لما كان الشجنُ هو الشجن، والحنين هو الحنين، اندفقت هذه القصيدة معارضةً لرائعة أخينا أبي داود سليمان بن ناصر الإسماعيلي، والتي مطلعها:
قلبٌ تَلاطَمَ فيه الشوقُ والنّارُ
يا “عيدُ” رِفقًا! أَمَا في الحبِّ إعذارُ؟
وهي قصيدة رائعةأزجاها إلى سناو الماجدة وشيخنا العلامة المربي حفظه الله ورعاه، وفيها ابتسامة العيد ومشاعر الحنين.
_
1- لا يطرق العيدُ من شطت به الدارُ
وغيَّبتهُ عن الأحباب أقطارُ
2- أكلما شدَّ نحو الدار راحلةً
تقاذفته أعاصيرٌ وأمطارُ؟!
3- وعاد يوقدُ في الصحراءِ خيبتهُ
مقدارَ ما أوقدت من صدره النارُ
4- أين الجنانً التي كانت معلَّقةً
على سناو أما فيهن أطيارُ؟!
5- يحملن مُنيةَ مشتاقٍ إلى سفرٍ
نحو الأحبة فالأطيار أسفارُ
6- أو النسيم الذي بالبنِّ مُختمِرٌ
يأتي ليخطفه في ركب من ساروا
7- تمرُّ ذكراهم مرَّ الغمام لهِ
في سفحِ خديَّ مدرار ومدرارُ
8- وهاتفاتٍ على غصن الحشاة لها
من أضلعي و ثقوب الصدر مزمارُ
9- ما كنتُ أحسبُ “بو منينِ” يتركني
على ظمايَ ولي في الوقب أسرار
10- ولا “المشقّ” الذي مازجته بدمي
يكون غايةَ وردي منهُ أشعارُ
11- إن الذين ادخرناهم لوقعتنا
حصنًا… قد انهار يا الله وانهاروا
12- إلا الأخلاء ممن كان ألَّفنا
على سناو علاقاتٌ وأسمارُ
13- القابضين على جمر الوفاء ولم
يكدر الدهرُ منهم وهو أكدارُ
14- المكثرين رمادَ الضيفِ ما فتئت
قدورهم تشتكي من حرها النارُ
15- غرَّ الوجوهِ كأنَّ اللهَ صوَّرهم
من نوره فهمُ للخلق أنوارُ
16- تجيئهم حاملًا هما تنوء به
شم الجبالِ فلا همٌ ولا عارُ
17- ويغمرونك بالنعمى ليعتذروا
وغاية الجود نعماءٌ وأعذارُ
18- ذاك الذي تعرفُ الجوزاءُ طالِعه
غُرًا وتعرفهُ بالدمعِ أسحارُ
19- وكيفَ لا تشرقُ الحسنى بطلعة مَن
أسراره من رحيق الوحيِ تشتارُ
20- المودعُ الغارَ صدرًا باتَ مرتجفًا
من خشية الله حتى دُكدك الغارُ
21- مقسِّمُ النفسِ منه في النفوس كما
تقسَّمتْ في حقول الأرض أنهارُ
22- وحاطمُ العمرِ أحجارا يشيد بها
صرحَ الهداية، لم توقفهُ أحجار
23- هذا بناؤك يُؤوي كلَّ ذي شرَفٍ
وكلَّ من شاقهُ للمجدِ أخطارُ
24- وكل أروعَ يعلو سرجَ سابحةٍ
وعزمه قبل كرِّ الخيلِ كرَّارُ
25- قرَّتْ بهم أعين الدنيا وطار بهم
ذكرٌ، فذكرهم للروح أذكارُ
26- صحبتهمْ ويكأنَّ الدهر في سِنةٍ
عني، فلما صحا شطَّت بيَ الدارُ
27- “فحال حكم النوى بيني وبينهم
هنا تيقنت أن الدهر” غدَّارُ
28- يا صحبتي في سناو الخير هذيْ يدي
أمدها ليس بين الصحب أسوار
29- وسامحوني إذا كانت مبللةً
فإنما ذاك للأشواق آثارُ
30- عما قريبٍ نراكم يا أحبتنا
وقد تلاشت غيابات وأستارُ
زاهر بن سعيد السابقي
الخامس من شوال 1441هـ
النبأ/ ولاية القابل