدمات السياحية والبنية التحتية الحديثة التي وفرتها الوزارة بالتعاون مع شركائها.
وفي إطار الجهود الترويجية التي قامت بها الوزارة وتنفيذًا للخطة التسويقية السنوية، فقد قامت بفتح مكاتب تمثيل سياحية جديدة في عدد من الأسواق السياحية الهامة، كالسوق الصيني والروسي والإسباني، وجارٍ العمل على فتح مكتب تمثيل سياحي يشمل دول سنغافورة وإندونيسيا وماليزيا وتايلاند، ليصل عدد مكاتب التمثيل السياحي إلى 11 مكتبًا تقوم بتنفيذ حملات تسويقية في 25 دولة مع أكبر المؤسسات السياحية العالمية في هذه الأسواق، محققة عوائد اقتصادية مباشرة بلغت أكثر من 30 مليون ريال عُماني. أما على صعيد المعارض الخارجية، فقد شاركت الوزارة في أكثر من 20 معرضًا وفعالية خارجية أسهمت في خلق منصات جمعت المؤسسات السياحية العُمانية مع نظيراتها العالمية.
كما حصد جناح سلطنة عُمان في عدد من هذه المعارض جوائز لأفضل تصميم في فئة أجنحة الدول المشاركة، لتصميمه الذي يجمع بين الأصالة والطابع العصري، ويعكس الهوية الثقافية الغنية للسلطنة، ويتميز باستخدام تقنيات حديثة وشاشات رقمية تبرز المقومات والتجارب التراثية والسياحية.
كما واصلت الوزارة تعاونها مع أكبر المؤسسات الإعلامية العالمية، وكان أبرزها إطلاق حملة ترويجية تلفزيونية عبر شبكة CNN العالمية، حيث تم بث أفلام ترويجية في قنوات CNN USA وCNN EMEA. وشمل التعاون بث حلقة خاصة عن سلطنة عُمان ضمن برنامج Quest’s World of Wonder الذي يعد من البرامج الشهيرة على القناة.
كما شمل التعاون بث إعلان رقمي على الموقع الإلكتروني لشبكة CNN بلغ معدل ظهوره أكثر من 420 مليون مرة.

وفي قطاع السفن السياحية والرحلات العارضة، ونتيجة للبرنامج الترويجي المخصص لتنشيط هذه الأنماط السياحية، باشرت الوزارة في تنفيذ مخرجات ومبادرات دراسة قطاع السفن واليخوت السياحية مع الجهات ذات العلاقة بهدف تنظيم القطاع وتطوير البنية التحتية في الموانئ المخصصة لاستقبال السفن السياحية ورفع كفاءتها وتحسين مرافقها.
وبلغ عدد الرحلات العارضة لموسم 2024–2025 نحو 588 رحلة مقارنة بـ466 رحلة في الموسم 2023–2024، وبلغ عدد السياح 93 ألف زائر من مختلف الأسواق المستهدفة، محققًا هذا القطاع عائدًا اقتصاديًا يُقدّر بـ80 مليون دولار تشمل رسوم الإقامة والتنقلات والرحلات السياحية.
كما وقّعت الوزارة عقد شراكة عالمية مع مجموعة “الرجل الحديدي” المختصة بتنظيم الفعاليات والسباقات العالمية في السياحة الرياضية، وذلك لتنظيم 21 بطولة عالمية من بطولات “الرجل الحديدي” على مدى خمس سنوات ابتداءً من عام 2026، أهمها بطولة العالم للرجل الحديدي 70.3 وسباق الرجل الحديدي للمسافة الكاملة الذي يُنظَّم لأول مرة على مستوى الشرق الأوسط، إضافة إلى بطولة الشرق الأوسط للرجل الحديدي 70.3، إلى جانب سباق UTMB العالمي للجري الجبلي.
كما تم تنفيذ حملات ترويجية عبر منصات المجموعة العالمية والتواجد في مختلف سباقاتها للترويج عن سلطنة عُمان. ونُفذت مجموعة من الفعاليات السياحية المحلية بالشراكة مع الجهات الحكومية والخاصة بلغ عددها أكثر من 30 فعالية بعوائد اقتصادية تُقدّر بـ4 ملايين ريال عُماني.
وفي سياق الحملات الترويجية للمحافظات والمواسم السياحية، كانت حملة “صيفك خضر” لموسم خريف ظفار أبرز الحملات، إذ تضمنت برامج وحملات مشتركة مع الشركات السياحية وشركات الطيران الخليجية وخاصة من السوق السعودي، إلى جانب مؤتمرات صحفية في عدد من المدن الخليجية ولافتات إعلانية في أهم طرق تلك الدول.
