هناك إشكال للأسف في الوعي المجتمعي
يرتفع اليوم الضجيج والهرج والمرج
ويعتبره أصحابه قوة بينما هو منقلب لا يعلم أين يلقي بهم وبأوطانهم! وفي دول الضجيج من حولنا وفي العالم دليل وبرهان!
ليس ” فاستخف قومه فأطاعوه” مقصورا على فرعون الحاكم… بل حتى أحيانا على فرعون الفكرة.. فرعون الهمج الجمعي.. همج من قال: “ربنا باعد بين أسفارنا”، وليس العيبُ في الفِرعَوْنَيْنِ وإنما العيب في المُستخَف بهم أنفسهم.. “إنهم كانوا قوما فاسقين” كما عبر الله الخالق في سرد وضعهم… إذ كانوا هم السبب، سبب استخفاف فرعون بهم في المثالين!
نعم مقابلة معالي وزير السياحة عليها ما عليها بعيدا عن مقولة “نعمل بصمت” التي شوهت للأسف بعد أن كانت تحكي قيمة جميلة وهي العمل دون ضجيج.. والذي دائما ما يكون مصحوبا طبعا بالتركيز والإخلاص والبعد عن كثير من الأمراض كالمنية والتدليس، والكذب والبهرجة الحرام.
يمكن تحميل الوزير زعمه بعيدا عن تشويه القيم.. وقلبها.. فالعمل بصمت من سمات الناجحين، إذ يكونون مقلي الحديث، مكثري العمل والإنتاج!
أصبح العمانيون للأسف “على ركاب الجمهور” ويتمثلون قول الراعي لبقرته يدعوها لمنافسة الخيل” مع الخيل يا شقرا”، ويحسبون في ذلك خيرا عميما متعلقين بجلجل “حرية التعبير” وكثير منهم تائهون مستعجلون الواحد منهم ” خاطف ويعق” دون أن يعطي لنفسه فرصة للتفكير وقد خرج علينا للأسف ما نرى من تمثيل لتشويه المعنى الزاكي والراقي والعظيم لتعبير ” نعمل بصمت” رغم أنهم هم أنفسهم قد يستأنسون بأمثلة من أشكال ” العربة الفارغة فقط من تصدر ضجيجا عاليا”
ليت نقد الوزير كان مثلا بضربه لواقع عُمان بالحرب العالمية في محاولة تعليل تأخرنا السياحي… ليته كان بتمسكه بدبلوماسية التعليل والبعد عن الاعتراف نقدا له قد يستفيد منه هو نفسه
وزير السياحة لو لم يكن إلا وجوده كما كان قبل أن يكون وزيرا للسياحة في منصات التواصل الاجتماعي وتعاطيه مع الناس بين وزراء كانوا هم أوجب منه في الظهور على هذه المنصات والتفاعل معها مع ما يشوبها من هرج ومرج، كما وزير الإعلام -فك الله أسر الإعلام منه- لو لم يكن إلا ذلك لكفى دليلا على صدق الرجل ورغبته في التغيير، الذي ربما يشحذ بالنقد الجريء العادل والمنطقي، ويعان بشكره في مقام، ونقده في مقام آخر بشكل عادل علمي رصين، وعمان في العين والقلب لا غير، كيف وهي نعمة الله الغالية على الجميع، وهي تخت ولدنا من بعدنا وحفيدنا… كيف لا نحفظ على مكتسب، وننتقد مقصرا دون أن نكون همجا ولا “صُجُّمْ بُجُّمْ” حيث مالت العيس ملنا.. ومن حيث نضح الناس نضحنا..
تبقى “نعمل بصمت” قيمة عالية، لا يجوز أن يحط من معناها محط، ولا أن يفرغها من قيمتها مدعٍ عجول، ويبقى أن وزير السياحة أمامه الكثير والكبير للتصحيح، وأن يدرك من ردة فعل الناس -ردا همجيا أو معتدلا- أن هناك خللا كبيرا في منظموتنا السياحية، يحتاج إلى الجهد العملي في الأرض، وإلى التسويق الحقيقي، والتسريع الاستعجال فيه، استعجالا منقطع النظير، وتفعيل إعلامنا (المعاق حاليا والمختطف) في خدمة ذلكم المتجه الوطني الكريم.. متمنين له السداد والتيسير والتوفيق لرفع هذا الوطن سياحيا ورفده -من خلال السياحة- ثقافيا ومعرفيا وترويجا كريما على مستوى العالم والإنسانية جمعا…
عبدالحميد بن حميد الجامعي
الجمعة
١٧ صفر ١٤٤٣ هـ
٢٤ سبتمبر ٢٠٢١ م