انتهتْ انتخابات مجلس الشورى للفترة التاسعة قبل عدة أيام، بكل ما فيها من أحداث وذكريات جميلة أو مؤلمة، وقد أصبحتْ من الماضي، وخلال الساعات القليلة المقبلة سوف يتم انتخاب رئيس مجلس الشورى لمدة أربعة أعوام من بداية العام المقبل 2020، والكل مُترقِّب ومُتابع مَن سيتم انتخابه من الأعضاء المترشحين لشرف الرئاسة، والتي أصبحت لبعض المراقبين أهم من الانتخابات لعضوية الشورى.
وزادتْ أهميتها بعدما ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بهاشتاجات (وسوم) وتغريدات بعضها يؤيد فلان أو ضد فلان، لدرجة أنَّ بعضها وصل إلى قمة “الترند” في تويتر، والبعض -كما هو منتشر أو يُقال- يقول أن المرشحين للرئاسة لم يكتفوا بذلك، بل وظفوا جميع الأدوات الضاغطة بالاتصال أو التزكية أو الضغط من خلال طرف ثانٍ أو ثالث لتجميع الأصوات قبل يوم التصويت لصالح فلان على حساب فلان آخر، وربما هذا حاصل في عالم الانتخابات إلى مدى معين، ما لم يتعدَّ الأعراف وقوانين البلاد.
وفي هذا المقام، يُمكن أن ترسل عدة رسائل، واحدة للمواطن وهو الناخب أو الناخبة الذي رشح عضو ولايته ليكون ممثلا لولايته في مجلس الشورى، والرسالة الثانية للأعضاء، وهم الذين تم انتخابهم ليكونوا مرشحين في المجلس سواء كانوا منتخبين جدد أو أعيد انتخابهم لهذه الدورة، والرسالة الأخيرة للرئيس المرشح الذي سوف يتم انتخابه بعد ساعات قليلة من الآن، والرسائل المرسلة ستبدأ بالمواطن وستنتهي بالرئيس والرسائل هي كالتالي:
– الرسالة الأولى: إلى المواطن؛ فهناك من يحاول أن يُوهِم الرأي العام أن المواطن ليس له علاقة بهذه الانتخابات، لكن الحقيقة أن المواطن هو داعم ومساند ومعاون لمرشحه في اتخاذ القرار الصحيح، وعليه أن يتواصل مع مرشحه ومرشح ولايته، ويذكِّره بضرورة وضع عمان أولا نصب عينه ووضع صلابة وقوة ومصداقية المجلس ثانيا، والابتعاد عن العلاقات الشخصية أو الوعود التي تلقاها أو الولاءات أو الضغوطات التي مُورست عليه مهما كانت قوتها في عملية الترشيح؛ فهذا القرار مصيريٌّ منذ يوم التصويت ولمدة 4 أعوام مقبلة.
– الرسالة الثانية: إلى عضو مجلس الشورى؛ عليك أيها العضو الفائز أن لا تستهين بقرار التصويت، وعليك أن تستحضر مصلحة وحاضر عمان ومستقبلها قبل أن تدنو من صندوق التصويت، ففضلا وتكرما أن ترشح من يتصف بتمكين المجلس من استخدام كافة الأدوات البرلمانية التي كفلها القانون ليكون قويا صلبا يحمل مصداقية جيدة أمام المواطن، الرئيس الذي ستكتب أن ينتخب هو الذي يستطيع أن ينتزع مزيدا من الصلاحيات بما يتناسب مع تحديات المرحلة، رئيس يتصف بالنزاهة والرؤية الثاقبة، يستطيع أن يجمع الجميع على كلمة سواء لأجل عمان، بعيدا عن الشللية والمحاباة والوعود الوهمية، التي تؤثر سلبيا على كفاءة عمل أمانة ولجان المجلس، رئيس يتبنَّى الكفاءات ونجوم المجلس ليكونوا أكثر نجومية وإنتاجا لصالح الصالح العام، صوِّت ورشِّح الأفضل والأجدر ليس لمصلحتك الخاصة الضيقة بل لصالح عمان، وتذكر أن هذا التصويت هو أول اختبار “سري” بينك وبين ضميرك، يمكنك من خلاله أن تؤدي الأمانة التي وضعها أبناء ولايتك فيك، وتثبت لنفسك على الأقل أنك اهلٌ لها وتستحقها عن جدارة واقتدار.
– الرسالة الثالثة والأخيرة: لمن سيتم انتخابه، أولا أنت تستحق التهنئة فألف مُبارك لهذه الثقة التي منحك إياها أعضاء المجلس بالأغلبية، لكن تذكر أن ما تحمله هو “أمانة” وليس “سلطة” على رؤوس الأعضاء، بل أمانة تتطلب منك عملا حثيثا مضنيا وجهودا مضاعفة، وعلاقات زمالة متوازنة مع زملائك الأعضاء من ناحية، وعلاقات صادقة مع باقي ممثلي الشعب من ناحية أخرى، ومع الحكومة من ناحية ثالثة، وعليك أن تُثبت أنك تستحق الرئاسة بجدارة، وليس بناء على مجاملات أو تزكيات أو ضغوطات، بل لأن الأعضاء ارتأوا أنك تتمتع بالنزاهة والحيادية والكفاءة والاتزان وقدرتك على إمساك العصا من المنتصف وعلى مسح الصورة الذهنية السلبية -لدى البعض- عن المجلس، وبث صورة مهيبة ديناميكية مغايرة للمجلس، وأخيرا فليتذكر الجميع -رئيسا وأعضاء- أنَّ المواطن أصبح الآن أكثر تقدما ووعيا ودراية، ويستطيع تمييز العمل الشكلي الهزيل والعمل الحقيقي المنتج، فلنحترم عقليته، ولتكونوا جميعا مُتوافقين مع تطلعاته وخير من يمثله في أعلى مجلس تشريعي رقابي.
خلفان الطوقي
#عاشق_عمان