رصدت صحيفة “كريستيان ساينس مونتيور” The Christian Science Monitor تجربة رائدة نفذتها العالمة النفسية النمساوية دكتور إديت شلافر في مجال تدريب الأمهات كخط الدفاع الأول ضد خطر تعرض الأبناء لأن يصبحوا متطرفين.
وذكر تحقيق نشرته الصحيفة الأميركية أن دكتور شلافر شعرت بفخر كبير، عندما شهدت حفل تكريم 60 أماً في أحد المناطق الجنوبية في ألمانيا، حيث جرى تسليمهن مؤخرا شهادة الدبلوم الخاصة بمدارس الأمهات من وزيرة الشؤون الاجتماعية في بافاريا.
القوة الناعمة للأمهات
بدأت شلافر مناهجها الخاصة بمدارس الأم منذ 9 سنوات من أجل النساء في طاجيكستان اللائي كن قلقات بشأن تجنيد المتطرفين لأطفالهن. وأصبح البرنامج منذ ذلك الحين حركة عالمية، هدفها محاربة التطرف ليس باستخدام الجنود، ولكن من خلال الأمهات.
ويوجد حالياً في ألمانيا أول مجموعة من الخريجات، وهن أمهات لهن جذور من سوريا إلى الجزائر. تلقت الأمهات تدريبات على كيفية اكتشاف العلامات المبكرة للتطرف والتعامل معها بأساليب مثالية، بالإضافة إلى تعلمهن كيفية التواصل بشكل أفضل مع أبنائهن.
لحظة التتويج
وفي حفل التخرج، أدركت دكتور شلافر، أن جهودها الدؤوبة لجلب الأمهات إلى صدارة المعركة ضد الإرهاب بدأت تؤتي ثمارها. وقالت إنه بالنسبة للنساء اللائي نادراً ما تلقين أي نوع من التقدير في حياتهن، فإن تخرجهن الاحتفالي من مدارس الأم كان بمثابة “لحظة تتويج”.
واسترسلت دكتور شلافر، وهي أم لولدين وتعيش في فيينا، قائلة: “كانت هذه علامة واضحة على أنه، في نهاية المطاف، يجب على المجتمع أن ينظر إلى الأمهات كموارد يحتاج إلى أن يوليها الثقة والدعم”.
وأردفت مؤكدة: “إنهن حليفات أمننا. وبوضعهن فهن الأقرب إلى الأطفال الذين ربما يكونون في موضع الخطر”.
لقد وصل عدد الدارسات في مدارس الأمهات إلى حوالي 3000 امرأة من 16 دولة، بداية من تنزانيا إلى بنغلاديش ووصولاً إلى دول أوربية، من بينها النمسا وبلجيكا. ومنذ 3 سنوات منحتها كل من منظمة اليونسكو، وشبكة الوعي ضد التطرف في الاتحاد الأوربي لقب “أفضل نموذج للممارسات”.
من باحثة إلى ناشطة
لقد بدأ اهتمام دكتور شلافر بقضايا المرأة في فيينا منذ الستينيات، حيث كانت تدرس علم الاجتماع. وفى وقت لاحق، بدأت العمل كمحاضرة وباحثة في بلدان كانت تمر بمراحل أزمات، وفترات انتقالية لتوثيق تجارب النساء.
وأسفر ما شهدته دكتور شلافر من وقائع العنف والوحشية، التي كانت تمارس ضد اللاجئات من النساء والأطفال، إلى تحولها من باحثة إلى ناشطة.
ولذا فإنها أسست في عام 2001 منظمة “نساء بلا حدود”، التي لا تهدف للربح، وإنما تهدف إلى تمكين النساء ليصبحن عوامل تغيير في مجتمعاتهن.
نقطة البداية
كما قامت دكتور شلافر بإنشاء أول منصة نسائية في العالم لمكافحة الإرهاب باسم “أخوات ضد التطرف العنيف”.
وفي عام 2010، قررت إنشاء “مدارس الأم” بعدما تحدثت مع بعض الأمهات في طاجيكستان، أثناء مهمة بحثية هناك، واللاتي كن يواجهن مشكلة هروب أبناهن من المدارس ثم من بيوت أسرهم للانضمام إلى جماعات متطرفة.
وتتذكر دكتور شلافر أن الأمهات كنّ خائفات ومعزولات، وفي الوقت نفسه متحمسات لاستعادة النفوذ على أبنائهن، ولكنهن كن عاجزات ولا يعرفن كيفية تحقيق هدفهن.
الثقة بالنفس
تحصل الدارسات في “مدرسة الأم”، التي أنشأت دكتور شلافر عدة أفرع في دول أوربية مثل النمسا وبريطانيا وألمانيا، على التدريب مرة واحدة أسبوعيا، لمدة 10 أسابيع، حيث يتم مساعدتهن على تعزيز ثقتهن بأنفسهن، وتعليمهن كيفية مراقبة تطور الأطفال النفسي ومراقبة استخدامهم للإنترنت، ورصد علامات الخطر والتحذير.
وحول السر في نجاح التجربة، تقول دكتور شلافر إن “الأمهات لا يستسلمن”، إنهن “سوف يتعلقن بالقشة الأخيرة” دائما وهذا هو، ربما، هو أكبر مقومات قوة الأم.
المصدر: العربية.نت – جمال نازي
#عاشق_عمان