هل تدبرتم الآية الكريمة، هل أيقنتم أنها أيام وليست شهوراً ولا أعواماً ولا دهورا وترحل معها الآلام … أربعون يوما مضت، ونحن نتجرع مرارتها وعلقمها، والقلوب صابرة على ما أبتلاها به رب العباد، والشمس أغمضت أجفانها حزنا، واغتسلت الأرض في يوم رحيله بدموع السماء، لقد كان مصابنا جللا في وفاة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، وعندما يتحدث أبناء الوطن عن السلطان قابوس رحمة الله عليه، اليوم وغدا والى أن تفنى الحياة فإن سحائب الحزن سرعان ما تتجمع لتغطي مساحات الزمن … أخذ الله سبحانه وتعالى وديعته، ولا نزكيه على الله، وبقي ميراثه الحضاري يرفرف في الأعالي، خالدا في وجدان أبناء عمان، وشعوب العالم قاطبة، ولم يهن عليه في خاتمة مشواره الخالد أن يودعنا دون أن تنثر ريح الحنون على موكبه السامي الأخير أزاهير الوداع، وتقطرت من الغيوم دمعات حرى تأبى الفراق… والجرح لا يبرأ. لكننا لسنا أيتام من بعد رحيله ابداً ولن نكون كذلك، إذ ترك لنا نهضة حارت في وصفها العقول، وأوصى بهيثم سلطانا يستكمل المسيرة والبناء وهذا هو أعظم الميراث.
فمن وسط العتمة تلألأ قمر يخطف بوهج ضيائه الأبصار، يعلق بشفاف الأفئدة، ويأسر النفوس والألباب، كيف لا وقد دون اسمه في الوصية، كيف لا وهو من نسل كريم، وسليل من رحل الذي ترك تجربة إبداعية متكاملة الأركان، سطرت اسمه في سجل الخالدين، وستبقى ذكراه حية ما دام الوطن وإنسانه باقين.
ترجل فارس ويحمل الراية من هو عليها يؤتمن ليكمل لوحتها، لتبقى في سجل السرمدية، وذكر فضائله واجب علينا قبل أن تكون حقا له، وهو بإذن الله سيبقي النوافذ مشرعة لعبور الحلم الفسيح، والابتعاد عن مآرب التيه والتخبط في دروب الكراهية والحسد، فهنيئا لبلادنا بهدية السماء، ويظل السلطان قابوس في بطن الثرى جسدا وفي الثريا وهجا تحفه ملائكة الرحمة… وسلام على أنفس أوجعتها الجراح، واثقلتها الهموم والأحزان فكتمتها بكلمة، الحمد لله، وتدبرت قولة تعالى: –
(وتلك الأيام نداولها بين الناس).
بدر بن عبد الله الهادي
#عاشق_عمان