يتزايد التذمّر بشكل ملحوظ أيّنما ذهبت أو حللت؛ خاصة خلال الأعوام القليلة الماضية التي صادفت الأزمة الاقتصادية، والتذمّر حاله حال أي مرض معدٍ، فإنّه ينتشر بسرعة في المحيط الذي يقع في نطاقه، فبالرغم من جهود مركز التواصل الحكومي في توضيح بعض الحقائق والحالات بين فترة وأخرى، إلا أنّ حالة التذمّر وعدم الثقة لم يتم السيطرة عليها تمامًا، وربما في توسع؛ وذلك لأنّ المركز يُركِّز على القضايا الجوهرية التي ترصد وتحتاج إلى تدخل وتوضيح تلك الحقائق والمعلومات.
يرى كثيرًا من المواطنين أنّهم ضحية لسياسات الحكومة، فهم يرون أن الحكومة إن لم تحقق هدفا معينا، ذهبت للحلقة الأضعف والأسهل وهو المواطن، ورفعت عنه دعم المشتقات النفطية، وضاعفت فواتير جميع الخدمات الحكومية بصورة ملحوظة ومؤلمة، وأوقفت ترقيات موظفي الخدمة المدنية لعام ٢٠١١م وما بعدهم، وما ينطبق على الأفراد ينطبق أيضًا على أصحاب المؤسسات التجارية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، أضف إلى ذلك التوقعات التي تشير إلى إمكانية تطبيق ضريبة القيمة المضافة (VAT) في عام ٢٠٢١.
كثير من المواطنين يرون أنّ بعض المسؤولين فوق المحاسبة، فلا ترى أنّ هناك أهدافا مرسومة لكل جهة حكومية، مدعومة بمؤشرات أداء بالأرقام، ومعروفة بالاسم ما هي الوحدات والدوائر والأفراد المسؤولين عن تنفيذ هذا العمل أو المشروع المرتبط بهدف ما، ويرون أنّه من النادر محاسبة مسؤول أو موظف من مسؤوله الأعلى على تقصير في أدائه في تحقيق مؤشرات الأداء الموضوعة له منذ بداية العام- إن وجدت- أصلا، ومن النادر أن يحاسب مسؤول أو موظف على أي عملية اختلاس أو رشوة أو ما شابهها، إلا إذا فاحت رائحتها بشكل فاضح.
كثير من المواطنين وخاصة من يُطلق عليهم المتذمرون يتساءلون: لماذا لا يتم تقليص الوحدات الحكومية خاصة المتشابهة أو المتداخلة في الاختصاصات؟ ولماذا لا تكون هناك محاسبة نصف سنوية لكل جهة حكومية، ومقارنة المطلوب منها وماذا حققت فعليا؟ وماذا لم تحقق ولماذا الإخفاق إن وجد؟ وتستمر المطالبات والتساؤلات في مدى قدرة الحكومة على تطوير معايير الحوكمة ومواجهة الفساد وتطبيق ذلك فعليا، ومرونة تطوير قانون العمل الجاذب للعامل والمستثمر المحلي والأجنبي، وهل استطاعت الحكومة تطوير الموانئ والمناطق الصناعية والمناطق الحرة والقطاع السياحي والزراعي والسمكي والتعديني والصناعي والتكنولوجي وغيرها بنسب مقبولة يمكن من خلالها أن تساهم في نسب الدخل لخزينة الدولة، وتكون هذه القطاعات جاذبة ومنافسة مقارنة بغيرها من الدول خاصة القريبة منا، والتي يمكن مقارنتها بنا.
هل الحل يكمن في وضوح الرؤية وتحديد الأهداف ووضع معايير الأداء لكل مؤسسة وفرد، وتحديد أدوات الرقابة والتقييم والمحاسبة بشكل شفاف ومعلن؟ أم اللجوء إلى الحلول السهلة وفرض ضرائب ورفع الرسوم الحكومية وتقليل الدعم وتقليل الإنفاق الحكومي بغض النظر عن نتائج ذلك على الاقتصاد.؟!.
الخلاصة أنني وكثيرون معي يميلون إلى أنّ الحل يكمن في المحاسبة، وبدون التقييم الدوري والمحاسبة، لن يكون هناك تقدم ملحوظ أو تغيير هيكلي مطلوب.
خلفان الطوقي