أتيح لي أن التقي صدفة برجل الأعمال والدبلوماسي السابق الأستاذ منير بن عبدالنبي مكي بالعاصمة اللبنانية بيروت، كان لقاءً جميلاً، وعادة عندما يلتقي العُمانيون صدفة خارج حدود الوطن يسكنهم ذلك العشق لتراب الوطن الغالي علينا جميعاً، ويفتدى بالنفس والنفيس، على ضفاف كورنيش بيروت وفي مقهى جميل مُطل على صخرة الروشة؛ حيث تدب الحياة بالحركة ممن يعشقون بيروت وأجواءها الجميلة.
وقال لي تخيل معي أنَّ سعر هذه الشقة المُطلة على هذا الكورنيش يساوي ملايين الريالات ويتسابق الأثرياء العرب لامتلاك الشقق رغم أسعارها المُرتفعة، هنا انحرف الحوار إلى الحديث عن الأموال العربية المهاجرة التي تبحث عن الطمأنينة قلت له لماذا لا ندعوها للاستثمار في عُمان. أذكر الحديث الجميل الذي تناول عدة محاور وكأننا أصحاب القرار نُخطط بما نراه مفيداً ومناسباً لنا، أذكر أنَّ الحديث تناول مقترح لماذا لا نشكل فريق عمل تفاوضي يبحث عن الأثرياء العرب ويدعوهم للاستثمار في بلادنا الحبيبة عُمان. هذا الحديث يتداول مجددا ويلوح في أفق حوار على الأموال العربية الضخمة المهاجرة نحو البيئات الأوروبية، أخذت مناخاً ارتكازياً هناك، لأنها تظنّ أنَّ البيئات الأوروبية أكثر ملاءمة لما يمكن أن يراه أصحاب تلك الأموال في حال من الأمان والاطمئنان.
بالأمس القريب التقيت الأخ والصديق معالي الدكتور سعيد الصقري وزير الاقتصاد، وكان أحد محاور حديثنا عن الجهود التي يتطلب للسلطنة تحقيقها نحو جذب الاستثمارات العربية والأموال المهاجرة وأن السلطنة من الدول التي حازت على قدر عالٍ من مناسيب الأمن والأمان الاقتصاديين، أي أن هذا التميز والسمعة الطيبة للسلطنة التي حازت على تصنيفات مشرّفة، تسمح لها بأن تكون مناخاً جديراً بالثقة لجذب المزيد من الاستثمارت العربية، وبحسب تقرير صادر من منظمة العمل العربية تقدر الأموال العربية المهاجرة بنحو 730 مليار دولار منها 365 ملياراً في الاتحاد الأوروبي.
السلطنة يمكنها أن تمهّد الطريق، لهذه الأموال ودعوتها للاستثمار في عُمان سواء من الناحية القانونية، أو الاستثمارية، أو الإجرائية، بما يتسق مع التوجهات التي تصبّ في صالح إنعاش الحراك الاقتصادي العُماني، عبر تفعيل ما لم يُفعّل من قبل، أو اقتراح مساحات استثمارية تتناسب مع المرحلة الحالية، أو المُستقبلية.
وأرى من الضروري تمهيد الطريق لجذب المال العربي المهاحر، فبدلاً من الاكتفاء بالنظر إليه وهو يتم تدويله في البيئات الأوروبية، نجد أنَّ الضرورة تقتضي النظر بعين المنطق إلى منجز السلطنة في تصنيفها العالمي، واستثمار تلك التصنيفات لجذب تلك الأموال أو جزء منها على أقل تقدير، والتعامل معها على أنَّها ممكنة العودة بعد الهجرة طويلة الأمد، ما دام المناخ آمناً للاستثمار، وجاذباً للربحية، وتنافسيًا على مستوى التواجد في الأسواق المحلية، تماشياً مع الواقع الذي يستدعي التعامل مع تلك الأموال بثقة ومساحة من الحرية
على الرغم مما يُحيط بالمنطقة – أوسطيا – من أزمات وحروب وعدم استقرار، إلا أنَّ ذلك يبقى شأناً داخلياً في تلك الدول.
والسلطنة – في مقارنة سريعة – آمنة مطمئنة في مختلف السياقات التي تحمي المال القادم للاستثمار فيها، لذلك نأمل في القريب العاجل أن نرى التفاتاً جادّاً ومرناً، ورسم صيغة توافقية مع المُستقبل، تتخذ من الموقف التصنيفي العالمي للسلطنة نقطة ارتكاز لما ينبغي صنعه حول جذب الأموال العربية والعُمانية المُهاجرة، وفتح الأبواب لها بشكل جديد ومُختلف ..لتكون السلطنة البيئة الجاذبة لهذه الأموال المهاجرة من اجل رفد الاقتصاد الوطني.
حمود بن علي الطوقي