د. صالح بن عبدالله الخمياسي
أن ترفع الأكف و تلهج الألسن دعاء و ترحما لشخص ما؛ فذلك قمة الأثر الطيب. هكذا هي خاتمة الوالد الشيخ سهيل بن سالم بهوان المخيني رحمه الله، الذي ودع الدنيا و من عليها، فنسأل الله له الرحمة والمغفرة، مبتهلين للمولى العلي القدير أن يسكنه الفردوس الأعلى في جنات النعيم.
عندما نستحضر ذكرى شخصية الوالد الشيخ سهيل بن سالم بن عبدالله بهوان المخيني رحمه الله و أسكنه فسيح جناته ونستخلص العوامل التي جعلت الناس في سلطنة عمان وخارجها، قاصيها و دانيها يحزنون لوفاته وتلهج ألسنتهم بالدعاء له والترحم عليه ويقابلوه الحب حبا صادقا؛ نجد أن ذلك يتمثل في سمات إنسانية ومهارات ناعمة كما تصفها أدبيات القيادة الحديثة تفرد بها فخلقت أثرا طيبا عنه في قلوب من عايشوه وعاشروه ونعموا بلمساته الإنسانية وسمعوا عن أريج خزامى سيرته العطرة والتي تمثلت في الآتي:
١- التواضع: يدرك كافة من تعامل معه وجلس بحضرته أو صادفه في مصعد أو مجلس أو خبره في موقف من المواقف الإنسانية أن التواضع يعد واسطة عقد سماته النبيلة رحمه الله، فقد تواضع رحمه الله ولم تنسه ثروته وحسبه و نسبه أنه إنسان في المقام الأول . كانت تلك السمة تدخل الإرتياح في نفوس قاصديه ومحدثيه وجلاسه و هم يروه يستقبلهم مبتسما و مرحبا، فكانت تلك السمة كفيلة بأن تترك الأثر الطيب والإنطباع الإيجابي الذي يدخل السرور والإرتياح في نفوس الناس وأن يرفع الله ذكره في قلوبهم فمن تواضع لله رفعه كما قال الشاعر:
تواضعْ تكنْ كالنجمِ لاحَ لناظرٍ
على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تكُ كالدخّان يرفع نفسه
إلى طبقات الجوّ وهو وضيع
٢- التعاطف: يعد التعاطف سمة تحرك الفرد من داخله فيحس ضميره ويتفاعل وجدانه لما يتعرض له الآخرين ويعانون منه ويشعرون به فيفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم ويمد يد العون لتسهيل ذلك الحمل الذي أثقل كاهلهم ويعيد البسمة إلى محياهم وهو مؤشر لمستوى الذكاء العاطفي لدى الإنسان، لقد كان التعاطف سمةً من السمات التي تميز بها الوالد الشيخ سهيل بهوان رحمه الله كقائد مبادر و إنسان متفاعل لما يجري في محيطه وبيئته من أحداث ومتغيرات بل تجاوز ذلك خارج بيئته، فقد كان يسعى لفك كربة المتأثرين والتخفيف من معاناتهم فبات وجهة يطرق بابها العديد ممن ضاقت بهم السبل وشاحت الحياة بوجهها عنهم.
٣- التصدق: مما عهد عنه رحمه الله أنه كان يجود لقاصديه ويمد لهم بما تيسر من فضل الله فقد كان سخي اليد يسعى لرسم البسمة على وجوه مرتادي بابه، ولا يردهم خاليي الوفاض، فلم يقتصر إنفاقه في حب الخير على قاصديه بل سعى هو ذاته مبادرا للوصول إلى المحتاجين فعمت يده البيضاء وسخاءه أرجاء سلطنة عمان وأهلها في مختلف ربوعها وإمتداد جغرافيتها فقابلوا جميل صنعه بالشكر والدعاء، فقد كان رحمه يدرك أن ما ينفقه يضاعفه الله له فزكى نفسه وسارع للإنفاق مدركا أن ما عند الله باق وهو تجارة رابحة مع المولى الجواد الكريم وآمن أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء.
٤- الريادة في العمل الخيري المؤسسي: لم يقتصر عطاءه على المستوى الفردي بل أن المؤرخ للعمل الخيري في سلطنة بإطاره المؤسسي سينقش اسمه واسم أخيه الشيخ سعود بهوان رحمهما الله في السطور الأولى لهذا القطاع الحيوي الذي يعد لبنة هامة من مكونات التنمية المستدامة في بلادنا الغالية.
فالمتتبع لعطاءه في هذا الجانب التنموي و خدماته تجاه المسؤولية الاجتماعية سيجد لمساته مرصعة في قطاعات متعددة منها القطاع التعليمي والقطاع الصحي والقطاع الاجتماعي ومؤسسات المجتمع المدني
وغيرها من المبادرات المتعددة التي كانت تثلج صدره وتدخل الفرح و الحبور إلى قلبه فقد حمل الوطن وإنسانه في قلبه فأحبه الجميع.
إن هذا العطاء المتواصل والسخاء المتعدد كان كفيلا بأن يولد الأثر الطيب و الحب المتبادل فلا عجب أن نسمع أحد الذين حضروا لتأدية واجب العزاء لأسرة الوالد الشيخ سهيل بهوان رحمه الله وأسكنه فسيح جناته يهمس قائلا هذا عزاء كل العمانيين.
إن مثل هؤلاء القامات من الشخصيات العمانية يجب أن يخلدهم المشهد الأدبي و الثقافي العماني وتجد سيرتهم طريقها إلى المناهج التعليمية وتنقش ذكراهم من خلال تخليد أسماءهم بتسمية مدرسة ما باسمهم أو طريق يجعل اسمهم خالدا و عطاءهم قدوة يقتدى بها، رحم الله الوالد الشيخ سهيل بهوان الذي حمل وطنه وإنسانه في قلبه فأحبه الجميع ليبقى أثره الطيب خالدا وتبقى سيرته قصة تحكى وترويها الأجيال.
———————————————————-
د. صالح الخمياسي
باحث و مدرب و كوتش في القيادة الذاتية و التغيير الشخصي.
