تطرقنا في الحلقات السابقة لأربعة انواع من الامية الحضارية, ونأتي في هذه الحلقة لنعرض الامية الخامسة وهي “امية الاعتبار”, وهذا هو النوع الخامس من انواع الامية الحضارية والتي انتشرت في الاوساط المجتمعية, فنجد الكثير ممن يعلق على ما قام به الاخرين من سلوكيات سواء ايجابية او سلبية ولكن بدون اعتبار لما آل اليه الاخرين, فنجد القليل ممن يستفيد من سلوكيات الاخرين الايجابية ونجد القليل ممن يبتعد عن سلوكيات الاخرين السلبية, فلذلك يتكرر الوقوع فيما وقع فيه الاخرين, ونذكر من ذلك ما يأتي:
نجد من يتمتم دائما بان العاملين في المؤسسات الحكومية يتفننون في عرقلة الخدمات, وان خدماتهم لا ترقى للمستوى المطلوب وان تعاملاتهم اليومية ليست ذات كفاءة لمواكبة التطور, وفي المقابل نجد ذات الشخص الذي انتقد العاملين في المؤسسات الاخرى بانه يقوم بنفس الممارسات في تعاملاته مع المراجعين لمؤسسته ويتفنن في عرقلة خدمات المراجعين, وهذا يدل على امية الاعتبار.
نجد في التعاملات اليومية بالمجتمع ممن ينتقد ممارسات الاخرين في الشارع المجتمعي سواء ممارسات اخلاقية او سلوكية عملية مثل السرعة والتهور بالسياقة او ملابس او غيرها من الممارسات, لكن نجده يسعى ليقوم بها بعد ما ينتهي من الانتقاد, وهذا يدل على الامية الحضارية.
نشيع زملاؤنا ومعارفنا الى المثوى الاخير لكن نجد القليل ممن يعتبر بان الدنيا الى زوال ولا يبقى الا السيرة ان كانت حسنة او سيئة ولكن نجد الكثير ممن يسعى لممارسة سلوكيات ممن رحلوا بدون اعتبار, وهذا يدل على امية الاعتبار.
لذلك لابد ان نعيد التفكير في منظومة التربية الاسرية وكذلك منظومة التعليم التي تغير من السلوكيات الفكرية السلبية الى السلوكيات الفكرية الايجابية, ولا نتناسى بان الخير يوجد في البشر, ونلتقيكم في الحلقة القادمة.
د خميس بن محمد الكندي
khamisalkindi@hotmail.com