تشارك البحرية السلطانية العمانية ممثلة
بالمكتب الهيدروغرافي الوطني العماني ومديرية الهيدروغرافيا منظمة
الهيدروغرافيا الدولية والجهات ذات الصلة بالأنشطة الهيدروغرافية على
مستوى العالم الاحتفال باليوم العالمي للهيدروغرافيا تحت شعار “
الهيدروغرافيا تمكين التقنيات ذاتية القيادة” الذي يوافق الحادي والعشرين
من يونيو من كل عام.
وتعد الهيدروغرافيا واحدة من العلوم التطبيقية التي تتعامل مع قياس
ووصف السمات الفيزيائية للمحيطات والبحار والمناطق الساحلية
والبحيرات والأنهار ، وكذلك التنبؤ بتغيرها بمرور الوقت من أجل تأمين
سلامة الملاحة ودعم جميع الأنشطة البحرية الأخرى ، بما في ذلك التنمية
الاقتصادية والأمن والدفاع والبحث العلمي وحماية البيئة.
من ناحية أخرى تدعم الهيدروغرافيا كل نشاط مرتبط بالبحر، بما في ذلك
استغلال الموارد كصيد الأسماك والمعادن وحماية البيئة وإدارتها وترسيم
الحدود البحرية والبنى الأساسية للبيانات المكانية البحرية الوطنية والدفاع
والأمن البحري ومحاكاة التسونامي ومحاكاة الغمر وإدارة المناطق الساحلية
بالإضافة إلى السياحة والعلوم البحرية.
ويأتي شعار اليوم العالمي للهيدروغرافيا هذا العام بمسمى ( تمكين التقنيات
ذاتية القيادة ) حيث ينصب التركيز على الدور الرئيسي الذي يمكن أن تقوم
به لدعم التقنيات ذاتية القيادة المستخدمة في الأنشطة وتشمل التقنيات ذاتية
القيادة الطائرات المستخدمة لأغراض المسح الجوي والسطحي وتحت سطح
الماء وكذلك السفن ذاتية القيادة، واستخدام التقنيات ذاتية القيادة ليست جديدة،
فقد استخدم البحارة أنظمة مثل نظام الربان الآلي، وفي الآونة الأخيرة،
ساعدت السفن التي تعمل عن بعد مثل الطائرات الشراعية الموجهة في
إحراز تقدم ملحوظ لمعرفة طبيعة علوم المحيطات، ونشهد في الوقت
الحالي نماذج متقدمة من التكنولوجيا ذاتية القيادة والتطبيقات البحرية ذات
الانتشار الواسع، بالرغم من أن سفن المسح المستقل أو الذاتية توفر
معلومات جديدة وغير متوقعة عن قاع البحر ، إلا أنه لا بد من المزيد من
التطوير في العمليات لإيجاد طرق آمنة بيئياً للسفن البحرية السطحية ذاتية
القيادة (MASS) Maritime Autonomous Surface Ships التي
تتطلب توفر معلومات هيدروغرافية معتمدة ومحدثة.
وتجدر الإشارة أنه يمكن توفير هذه المعلومات في حد ذاتها عن طريق
المركبات السطحية ذاتية القيادة (ASV)Autonomous Surface
Vehicles وهي سفن بدون طاقم يتم التحكم بها عن بعد وتكون مبرمجة
حيث تعمل باستخدام الخوارزميات، أو باستخدام المركبات المغمورة ذاتية
القيادة (AUV)Autonomous Underwater Vehicles. وتتميز هذه
التقنيات في قدرتها على حمل أجهزة استشعار متعددة الحزم خفيفة الوزن
تستخدم لتوفير بيانات قياس الأعماق عالية الدقة للمناطق البحرية، وهذا من
شأنه أن يساعد على زيادة تغطية المناطق التي تفتقر للبيانات
الهيدروغرافية، ويوفر في الوقت ذاته أسسا لاختبار هذه التقنيات وجدواها.
ويسهم اليوم العالمي للهيدروغرافيا هذا العام في توفير مجموعة واسعة من
الفرص لنشر الأنشطة والخدمات التي تقدمها المكاتب الوطنية وأصحاب
الاستثمارات في الصناعة والمساهمون والخبراء والمجتمع العلمي من أجل
تقديم قدرات تقنية عالية المستوى تفي بالمتطلبات والذي بدوره يعزز
الملاحة البحرية الآمنة على مستوى العالم، وكذلك يمثل اليوم العالمي
للهيدروغرافيا فرصة للمنظمة الهيدروغرافية الدولية والدول الأعضاء البالغ
عددها (93) دولة على تأكيد التزامهم برفع مستوى الوعي والاستمرار في
تنسيق أنشطتها من خلال اللجان الإقليمية التابعة للمنظمة.