ولأهمية التواصل والتنسيق مع شركاء القطاع السياحي، نفذت الوزارة عبر منصة دعم الشركاء منذ بداية العام العديد من الدورات التدريبية، كان أبرزها: دورة الاستراتيجية السياحية، ودورة رؤية عُمان 2040، ودورة المنتج السياحي، ودورة الذكاء الاصطناعي، وبلغ عدد المشاركين فيها أكثر من 100 مشارك.

وفي جانب البنية الفندقية والاستثمارات، بلغ عدد المنشآت الفندقية في السلطنة 1,309 منشآت مقارنة بـ1,022 منشأة في العام الماضي، في حين ارتفع عدد الغرف الفندقية إلى 38 ألف غرفة بنسبة نمو بلغت 7.9%. واستقرت نسب الإشغال عند 36.8% لكافة الفئات، بينما بلغت 52.6% في الفنادق المصنفة من ثلاث إلى خمس نجوم. وشهد العام توسعًا في المشاريع الإيوائية، حيث صدرت 383 موافقة مبدئية لمشاريع جديدة، ويجري العمل على 114 مشروعًا من المتوقع افتتاحها خلال الأعوام 2025–2027. وتجاوز حجم الاستثمارات في المجمعات السياحية المتكاملة 11.5 مليار ريال عُماني، ما يؤكد استمرار ثقة المستثمرين في السوق العُماني وتنامي الجدوى الاقتصادية للقطاع.
وبحسب بيان المركز الوطني للإحصاء، سجّل موسم خريف صلالة خلال الفترة 21 يونيو – 31 أغسطس 2025 نحو 1,027,255 زائرًا، بزيادة 2% عن نفس الفترة من عام 2024، ما يؤكد استمرار نجاح الموسم عامًا بعد آخر.
وفي جانب المخططات المستقبلية، أبرمت وزارة التراث والسياحة 36 عقد امتياز لتنفيذ مشروعات سياحية بقيمة إجمالية بلغت 100 مليون ريال عُماني خلال الفترة يناير – سبتمبر 2025، في تأكيد واضح على مضي الوزارة في تفعيل الإمكانات السياحية بالبلاد. كما تعمل الوزارة على إعداد ملف شامل لإدراج موقعي بسياء وسلوت الأثريين ضمن قائمة التراث العالمي، إلى جانب المواقع العُمانية المسجلة حاليًا.
أما في جانب القوى العاملة، فقد بلغ عدد العاملين في القطاع السياحي 169.8 ألف عامل حتى نهاية سبتمبر، بينهم 27.8% في الأنشطة التي تشرف عليها الوزارة، وارتفعت نسبة التعمين العامة إلى 10.9% مقابل 10.1% العام الماضي. ويُعد هذا التطور دليلاً على فاعلية برامج التدريب والتأهيل بالشراكة مع مؤسسات التعليم والشركات العاملة في القطاع، بما يسهم في تمكين الكفاءات الوطنية وتوسيع فرص العمل للشباب العُماني في مجالات السياحة والضيافة والإدارة والتسويق.
وفي مجال التراث، تواصلت جهود صون المواقع التاريخية والحفاظ على الموروث الوطني، حيث بلغ عدد المعالم التاريخية والأثرية المسجلة في السلطنة 3,655 موقعًا تشمل القلاع والحصون والمساجد والبيوت التراثية، وتم ترميم 1,328 موقعًا حتى نهاية الربع الثالث من العام.
وشهدت الوجهات التراثية إقبالًا متزايدًا من الزوار، وفي مقدمتها كهف الهوتة، الجبل الأخضر، محمية رأس الجنز، وبحيرات الأنصب، وهي مواقع تُسهم في تعزيز السياحة الثقافية وإبراز الهوية الحضارية للسلطنة.
وعلى المستوى الإقليمي، سجلت السلطنة أداءً متقدمًا ضمن دول مجلس التعاون، إذ بلغت نسبة إشغال الفنادق في مسقط 66.7%، وفي صلالة 56.7% خلال سبتمبر، وهي من أعلى المعدلات في المنطقة. ويُعزى ذلك إلى الجاذبية الطبيعية والهدوء البيئي الذي يميز التجربة السياحية في عُمان مقارنة بالأسواق الإقليمية المجاورة، كما أسهمت سياسة الوزارة في تنويع الأنشطة السياحية — من المغامرات إلى السياحة التراثية والبيئية — في تعزيز قدرة السلطنة على المنافسة في السوق الخليجي والعالمي.
ويمضي قطاع التراث والسياحة بثقة وثبات، محققًا توازنًا دقيقًا بين استدامة النمو الاقتصادي والحفاظ على الهوية الثقافية.
فالمشروعات الجارية، والاستثمارات المتنامية، والبرامج الوطنية للتعمين، كلها تشكل منظومة متكاملة تدفع بالقطاع نحو آفاق أرحب من التميز والابتكار، لتبقى عُمان وجهة تزدهر بثقافتها، وتتألق بجمالها، وتستقطب العالم بأصالتها وإنجازاتها.