يطلُّ مشروع توسعة مطار مسقط الدولي برأسه مجددا على المشهد الحالي؛ ليفتح هذه المرة المجال أمام تجاوزات لا ينبغي أن تمر (في رأيي) دُون مُحاسبة؛ لأن الخطأ أصبح واضحا وضوح الشمس في كبد السماء، وهو ما يتطلب معه أن تفتح الجهات الرقابية تحقيقا فوريا، لتضع الأمور في نصابها، دون محاباة ولا مجاملة.
وقد استحضرتُ وأنا أكتب هذا المقال، ذالك اليوم البديع من أيام عُمان الجميلة في العام 2006؛ حيث استبشر المواطنون خيرا عندما أعلنت الحكومة عن وضع حجر الأساس بتوسيع مطار مسقط؛ ليدخل مشروع المطار الجديد مرحلة التنفيذ كواحدة من أكبر المحطات العالمية حسب ما أُعلن في ذاك الوقت. وقتها، بدأت عجلة العمل تدور ليتحقِّق الموعد المحدد للافتتاح الرسمي للمطار عام 2014م، بما يفتح المجال أمام السلطنة لتدخل مرحلة جديدة كواجهة سياحية وثقافية بعد امتلاكها أحد أفخم المطارات على مستوى دول المنطقة.
… سيناريو المطار بدأ يتشكَّل في كلِّ مرحلة من مراحل المشروع، وكان المواطن يُراقب عن كثب الأعمال الإنشائية التي تعثَّرت في أكثر من مرة بإطلاق مبررات اقتنع بها البعض ورفضها آخرون.
وكَوْن مشروع المطار من المشاريع الإستراتيجية؛ فقد أزاحت الأقلام الصحفية الستار عن بعض الإخفاقات التي أدت لتأخر المشروع؛ فالمؤشرات حتى الآن لا توحي بإمكانية إنجاز المشروع في الموعد المحدَّد، وأكثر المتفائلين يرجِّحون أن المطار لن يكتمل قبل العام 2020.
وفي رأي البعض أنَّ وزارة القوى العاملة تتحمل جزءا كبيرا من هذا الإخفاق؛ وهو الأمر الذي يدفعني للحديث عن تغريدة عبر تويتر، أشرت فيها إلى خبر لوزارة القوى العاملة تعلن فيه ضبط أكثر من ألف وافد، وعلى الرغم من أن الوزارة لم تُشر إلى المكان التي تم فيه ضبط المخالفين، إلا أن المخالفين تم ضبطهم في مقر مشروع توسعة مطار مسقط؛ ليستنكر الجمهور معتبرا ذلك أمرا في غاية الخطورة؛ كون جهات حكومية معنية يُشار إليها بالبنان باتت في موضع اتهام.
وهو الأمر الذي يفتح المجال أمام العديد من علامات الاستفهام؛ فمشروع المطار منذ 2006 أهدرت فيه الملايين بسبب العديد من “الأخطاء”، واليوم يتكرر السيناريو ذاته ولكن بوجه آخر وهو “التجاوزات”.
إن مشروعا وطنيا تعوِّل عليه الدولة في رفد اقتصادها الوطني، تشيِّده عمالة مخالفة لقانوني الإقامة والعمل، وتشغلهم شركات تُصنَّف بالممتازة -وفق معايير وزارة القوى العاملة، ومجلس المناقصات- إنها حقا مُزحة مبكية….!
لتبرز التساؤلات مجددا: أين جهاز الرقابة المالية والإدارية، ومجلس المناقصات؟ وماذا عن بنود عقد المشروع؟ ومن المسؤول عن منح تصاريح لدخول أشخاص مخالفين لمنطقة محصَّنة لطبيعتها الإستراتيجية؟
إنَّ الموضوع برمَّته بات مثار جدل، وباتت معه تصريحات المسؤولين “اللطيفة” غير مجدية، فالمواطن على أرض هذه الأرض العامر يتطلع للحصول على إجابات شافية وشفافة.. وأناشد باسم كل المهمومين لهذا الوضع الجهات الرقابية والأمنية فتح تحقيق تعلن نتائجه وتكشف فيه الحقائق، وأن يُقتاد المسؤولون عن ذلك للمحاسبة.. ولكن: هل من الممكن أن تحمل لنا الأيام المقبلة مشهد لمسؤول يجلس على كرسي الاعتراف ويقول انا المخطىء
بقلم حمود بن علي الطوقي