وفي الإطار نفسه يدعو اليوم العالمي للهيدروغرافيا في عام 2020م
أصحاب الأعمال والاستثمار وذوي الصلة بعلوم الهيدروغرافيا لإبراز
أهمية أنشطتهم والتي قد تتنوع لتشمل المبادرات التي تدعم سلامة الملاحة،
وحماية البيئة البحرية، وإدارة المناطق الساحلية، والبنى الأساسية للبيانات
المكانية البحرية، والدفاع والأمن، واستكشاف الموارد، وجميع المكونات
الأخرى للاقتصاد الأزرق.
ومن هذا المنطلق يجب أن يساهم تسليط الضوء على العمل المهم
للهيدروغرافيا في زيادة الوعي العام والسياسي بأهمية البحار والممرات
المائية.
وينبغي كذلك تقديم أرقام رئيسية عن الفوائد المكتسبة من البيانات
الهيدروغرافية الدقيقة والمحدثة في العديد من المجالات، على سبيل المثال،
الشحن المستدام أو التخطيط المكاني البحري الفعال.
ومن منظور دولي، تتضح وجهة نظر الأمم المتحدة حول أهمية
الهيدروغرافيا ففي 23 ديسمبر 2003، اعتمدت الجمعية العامة للأمم
المتحدة القرار A / RES / 58/240 بشأن المحيطات وقانون البحار الذي
تناول إلى حد كبير سلامة الملاحة.
وتؤكد الجمعية العامة في هذا القرار ترحيبها بعمل المنظمة الهيدروغرافية
الدولية ولجانها الإقليمية الـ (14) وتشجع زيادة عدد الدول الأعضاء في
المنظمة مشيرة إلى أن قدرة المنظمة على تقديم المساعدة التقنية، وتيسير
التدريب وتحديد مصادر التمويل المحتملة للتنمية أو التحسين للخدمات.
ومن ناحية أخرى تدعو المنظمة والمنظمة البحرية الدولية (IMO) إلى
مواصلة الجهود واتخاذ تدابير مشتركة بغية تشجيع المزيد من التعاون
والتنسيق الدوليين للانتقال إلى الخرائط الملاحية الإلكترونية؛ وزيادة تغطية
المعلومات على مستوى عالمي ، لا سيما في مناطق الملاحة والموانئ
الدولية و المناطق البحرية المعرضة للخطر أو المناطق المحمية، وكذلك
تدعو الجمعية العامة إلى تكثيف الجهود لبناء قدرات البلدان النامية لتحسين
الخدمات وإنتاج الخرائط الملاحية، بما في ذلك تمكين الموارد وبناء
القدرات.
وعلى الصعيد المحلي، تسعى السلطنة باعتبارها عضوا في المنظمة الدولية
للهيدروغرافيا (IHO) لتقديم خدمات متنوعة كما نصّت عليه الاتفاقية
الدولية لسلامة الأرواح في البحار (SOLAS) والتي وقعتها السلطنة وتم
اعتمادها في شهر نوفمبر 1999م حيث تلتزم السلطنة بتوفير وصيانة
الخدمات والمنتجات بموجب هذه الاتفاقيات.
وخلال العقود القليلة الماضية، ظهرت عوامل أكدت الحاجة للتغطية الكافية
للمسوحات الهيدروغرافية وإنتاج الخرائط الملاحية والمنشورات البحرية
على النحو المطلوب في (SOLAS) الفصل الخامس مثل ظهور سفن ذات
غاطس عميق بشكل استثنائي والحاجة لحماية البيئة البحرية وتغيير أنماط
التجارة البحرية والأهمية المتزايدة لموارد قاع البحار بالإضافة إلى تطبيق
قانون الأمم المتحدة لقانون البحار .
تجدر الإشارة أن السلطنة تتمتع بامتداد ساحلي طبيعي يغطي جميع الجزر
والخلجان والخيران ويمتد بطول إجمالي يبلغ (3165) كيلومترا وقد أولت
السلطنة اهتماماً كبيراً بالخدمات الهيدروغرافية بحكم موقعها الجغرافي
المهم الواقع على ملتقى طرق بحرية مهمة تربطها بالخليج العربي والهند
والبحر الأحمر وأفريقيا الشرقية وتشرف على أقدم وأهم ممر مائي للتجارة
البحرية وهو مضيق هرمز الذي يقع في الجزء الشمالي من السلطنة، ويعد
من أهم الممرات المائية في العالم، وقد سعت السلطنة إلى تطوير قدراتها
الهيدروغرافية للوصول إلى مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال، وذلك
من خلال الاهتمام بالموارد البشرية وتدريب العاملين من أجل تمكين
القدرات الوطنية وإنتاج الخرائط والكتب الملاحية تحقيقا لهدف تأمين
السلامة البحرية في المياه العمانية.
