تنشأ وتستمر الحضارات بالفكر السليم والذي ينتج من سلوكيات ابناءها ابتداء من الاسرة الى البيئة المحيطة, فكلما تم تنشئة الابناء على الفكر السليم وغرس لديهم قيمة الفكر المصحوب بالسلوكيات اليومية الحسنة, كلما ساعد ذلك في تنشئة حضارة متينة تمتد وتنافس باقي الحضارات, فقد كان سابقا يطلق لفظ الامي على الذي لا يستطيع القراءة والكتابة, بعدها جاء لفظ امية التقنيات والتي تطلق على من لا يستطيع التعامل مع التقنيات الحديثة, الا ان في هذه السطور سنتحدث عن امية الحضارة من منظور آخر وهو امية السلوكيات التي من خلالها تنشء الامية الحضارية والتي تقود المجتمعات الى الهاوية, ونأتي في هذا السياق بذكر العنصر الاول من العناصر التي تنطلق منها امية الحضارات وهو عنصر “أمية التفكير” , فقد انتشر في هذا العصر تغييب العقول والذي بدأ من الاسرة التي لا تساعد اطفالها على ابداء الرأي والتفكر فيما حولها وكيف يأتي رزقها وكيف حركة هذا الكون المحيط بها, حيث تم تنشئتهم على الاهتمام والطعام والملبس وحسب, ومن ثم امتد ذلك الى المدرسة والتي انطلقت من مناهج تعليمية يتم التعامل معها كونها مفتاح للنجاح في الامتحان وبعدها الحصول على الوظيفة, التي من خلالها يستطيع الفرد البدء في تكوين اسرة جديدة مبنية على نفس النمط الروتيني المغيب, و ندر من يبدأ التفكر فيما حوله واذا تم ذلك من احد البشر يتم الكيل له بانه خارج عن المنظومة.
لذلك لابد ان نعيد التفكير في منظومة التربية في الاسرة وكذلك منظومة التعليم التي تغير من السلوكيات الفكرية السلبية الى السلوكيات الفكرية الايجابية, ولا نتناسى بان الخير يوجد في البشر, ونلتقيكم في الحلقة القادمة.
د خميس بن محمد الكندي
khamisalkindi@hotmail.com
#عاشق_عمان