اطّلع عليه: د. محمد بن حمد العريمي
سيكون روّاد معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته المقبلة الرابعة والعشرين التي ستبدأ في الـعشرين من شهر فبراير الجاري، على موعد مع كتابٍ جديد ومهم يضاف إلى رفوف المكتبة التاريخية العمانية، ألا وهو كتاب (المجتمع العُماني في القرنين (4-5هـ/ 10-11م) من خلال بعض مسائل بيان الشرع لمحمد بن إبراهيم الكندي) للباحثة الدكتورة أحلام بنت حمود بن مبارك الجهورية، والصادر عن الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء ضمن إصداراتها المتنوعة لعام 2019 والتي تجاوزت الثلاثين إصدارًا.
وهدف الكتاب إلى التعرف على المجتمع العُماني في القرنين (4-5هـ/ 10-11م)، من خلال كتاب بيان الشرع الجامع للأصل والفرع للشيخ الفقيه محمد بن إبراهيم الكندي (ت: 508هـ/ 1115م)، حيث تم التركيز على رصد وتتبع بعض المظاهر والصور الاجتماعية المتنوعة في المجتمع، منها: تصنيف فئات المجتمع العُماني بحسب ما أوردته الفتاوى والمسائل الفقهية. والتعرف على أهم القضايا الأسرية والنزاعات المجتمعية، بالإضافة إلى توضيح مكانة المرأة الاجتماعية ودورها الاقتصادي وحضورها العلمي في المجتمع، ورصد صور متنوعة من العادات والتقاليد في المجتمع العُماني في الفترة موضوع الدراسة.
واعتمدت الباحثة المنهج التاريخي التحليلي في تقسيم الدراسة تاريخيًا، وتحليل الفتاوى والمسائل الفقهية، من خلال استقراء واحد وسبعين جزءًا من كتاب بيان الشرع، وقسّم الكتاب إلى مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة، حيث تناولت المقدمة نبذة عن طبيعة الدراسة وأهميتها وأهدافها وتقسيماتها، وإطارها الزماني والمكاني، والمنهجية المستخدمة فيها.
وتناول الفصل الأول حياة وعصر ومكانة الشيخ الفقيه محمد بن إبراهيم الكندي، ومناقشة أهمية كتاب بيان الشرع من خلال التعرف على آلية جمعه، ونسخ مخطوطاته، ومحتوى أجزائه وأهميته التاريخية والحضارية؛ أما الفصل الثاني فأوضح فئات المجتمع العُماني في ضوء الفتاوى والمسائل الفقهية، مع التركيز على أدوارها الاجتماعية، وخُصص الفصل الثالث للحديث عن الأُسرة والمجتمع، وتوضيح مكانة المرأة ودورها، ورصد صور متنوعة من العادات والتقاليد في: اللباس، والزينة، والأطعمة، والاحتفال، والترفيه والتداوي.
وتبرز أهمية الكتاب في تأكيده على أهمية المصنفات الفقهية العُمانية في دراسة التاريخ العُماني بصفة عامة، ودراسة التاريخ الاجتماعي بصفة خاصة، وإبراز الأهمية التاريخية والحضارية لكتاب بيان الشرع بين المصنفات الفقهية العُمانية، والمكانة العلمية لمؤلفه الشيخ محمد بن إبراهيم الكندي، كما بيّن فئات المجتمع في ضوء فتاوى بيان الشرع، وأهم القضايا الأُسرية والمجتمعية، بالإضافة إلى إبراز مكانة المرأة ودورها في المجتمع، ورصد التنوع في مظاهر التكافل الاجتماعي من خلال العناية ببعض الفئات المجتمعية، والمرافق العامّة، كما أوضح التنوع والثراء في عادات وتقاليد المجتمع العُماني.
وفي شهادته على الكتاب والتي نقتطف بعضها هنا يرى الأستاذ الدكتور إبراهيم القادري بوتشيش أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة مولاي إسماعيل بالمغرب أنه “يجسّد نقلة نوعية، ويحفر مجرى جديدًا في البحث التاريخي بالجامعة العُمانية، لأنه يروم النبش في قعر المجتمع العُماني، والغوص في طبقاته المترسبة، ويحوّل الاهتمام من الخاص إلى العام، ومن الفرد إلى الجماعة والبنيات والمؤسسات، ومن العرضي إلى المنظّم والثابت، وهو بذلك يمثل إسهاما في بناء التاريخ الاجتماعي العُماني أو ما يعرف بتاريخ الجذور، وقدمت الباحثة – عبر فصول متوازنة – لوحة متكاملة حول المجتمع العُماني بكل أطيافه وطبقاته من أئمة وولاة وعلماء، وأهل الذمة والجاليات المقيمة في عُمان، والتجار والحرفيين والفئات المهمّشة، فضلا عن رصد للعادات والتقاليد، وطقوس الاحتفالات، وكافة المظاهر الاجتماعية الأخرى، كما لم تحل موضوعيتها دون ذكر بعض مساوئ المجتمع بكل جرأة، خلافاً لبعض الدارسين الذين يقتصرون على الجوانب المضيئة فحسب، كما دعّمت المتون المستقاة من ” بيان الشرع” بمصادر أخرى، بغية استكمال الصورة العامة للمجتمع العُماني خلال المرحلة مدار الدراسة وحتى قبلها وبعدها، فكشفت عن مجموعة من القضايا التي أهملتها كتب التاريخ التقليدية”.
يُذكر أن الباحثة الدكتورة أحلام بنت حمود بن مبارك الجهورية حاصلة على شهادة الدكتوراه في التاريخ من جامعة السلطان قابوس، وتعمل باحثة تاريخية في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، ولها العديد من الدراسات وأوراق العمل التي نشرتها وقدمتها في عدد من المطبوعات والملتقيات العلمية من بينها: “قراءة في مكانة الشيخ جاعِد بن خميس الخروصي من خلال الألقاب والكُنى”، و”التكافل الاجتماعي في المجتمع العُماني في القرنين (4-5هـ/ 10-11م)”، و”القهوة بين الجدل الفقهي والمكانة الاقتصادية”، و”حضور المرأة في المصنفات الفقهية العُمانية (3-6هـ)، بيان الشرع لمحمد بن إبراهيم الكندي أنموذجا”، و” آل كندة ودورهم العلمي في عمان في القرنين (5-6هـ/ 11-12م)، و”المصطلحات الاجتماعية من خلال كتاب بيان الشرع في القرنين 4 و5هـ/ 10 و11م”، و “عُمان من خلال مجلة العربي، استطلاعات سليم زبال أنموذجا (قراءة تاريخية)، و”ملامح من الألقاب السياسية في وثائق أهل نزوى خلال القرن 14هـ/ 20م، كما أنها عضوة في العديد من الجمعيات واللجان من بينها لجنة التاريخ بالجمعية العُمانية للكتاب والأدباء.