من هنا يلوح بيديه الكريمتين ويتنقل ببصره من هذه النافذة إلى الأخرى لكي تصل تحيته الأبوية لأبناءه المصطفين على جنبات الطريق وهم يهتفون بطول عمره وبأن يحفظه المولى العلي القدير وأن يديم عليه نعمة الصحة والعافية .
من هنا يصرخ الصغير مبتهج المحيا مرتاح الأسارير وينتظر يوم الغد ليروي أصدقاءه الصغار من جيرانه كيف رأى بابا قابوس يسلم عليه وكان ضاحكا فرحا برؤيته بين الحضور ، يروي طفلنا البريء خلجات ذاته التي نالها الجموح لتنعم براحة بعد رؤية حبيبها المنتظر .
من هنا حلم الوطن والشعب بأن أباهم سيكون لهم ولن يرحل أبداً وباغتتهم الأماني بأن لا تقلقوا فهو بخير وسيكون لكم كيفما أردتم وذهبت خدودهم تتراقص خجلا ممزوجا بفرح وغبطة لن تنتهي .
من هنا يطوف بسيارات موكبه الميمون السامي ويقترب من مواطنيه وينظر حجم الحب والعشق والغرام التي تجمع قلبه وقلب أبناءه الأوفياء الذين قررا الارتباط وعدم الانفصال ولو حاكت الظروف من عقد مبطنة ونجحوا في توثيق علاقتهم وأعلنوها للعلن دونما استحياء .
من هنا طلب من سائقه الخاص بتخفيف السرعة ليتمكن من إشباع عينيه من بهجة المنظر الذي أمامه وفي داخله سؤال يا ترى أبهذا الكم تحبونني ؟
من هنا تتزين الطرقات والشوارع بلوحات وزينة وزخرفة تتلون بألوان العلم العماني الأصيل وحتى الأرض التي يمر عليها موكبه الميمون ينالها صهيل الفرح .
من هنا سأقف أحسد الحرس الخاص الذين يفتخرون بأمنهم لجلالة السلطان قابوس بن سعيد ( حفظه الله ورعاه ) ، بالله عليكم هل تريدون حظا موفقا أكثر من هذا ؟؟؟؟؟؟
ومن هناك طريقه ، هل لكم بنظرة على قبره ؟
يا لفضاعة الخبر ، كيف لنا بأن نصدق بأنه رحل ولن يعود ؟؟
ولكن قبل رحيلك عقولنا تزدحم بها مجموعة من الأسئلة ، فهلا أجبتنا على حل غموض غيابك :
إلى أين ذاهبا بموكبك يا ملوح اليدين ؟
إلى أين وجهتك يا باسم الخدين ؟
إلى أين سفرك يا بهجة الناظرين ؟
إلى أين جولتك يا كحيل العين ؟
إلى أين سترحل يا عبد العالمين ؟
إلى من سننظر بعد فقدك يا حنين ؟
إلى من ستبكي سريرة قلوبنا يا نسل السلاطين ؟
إلى من سنشكي ما بجوفنا من حزن يا أمين ؟
إلى من نقول وداعا ، هل تبقى ذكرى اسمك كنغمة صوتية فقط أم منبه تحتاج للحن رنين ؟
إلى من يهمه الأمر هل أنتم للفقد مستوعبين ؟
أنت الشخص ذاته الذي ينام تحت التراب ؟
أنت الشخص ذاته الذي لوح بيديه الغنية عن العتاب ؟
أنت الشخص ذاته الذي يتوسط موكبه إلى صحار في الذهاب والإياب ؟
أنت الشخص ذاته الذي يتوسط موكبه إلى المقبرة وكان المواطنون في مقدمة رؤية هول المصاب ؟
أنت الشخص ذاته الذي حضر الأعياد الوطنية كلها وغبت عنا في مناسبة وكانت لها الأسباب ؟
أنت الشخص ذاته الذي يصلى عليه الآن في جامعك الأكبر وبالتحديد في المحراب ؟
يا سادة إنه ذاته الشخص الذي حيانا بيديه الكريمتين وهو ذاته الشخص الذي نعيش في حداده الأربعين … في أمان الله يا سيدي يا زعيم السلاطين
محمد الوزير
#عاشق_عمان