هل تصدقون الرسائل التي تبعثها الأحلام إلينا وتنطوي بداخلها أسرار وحكايات لا نعرف خفاياها، لم إحاول في يوم من الأيام أن أعيش الخوف الذي ترسمه لنا الأحلام والأوهام ، ولربما هي وسيلة لإيصال أمر ما بطريقة أو بأخرى ولكن لحظات الحقيقة عند حدوثها تبدو أصعب بكثير من الحلم نفسه، فأكثر الأحلام أو الكوابيس تزول بمجرد أن تتغاضى عنها أو تقدم بعض المال كصدقة مخفية، لدفع بلاء ولتهدئ بها خوفك وتحدث نفسك إن كان خيراً فخير وإن كان شرا كفاك الله شره.
أما تحقق الحدث يبقى أثره في النفس ولو مرت الأيام والسنين فما فقدته لم يكن مالاً يعوض بل كان أثمن من ذلك.
لنعد إلى الحلم، حيث حلمت ليلتها أنني في أرض واسعة ولكنها خالية، ليس بها شجر ولا ثمر، ولا بيت ولا بشر، والسحب كثيفة جدا، ولا يُعرف الوقت هل هو صباح أم مساء وكأن الزمن توقف لحظتها، وفجأة بدأت الغيوم تتشكل بشكل مخيف وكأن فوهة من السماء فتحت لعالم آخر، وتغير لون السحب للون الأحمر الأرجواني وتساقط مطر كثيف، ولكنه ليس بمطر بل قطرات دم غليظة تتساقط على رأس هيام.
فتصحو من نومها فزعة تتصبب عرقاً وتنتفض خوفاً.
_ الحمد لله إنه حلم.
فتعوذت من الشيطان وغيرت اتجاه نومها ولكنها لم تستطع أن تحجم من ضربات قلبها المتعالية من الخوف.
حاولت أن تنسى ولكنها بعد عدة أيام رأت في نومها وكأنها تقف على طرف سفح جبل عظيم وتحته بحر ممتد بأمواجه المتلاطمة ولكنه أصبح أكثر عنفاً وقوة وهو يضرب جنبات الجبل الصامد الذي تقف عليه ، ليخرج من جوفه ثلاثة توابيت مختلفة الأحجام وكأنه يريد أن يخبرها برسالة ما ثم يبتلع البحر التوابيت الثلاث ليعود وكأن شيئا لم يكن.
تأكدت بأنها أمام أمر عظيم سيحدث لها وكأن الله يمهد لها ذلك لتتحمل ما سيحدث.
عدنا بالطائرة من صلاله إلى مسقط رأسنا، أنا وأختي الكبرى المتزوجة وزوجة أخي، وعند وصولنا للبيت انتابنا إحساس ثقيل بالكسل والنوم، وبالفعل نمنا نومة ثقيلة كنومة أهل الكهف، لم نشعر إلا بصوت رنين الهاتف البيتي يتردد صداه في البيت، فتلقيته وأنا ما أزال أقاوم النوم، وإذا بصوت خالي وهو يقول :
لا تصدقي أي مكالمة تصلكم إن لم تكن مني أو من أخيك.
وأغلق الهاتف.
إذا لقد بدأ العد التنازلي لمعرفة الحدث ولكن ماهو؟؟
وتهافتت علينا الاتصالات ونحن لا نعرف ماذا يحدث، ولكن صوت أخي كان السيف الفاصل الذي قسم ظهورنا بحديثه وهو يقول باكيا ومؤكدا :
إ كل أحبابنا، كلهم، راحوا راحو.
– كلهم
أمي، أخواتي الثلاث، وزوج أختي، لقد كانوا معا في مركبتهم في طريق العودة عن طريق البر، وانفجر إطارين للمركبة مما أدى لانقلابها عدة مرات، ولتخرج منه أول من خرج من أول دوران للمركبة، عاملة أختي الفلبينية، التي كانت تتوسطهم، كيف؟؟ حكمة من الله لا أحد يعلمها!!
أصيبت ببعض الكسور والخدوش.
تذكرت قول أخي الذي كان يقود المركبة الأخرى :
كنا نتقدمهم، وفجأة رأيت مركبتهم تنقلب والجثث تتقاذف منها، بكينا كثيرا، وما زلنا نبكيهم، ولكن؟؟ من لم يفقد شخصا غاليا وعزيزاً عليه، من لم يفقد أخاً أو أختاً أو أباً أو أماً أو ولداً أو بنتاً أو عماً أو خالاً يستند إليه.
منذ ذلك اليوم وليومنا هذا لم يعد لمنظر البحر جمال في عيني ولا يدخل في نفسي البهجة، بل يذكرني دوما بمن فقدت، وهل نسيت؟؟
هل ما زلتم تعتقدون أن الأحلام رسائل غيبية؟ أم ما زلتم تقولون أضغاث أحلام؟
إلهام بنت سالم السيابية