قد تخطأُ على أحد من أقربائك أو أصدقائك بقصد أو بدون قصد، فيسرها في نفسه، ويضمر لك حقداً وكراهية، وقد لا يتصالح معك أو يغفر لك زلتك، وهو يعلم علم اليقين أن الله الذي خلقك وخلقه غفور رحيم..
وقد تنتقد أداء مؤسسة ما بقصد الإصلاح، فيضمروا لك البأساء والضراء، وتكون هدفاً من أهداف الاستقصاء، وتأخير البت في معاملاتك إن لم يكن رفضها قطعياً..
وخلال مناوشاتي للتعاطي مع قضايا الصالح العام تعرضت للكثير من المواقف، ومنها رغبة أحد المتنفذين رفع اسمي إلى الجهة الأمنية بسبب الصداع الذي سبَبَتهُ أطروحاتي المتواصلة عن أزمة مياه الشرب التي تصدى لها المخلصون من أهالي الولاية بعزم وإصرار، فتم لهم ما أرادوا رغم أنف عبدة المصالح الخاصة..
ولا أنسى موقف إحدى الوزارات الرسمية بعد قيامي بنشر صورة واقعية عن أحد مرافقها الذي أكل عليه الدهر وشرب، فاتهمتني بمخالفة قواعد النشر، وارتكاب مخالفة أرادوا تصنيفها ضمن جرائم الأنترنت!!!
وعلى المستوى الدولي تزدحم السجون والمعتقلات بالآلاف من سجناء الرأي العام الذين لم يأتوا بكبيرة، غير أنهم قالوا كلمة الحق ولم يطبلوا للباطل، كما هو سائد في زماننا..
لكن ما حدث بالأمس من صدور عفو سامي عن أبناء عمان المقيمين خارج السلطنة لهو أمر عظيم يثلج الصدر، ويبهج النفس، ويدلل دلالة واضحة وضوح الشمس في وسط النهار بأن بلادنا تسير دائماً على نهج التسامح والإلفة والمحبة، ولا تحيد عن ذلك أبداً، أكان ذلك في تعاملها مع أبنائها الذين لا تعاملهم بجريرة أعمالهم حتى وإن أرغمتهم الظروف على الميل عن جادة الصواب، فهي تؤمن بأهمية عودتهم إلى حضنها الدافئ، وحصنها الآمن الحصين، وثقتها فيهم كبيرة جداً بأنهم سيسهمون كما أسهم من قبلهم في تنمية وازدهار هذا الوطن العزيز بإذن الله تعالى وتوفيقه..
وهذا هو ديدن السياسة العمانية حتى مع الدول الأخرى، وإن أخفت البعض منها ما الله مبديه، فلا تعاملها بالمثل، وذاك نهج سارت عليه عمان منذ الأزل ..
وهكذا يؤكد قائد النهضة العمانية المتجددة جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد يحفظه الله بأنه يسير على نهج من سبقه من أئمة وسلاطين عمان الذين ساروا جميعاً على منهجية عفى الله عما سلف، وأن العفو من شيم العظماء، فخلّد لهم التاريخ هذا الفضل بأحرف من ذهب..
عليه فقد بات علينا جميعاً استلهام هذا الدرس التسامحي العظيم في تعاطينا مع اختلافاتنا، وأن لا نسعى لإقصاء بعضنا البعض، وأن نعمل جميعاً بموجب أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية أكان ذلك في خلافاتنا الشخصية، أو عندما نتعاطى مع مصالح وهموم الوطن والمواطن ..
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكل أطياف هذا الوطن الكريم، في هذه الأرض الطيبة التي لا تعرف الشقاق والفتن.
مسهريات يكتبها ناصر بن مسهر العلوي