كما هو معلوم، ألغيت وزارة الاقتصاد الوطني في عام 2011، فمن يدير الملف الاقتصادي في الوقت الحالي؟ منذ ذلك الحين لا يمكن أن تحدد جهة واحدة وتشير إليها وتقول إنها تدير الملف الاقتصادي في عمان بالكامل.
فهل مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة هو المعني بالملف الاقتصادي؟ أم مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الاقتصادية، أم وزارة التجارة والصناعة، أم وزارة المالية، أم البنك المركزي العماني، أم المجلس الأعلى للتخطيط، أم جهاز الضرائب، أم الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات (إثراء)، أم الهيئة العامة للمناطق الصناعية (مدائن)، أم هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم أم وزارة القوى العاملة، أم مجموعة أسياد من خلال الموانئ أم المناطق الحرة أم مجلسا الشورى والدولة من خلال أعضائه أو على الأقل لجانهما الاقتصادية.. أم من بالضبط؟
يتضح مما ذكر أعلاه أنّ هناك جهات كثيرة من التي ذكرت أو لم تذكر تؤثر في الملف الاقتصادي بشكل أو آخر، فبالرغم من كثرة الجهات التي ذكرت، لكن لا يمكن أن يقال إنّ هذه الجهة أو تلك هي من يدير الملف الاقتصادي في البلاد، أو يشار إلى جهة معينة ويقال إنّها أكثر الجهات “تأثيرا” في الملف الاقتصادي، فهل تقاسم وتشتت الملف الاقتصادي بين عشرات الجهات من صالح عمان واقتصادها على المدى الحالي والمتوسط والبعيد؟ ألم يحن الوقت لنتساءل أين “مرجعية” القرارات الاقتصادية؟
تعدد الجهات يشجع المتتبع والمهتم على التحليل والتفكير بصوت عالٍ وطرح عدد من الأسئلة وأهم هذه الأسئلة: ترى من يدير الملف الاقتصادي؟ وهل تعدد الجهات مجدٍ أو مرهق لميزانية الدولة؟ وهل تعدد هذه الجهات يساهم في دعم القرارات الاقتصادية أو يعرقل سرعتها ويزيد من بيروقراطيتها؟ هل يوجد في دول الخليج العربي أو الدول العربية أو في العالم مثل هذا التعدد أو أنّه خصوصية عمانية خالصة؟ ألا يمكن دمج بعض الجهات ببعض لتكون أقوى وأسرع وأكثر رشاقة وتركيزا وتمكينا؟ هل هذه الجهات والهيئات تعمل في تناغم وانسجام وتنسيق وتخدم الملف الاقتصادي، أو أنّ تعددها يجعل الصلاحيات والمسؤوليات تتداخل وتتشابك في بعضها البعض وتتعقد الإجراءات والمعاملات ومع الوقت تكون مقاومة وغير قادرة أو مساهمة لأي تغير صحي ومفيد للمصلحة العامة والاقتصاد على وجه الخصوص؟ ألا تتوقعون أنّ تعدد هذه الجهات يجعل من رؤساء وحداتها متشبثين بآرائهم محاربين لبقاء وحداتهم على قيد الحياة، ولا يهمهم طرح أفكار الاندماج أو الإلغاء أو التقليص، فتتحول أهدافهم مع الوقت للبقاء والاستمرار وليس لمصلحة البلاد؟
التساؤلات والتفكير بصوت عال هدفه محاولة معرفة الجهة التي تدير الملف الاقتصادي أولا، وهل تعدد أو تقليص الجهات هو الخيار الأفضل لدعم الملف الاقتصادي، وهل جميع هذه الجهات لديها معرفة كاملة بأهمية تواجدها وكيفية خدمتها للملف الاقتصادي من خلال تطوير تشريعاتها إجراءاتها ولوائحها التنفيذية وأنظمتها الإلكترونية بما يتناسب والتغيرات الميدانية المتسارعة، هذه الأسئلة تكون “مشروعة” ونحن مقبلين على تطبيق رؤية عمان 2040، ودخولنا “طوعا” في تحقيق الأهداف الأممية للأمم المتحدة 2030، وقبولنا التحدي العالمي من خلال تقرير التنافسية العالمي الصادر من المنتدى الاقتصادي العالمي، كل ذلك يجعل مسؤولية متخذي القرارات وراسمي السياسات تقيم جدوى القرارات البشرية بين فترة وأخرى خاصة فيما يتعلق بالملفات الهامة والحيوية كالملف الاقتصادي الذي بكل تأكيد يؤثر على باقي الملفات في البلاد.
خلفان الطوقي
#عاشق_عمان