وتقوم وحدة المسح الهيدروغرافي بمهام توفير احتياجات السلطنة من
المسوحات الهيدروغرافية لتفي بمتطلبات البحرية السلطانية العمانية
والمتطلبات العسكرية والمدنية الأخرى.
كما تقوم هذه الوحدة بجميع مسوحات الشواطئ وأيضا إنشاء قاعدة بيانات
عن المد والجزر وتحديد العوامل المؤثرة عليه في جميع سواحل السلطنة.
كما أنها تقوم بمتابعة وصيانة ومعايرة أجهزة المد والجزر المنتشرة في
الموانئ الرئيسية في السلطنة، وتتم عمليات إنجاز المسح الهيدروغرافي
الميداني من خلال تضافر الجهود بين وحدة المسح الهيدروغرافي وسفن
البحرية السلطانية العمانية المتخصصة والمجهزة بنظام مسبار ذي تردد
صوتي متعدد الأشعة مع معدات أخرى تعد من أحدثها وفقاً لأحدث معايير
المسح الدولية.
وترتكز عمليات المسح الهيدروغرافية حالياً على تغطية المناطق البحرية
حسب المتطلبات العملياتية ومتطلبات خدمات الإسناد للمشاريع التنموية
المختلفة.
ومن جانب آخر يقوم المكتب الهيدروغرافي الوطني العماني باستخدام
البيانات التي تصدرها وحدة المسح الهيدروغرافي إلى جانب بيانات مختلفة
المصادر بإنتاج الخرائط الملاحية الورقية والإلكترونية.
ويبلغ مجمل الخرائط المنتجة 33 خريطة ملاحية حالياً بالإضافة إلى الكتب
الملاحية مثل كتاب عمان البحري وإصدار الإنذارات والإعلانات الملاحية.
وتماشياً مع التحول الرقمي دشن المكتب الهيدروغرافي الوطني العماني
الجيل الجديد من الخرائط الملاحية العمانية بالصيغة الإلكترونية بجانب
الخرائط الملاحية العمانية الورقية.
وأصبح التحول إلى الملاحة الإلكترونية مطلبا ضروريا يسهم في تحسين
الملاحة البحرية وسيوفر الوقت والجهد للملاحين بالسفن في التخطيط
الملاحي ورسم مسارات السفن والإبحار في المناطق الضيقة نظرا لما توفره
هذه الخرائط من معلومات تفصيلية ومتنوعة كالأعماق وغيرها من
المعلومات الهيدروغرافية التي تساهم في سلامة الملاحة البحرية.
ويتولى المكتب الهيدروغرافي الوطني العماني مهام إنتاج ومتابعة ضبط
جودة الخرائط المنتجة بالإضافة إلى تصحيح وتحديث الخرائط الملاحية
الإلكترونية في حين يقوم المركز الدولي للخرائط الالكترونية بمهام نشر
وتسويق الخرائط الإلكترونية العمانية والتي تعد نظاما رقميا متكاملا
للمعلومات الملاحية ويمثل عرضا بيانيا للمعلومات المبينة في الخرائط
الملاحية الورقية والمنشورات الملاحية بصورة رقمية تتوافق مع المعايير
والمواصفات القياسية المعتمدة الصادرة من منظمة الهيدروغرافيا الدولية.
تجدر الإشارة أن المكتب الهيدروغرافي الوطني العماني يوفر المعلومات و
المنتجات البحرية لدعم المشاريع التنموية المختلفة في السلطنة من خلال
دعم وإسناد المؤسسات الحكومية والخاصة التي تعنى بإدارة المناطق
الساحلية خصوصا المشاريع المتمثلة بإنشاء موانئ جديدة أو صيانة وتطوير
الموانئ القائمة، هذا وقد تم إنتاج خرائط ملاحية للموانئ العمانية مثل ميناء
صحار وميناء صلالة وميناء السلطان قابوس، ومؤخرا تم إنتاج خرائط
ملاحية لمينائي شناص والسويق بمقاييس رسم مختلفة ليتسنى لمستخدمي
هذه الموانئ معرفة جهات العبور وتفادي الأخطار عند دخول الموانئ وذلك
وفاءً بالتزامات المكتب بأدواره الوطنية وحفاظا على سلامة الملاحة في
المياه العمانية.
/ العمانية /